تصاعد الصراع السعودي – الإماراتي والمؤامرة الكبرى على اليمن ووحدته

رفيق الحمودي /

في محاولات يصفها مراقبون بالعابثة تحاول دول العدوان (أمريكا وبريطانيا وفرنسا) مع أذنابهم (السعودية والإمارات) عبر تحالفها العدواني إلى إعادة الاستعمار القديم بقالب جديد يسعى لإعادة تدوير نفسه عبر الأدوات التي يمولونها داخل المحافظات الجنوبية، وهو الأمر الذي تؤكده الشواهد في الهدف الرئيس من تدخل الإمارات والسعودية في الشأن اليمني عسكرياً وسياسياً، بعد أن فشلت – بحسب خبراء عسكريين – في احتلال الشمال على المستوى العسكري، بفعل المقاومة واصطفاف الجبهة الداخلية في الدفاع عن الوطن، إلا أن المحافظات الجنوبية، سقطت بفعل تسهيل المرتزقة في الداخل في مهمة احتلالها لمصلحة الثلاثي الذي لم يخف تواجده في تلك المحافظات.

وبحسب سياسيين وعسكريين منذ بداية العدوان على اليمن في ال26 مارس 2015م تواجه اليمن مخططا ثلاثياً أمريكياً بريطانياً فرنسياً ينفذ أجنداته تحالف دول العدوان على اليمن المشارك فيه اصلا ذلك الثلاثي وبمشاركة أيضا العديد من الدول العربية والأجنبية بقيادة السعودية، لتمزيق وتقطيع أوصال اليمن وتدميره أرضا وإنسانا، وضرب وحدته الوطنية، وهو مخطط أصله مشروع استعماري بريطاني لفصل الهوية اليمنية، ووفقا لتصريحاته. يجد المجلس الانتقالي التابع للإمارات نفسه متصالحاً مع الاستعمار الجديد وركائزه في المنطقة من مشيخات الخليج، لإعادة تدوير المستعمر البريطاني الذي احتل جنوب اليمن لأكثر من قرن من الزمان وخرج مدحورا مذموما غير مأسوف عليه ليحاول اليوم – وفق معطيات الواقع – الرجوع وبأدوات وتحالفات جديدة تلتقي مع المصالح الإسرائيلية وبأيادي إماراتية، كيف لا وقد أضحت الإمارات المطبعة الأولى عربيا وعلنا ولا تجد حرجا في وقوفها إلى جانب عدو الأمة الكيان الإسرائيلي الغاصب، فكيف ستجد حرجا في وقوفها علنا بصف تقسيم اليمن والتآمر على وحدته الوطنية واحتلال أراضيه؟.

وفي تقارير دولية وثائق الأمم المتحدة فضحت السياسة الاستعمارية فيما سمي باتحاد الجنوب العربي، والتي كانت تسعى بريطانيا من خلاله في العام 1959 فصل الهوية اليمنية، وهو ما رفضته المحميات الشرقية، وبعض الأحزاب السياسية والنقابات والاتحادات العمالية، لتعود اليوم “بريطانيا” على ظهر دول التحالف الأخرى لاحتلال المحافظات الجنوبية عبر أدواتهما السعودية والإمارات ولتتقاسم تلك الدول – مجتمعة – العمليات العدائية ضد اليمن واليمنيين ومحاولات النيل من وحدتهم ومقدراتهم.

ووفق مهتمين بالشأن اليمني  بعد أن فشلت تلك الدول في حربها العسكرية طيلة ثمانية أعوام على اليمنيين والاستيلاء على أراضيهم ومقدراتهم هاهي اليوم تنفذ سيناريوهات التشطير عبر مرتزقتها الذين تدفع بهم وتغذيهم السعودية والإمارات في جنوب الوطن.

وحول سياسة تحالف دول العدوان باليمن وتحديدا بالجنوب اليمني تقف قيادات جنوبية عديدة ضد مشروع التقسيم الذي تخطط له وتمضي بالشروع بتنفيذه دول العدوان السعودي الإماراتي بل ومن تلك الشخصيات قيادات بمكونات للحراك الجنوبي ذاته ومنهم اللواء / خالد باراس – رئيس مكون الحراك الجنوبي في مؤتمر الحوار الذي قال: أن ثوار الـ14 من أكتوبر وقادتها هم من كل اليمن شمالاً وجنوباً والعامل الرئيسي الذي أكد ضرورة تحقيق الوحدة تمثل في الأحداث الدامية التي ابتدأت في 13يناير عام 1986م

مضيفا في حديثه لقناة “المسيرة”: أن تحقيق الوحدة يعد إنجازاً تاريخياً صنعه الشعب اليمني في الجنوب والشمال والحركة الوطنية اليمنية، وعلينا التنبه لما أصاب الوحدة من إشكالات والعمل على معالجة الجروح.

مؤكدا أنه لا يوجد مهدد للوحدة أكبر من الاحتلال والدور الأجنبي، والهدف الرئيسي للعدوان على بلدنا هو تفكيك وتقسيم اليمن، وأن الاحتلال السعودي الإماراتي يسعى لحرف بوصلة اهتماماتنا عن حقيقة أهدافه وممارساته الإجرامية، ووجود هذا الإحتلال وتدخلاته في كل شؤون حياتنا هو الذي يحول بيننا وبين تحقيق أي طموحات لبلدنا.

معتبرا في هذا السياق ان الحل يكمن في توحيد جهود اليمنيين لمواجهة العدو الخارجي الذي هو سبب كل معاناتنا، وأن لا خشية على يمني من يمني ولا على جنوبي من شمالي، والسبب وراء كل ما هو حاصل هو التدخل الأجنبي والعدوان على بلدنا وأن الدور الاستعماري البريطاني للجنوب سابقاً عبر سياسة فرق تسد هو ذاته الذي يتكرر اليوم عبر دور وسياسة البريطاني المستعمر.

ونوه رئيس تكتل الحراك الجنوبي بأن المؤتمر الأخير الذي عقده الانتقالي في حضرموت تم بإيعاز من المحتلين لترجمة سياسات التقسيم وأن إيجاد الاحتلال للتشكيلات المسلحة المتنوعة في المناطق الجنوبية المحتلة هدفه خلق الفتنة بين أبناء الجنوب واليمن ككل.

محذرا من التشكيلات التي أوجدها العدوان وفي صدارتها ما يسمى بالمجلس الانتقالي الذي يعد صنيعة إماراتية باعتراف الانتقالي نفسه معزيا وجود تلك التشكيلات لتُرسخ في أوساط جماهيرها بان وجود إبن الشمال يعد احتلال وتواجد الأجانب لا يُعد احتلال.

اللواء / خالد باراس – رئيس مكون الحراك الجنوبي في مؤتمر الحوار – قال أيضا: إن كل التشكيلات التي صنعها الاحتلال في المحافظات الجنوبية تعبر عن سياساته وتخدم أهدافه، وأن التواجد الأجنبي على أراضي المحافظات الجنوبية يعد من المخاطر التي تُوجب علينا توحيد الموقف وتجنب الإنقسام.

وشدد اللواء / خالد باراس، على أن مكون الحراك الجنوبي في مؤتمر الحوار والذي يترأسه هو كان قد اتخذ  موقف مبدئي لا يمكن الحياد عنه وهو موقف الرفض للعدوان علي اليمن والدعوة لمواجهته وأن طرد المحتل الأجنبي يجب أن يكون أحد الأهداف التي يلتقي كل اليمنيين حولها.

وفي سياق الصراع بين قطبي تحالف العدوان (السعودي – الإماراتي) على المحافظات الجنوبية وتجزئتها والجري المحموم في مناطق الطاقة في المنطقة الشرقية (حضرموت المهرة)، تتهم السعودية الإمارات بأنها من تقود مشروع تفكيك اليمن، حيث دفعت مؤخراً بمليشيات ما يسمى بالمجلس الإنتقالي للسيطرة على سيئون، رداً على اخراج المليشيات الاماراتية من مطار الريان واستبدالها بمليشيات سعودية.

فيما تهدد الإمارات السعودية بكشف تنظيماتها الإرهابية بالجنوب، فيما تمضي هي نحو سياستها الموصوفة بالتشطيرية بالجنوب اليمني والتي تهدف الى فك إرتباط الجنوب عن الشمال ومن ثم تجزئة الجنوب الى دويلات يسهل الاستيلاء عليها وقد شرعت بالاستيلاء على ارخبيل سقطرى بالفعل.

وفي إطار تبادل الإتهامات والتصريحات النارية بين السعودية والإمارات حول اقتسام المحافظات الجنوبية التي لا يملكونها أصلا.. يرى مراقبون أن ذلك الصراع يتم بضوء أخضر ودعم أمريكي بريطاني لقطبي العدوان(السعودية، والإمارات) وعن آخر التراشق بالتصريحات نشر مستشار بن زايد تغريدة كتب فيها، “أيهما الأنسب للدولة الفيدرالية المستقلة القادمة، دولة حضرموت العربية المتحدة، أم دولة الجنوب العربي”، ناشراً مع التغريدة صوراً لخريطة شطر اليمن الجنوبي وعلم الانتقالي وجواز سفر مفترض للدولة التي تعد الإمارات بها أتباعها في جنوب اليمن.

وحيال ذلك قال السياسي السعودي المحسوب على المخابرات علي العريشي، إن تغريدة عبدالخالق عبدالله مستشار حاكم الإمارات محمد بن زايد، وغيره الكثير من الإماراتيين تجعلهم في السعودية يتساءلون بجدية عن ما إذا كان المشروع الذي يقوده المجلس الانتقالي في الجنوب مشروع جنوبي أم مشروع إماراتي، في اتهام سعودي واضح بوقوف الإمارات خلف تفكيك اليمن. وهدد العريشي في تغريدة على حسابه بتويتر بحمام دم إزاء المشروع الإماراتي في اليمن، محملاً إياها المسؤولية “إذا تسبب هذه المشروع في صدام مسلح وإراقة لدماء اليمنيين”.

ووجهت السعودية تحذيرا إلى الإمارات، بفتح ملفات الاغتيالات والسجون السرية لقواتها والانتهاكات التي ارتكبتها في اليمن ، وذلك ردا على تدخل أبوظبي في محافظة حضرموت شرقي اليمن .

من ناحية ثانية أطلقت السعودية تهديداتها للإمارات بكشف ملفات السجون السرية والإنتهاكات الجسيمة والإغتيالات التي تمارسها الإمارات بحق مواطنين يمنيين في المحافظات الجنوبية، وقال الكاتب السياسي السعودي علي العريشي في تدوينة على (تويتر): “أي تهديد آخر لحضرموت أو لقيادات حضرمية أو محاولة لكسر إرادة الحضارم وحقهم في اتخاذ القرار بحرية كاملة، سوف يدفعنا لفتح ملفات ‎الاغتيالات والسجون السرية في جنوب ‎اليمن والانتهاكات الجسيمة التي يندى لها الجبين بحق مواطنين يمنيين والتي اقترفها ضباط غير يمنيين وبالوثائق”.

يأتي ذلك ردا على تهديد أطلقه الناشط الإماراتي المقرب من أمن الدولة منصور خلفان ، لأبناء حضرموت بفتح ما وصفها بـ”الملفات السوداء ونشر فيديوهات” لأي قيادات حضرمية ترفض المشاركة فيما أسماه بالحوار الجنوبي الذي نظمه ما يسمى بالمجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا في إشارة إلى أسلوب المخابرات الاماراتية في ابتزاز الموالين والمناوئين لأبوظبي عبر تسجيلات مرئية مخلة بالآداب.

في إطار آخر قال نائب مدير دائرة التوجيه المعنوي بوزارة الدفاع – العميد / عبد الله بن عامر :”ليس صحيحًا التأكيد أن السعودية تقف اليوم مع وحدة اليمن إذ إنَّ موقفها الحالي مؤقت ومرتبط بظروف المرحلة”.

وكشف “بن عامر” حقيقة الدور السعودي بقوله :

“السعودية لا ترفض التقسيم من حيث المبدأ ولكنها ترفض أن يكون التقسيم إماراتي من حيث التخطيط والتنفيذ والنتيجة”

وكان الباحث والمؤلف العميد / عبدالله بن عامر ، قد كشف أيضا حقيقة الدور الإماراتي بالجنوب وبمحافظة حضرموت تحديدا حيث قال:

“الإمارات نقلت صراعها مع السعودية في اليمن إلى حضرموت، وحديثها عن دولة حضرموت في جنوب اليمن، ليس إلا محاولة لمنع الرياض من استخدام ورقة حضرموت في مواجهة المشروع الإماراتي”

وتدافع صنعاء عبر قيادتها الثورية والسياسية عن اليمن ككل وليس عن المناطق التي تسيطر عليها بل وحذرت مؤخرا بلغة شديدة اللهجة من المساس بالوحدة اليمنية أو بمقدرات اليمنيين.

وعلى نفس الصعيد أكد عضو الوفد الوطني المفاوض عبد الملك العجري أن الوحدة اليمنية أهم المكتسبات الوطنية في اليمن وخط احمر وأن دول العدوان لا تسعى للإنفصال فقط بل لتفكيك اليمن

وقال العجري في تغريده له على تويتر : خاصموا انصار الله والسلطة الوطنية في صنعاء قدر ما تستطيعون لكن الجمهورية والوحدة، أهم المكتسبات الوطنية في اليمن الحديث، خط أحمر دونه خرط القتاد وشت الرماد. واضاف أن دول العدوان لا تسعى للانفصال بل إلى تفكيك اليمن الى كانتونات وسلطنات ومشيخيات في الشمال والجنوب يضرب بعضها بعضا.

وتابع: وبالنسبة للأخوة في مكونات الحراك الجنوبي نقدر الامتعاض الذي ولدته وحدة الضم والالحاق عقيب حرب صيف 94م لكن نعتقد أن المشكلة كانت في نظام الوحدة وليس في مبدأ الوحدة ويمكن حل ذلك بالحوار باعتبارها قضية وطنية الجميع معني بها، سيما وأن وضعكم التفاوضي أصبح أفضل من ذي قبل يساعدكم على تحقيق العدالة في الوحدة وعلى مبدأ ما نقص عن العدل ظلم وما زاد على العدل ظلم أيضا كما قال السيد القائد..

وتتسع دائرة الصراع بين السعودية والإمارات لتتضح اكثر فأكثر ملامح المؤامرة الكبرى التي باتت تشهدها اليمن ووحدته وحيال ذلك يرى مراقبون أنه ينبغي على القوى والمكونات الجنوبية أن تتنبه للمؤامرات التي تحاك ضد المحافظات الجنوبية وضد الوطن اليمني ككل وأن عليهم أن يدركوا أن صراع دول تحالف العدوان وفي مقدمتها السعودية والإمارات إنما هو صراع المصالح لتقسيم اليمن ونهب خيراته وليس حبا في خير لليمن أو لأبنائه.

قد يعجبك ايضا