القمة العربية في جدة.. والهستيريا الإسرائيلية
يبدو ان نجاح القمة العربية التي عقدت في جدة، في لّم شمل العرب، بعد عقد من الصراعات والتشتت والنزاعات، وكذلك نجاح القمة في اتخاذ موقف يتناقض كليا مع الموقف الامريكي، من عودة سوريا الى الجامعة العربية، وكذلك من التقارب السعودي الايراني، يبدو ان هذه النجاحات اصابت اسرائيل بحالة من الهستيريا، وهي ترى، حلمها في تشكيل حلف ناتو جديد، يضمها الى جانب بعض الانظمة العربية، قد تبخر.
زعماء اسرئيل، خاصة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يصرحون بمناسبة او بدونها، انهم على وشك التطبيع مع السعودية، وان هناك مؤشرات على استعداد بعض الدول العربية ان تتحالف مع اسرائيل ضد ايران، الا ان التطورات على الارض كشفت اكاذيب الاسرائيليين، فالسعودية لم تطبع مع اسرائيل فحسب، بل انها استأنفت علاقاتها مع ايران، كما ان هناك انباء تتحدث عن احتمال عودة العلاقات الايرانية المصرية، وجميعها انباء وقعت كالصاعقة على زعماء اسرائيل، ومن قبلهم الادارة الامريكية، التي عارضت وبشكل علني اي تقارب سعودي مع ايران، كما رفضت تطبيع العرب مع سوريا، وتعمل على استصدار قانون يمكن ان تعاقب بموجبه كل دولة عربية تطبع مع سوريا.
من اهم عوارض الجنون الاسرائيلي ازاء هذه التطورات، كان عقد الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو جلستها الأسبوعية داخل نفق أسفل الناحية الغربية من المسجد الأقصى احتفاء بالذكرى الـ56 لاحتلال القدس، وفي مستهل الجلسة قال نتنياهو إن إسرائيل وحدت مدينة القدس بعد الحرب، قبل 56 عاما، لكن معركة توحيدها لا تزال مستمرة، على حد قوله.
قبل ساعات من هذا التصرف الجنوني، اقتحم وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير ساحات المسجد الأقصى برفقة مجموعة من المستوطنين وتحت حماية شرطة الاحتلال، وقال “نحن أصحاب القدس”.
ونفذ المستوطنون، الذين اقتحموا المسجد الأقصى من جهة باب المغاربة على شكل مجموعات متتالية، جولات استفزازية في ساحاته، وتلقوا شروحات عن “الهيكل” المزعوم، وأدوا طقوسا تلمودية في المنطقة الشرقية منه وقبالة قبة الصخرة.
رغم ان اجتماع الحكومة الاسرائيلية في نفق تحت المسجد الاقصى، واقتحامات العنصري المتطرف بن غفير للمسجد الاقصي، هي محاولات لفرض واقع جديد على المدينة المقدسة وخاصة المسجد الاقصى، وهو واقع مزيف لا تؤيده حقائق التاريخ، كما انه ليس بامكان العنجهية والغطرسة الصهيونية فرضه بالقوة، فهذا الكيان ومنذ عقود طويلة وهو يحفر تحت الارض بحثا عن اثار الهيكل المزعوم ولكن دون جدوى، كما انه عاجز عن فرض رؤيته المزيفة على المسجد الاقصى، لوجود المقاومة الفلسطينية والرفض الشعبي الفلسطيني، إلا ان جانبا من هذه المحاولات، جاء كرد فعل ازاء التطورات السياسية الايجابية المتسارعة التي شهدتها المنطقة، والتي تتناقض مع السياسة الاسرائيلية.
ان اي تقارب عربي- عربي او عربي- ايراني، لا يصب في مصلحة اسرائيل، ومصلحة اسرائيل تكمن في خلق الفتن والنزاعات بين دول المنطقة، وهذه الحقيقة، اعلن عنها زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، وبشكل علني ومكشوف، عندما علق على الانباء التي تتحدث عن وجود مساع للتقريب بين ايران ومصر، بقوله في تغريدة عبر حسابه على “تويتر”: إن “التقارب بين مصر وإيران يتعارض مع المصالح الإسرائيلية والإقليمية”.
من خلال هذه الهستيريا الاسرائيلية، يمكننا الاستنتاج ان العرب والمسلمين، وخاصة في منطقة الشرق الاوسط، يتحركون على الطريق الصحيح، وان القمة العربية في جدة، هي خطوة مهمة على طريق حل الازمات الاقليمية التي اختلقتها امريكا لدولها، وإلا لما كنا نشهد مثل هذا الجنون وهذه الهستيريا الاسرائيلية والغضب الامريكي.
-
ماجاء في المقال لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع