هل تطوي منطقة الشرق الأوسط صفحة الخصومة بين أبناء الدين الواحد؟

 منذ الاعلان عن الاتفاق الايراني السعودي، على استئناف العلاقات بينهما،  تشهد نزاعات وازمات منطقة الشرق الاوسط، انفراجات وحلولا وحلحلة، بشكل متسارع ولافت، فاقت توقعات اكثر المراقبين تفاؤلا.

اللافت ان سرعة وتيرة تسوية النزاعات والازمات الاقليمية، فاجأت حتى امريكا، التي عادة ما تقدم نفسها على انها الاعلم بخفايا المنطقة ، حتى اكثر من دولها وحكوماتها. واللافت اكثر ان بعض التطورت التي تشهدها المنطقة اليوم تتناقض مع السياسة الامريكية في المنطقة، وهو ما يؤكد ان امريكا هي ايضا اخذت على حين غرة.

التطورات الدراماتيكية التي تشهدها المنطقة تؤكد ان امريكا تفاجأت بالاتفاق الايراني السعودي، ومنها:

-الزيارة التي قام بها وزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان الى دمشق، بهدف دعوة الرئيس السوري بشار الاسد لزيارة السعودية، وقبلها الزيارات التي قام بها مسؤولون عرب بينهم اماراتيون الى سوريا، وهي زيارات لا تحبذها امريكا فحسب، بل ترفضها ايضا، فامريكا تسعى الى محاصرة سوريا وعزلها، بهدف الابقاء على الازمة السورية، مستعرة، من اجل استنزاف المنطقة ، خدمة لاسرائيل حصرا.

-تراجع اندفاعة التطبيع مع اسرائيل، فالسعودية مازالت تقاوم كل الضغوط التي تمارسها ضدها امريكا من اجل دفعها للتطبيع مع اسرائيل،  وكذلك مازالت تقاوم اصرار رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو، والتي قاربت حتى التوسل، من اجل التطبيع ، ولكن دون جدوى.

-الانفراجة السريعة في الازمة اليمنية، رغم ان امريكا لطالما حاولت الظهور بمظهر الساعي لوقف الحرب في اليمن، بينما في الخفاء كانت من اهم اسباب استمرار هذه الحرب، التي تخدم مصالح امريكا واسرائيل حصرا.

-الاتفاق الايراني السعودي نفسه، وجه ضربة موجعة لامريكا التي كانت ومازالت تحاول تأليب الدول العربية على ايران، واظهار ايران كعدو لها، وفي المقابل اقحام اسرائيل في المنطقة، واظهارها كصديق للدول العربية، ومدافع عنها في مقابل ايران، فجاء الاتفاق فضرب بكل جهود امريكا بعرض الحائط.

اليوم بات واضحا لدول المنطقة، ان السلام والامن والاستقرار والرخاء، لا يمكن استيراده من خارج المنطقة، فهي صناعة اقليمية صرفة. كما بات واضحا لها، ان تواجد القوات العسكرية الاجنبية في المنطقة ليست في صالحها وصالح شعوبها، وان تجربة العقود الماضية خير دليل على ذلك. كما بات واضحا لهذه الدول، ان بامكانها اذا ارادت، ان تحرم الاعداء من استغلال الخلافات ، التي عادة ما تطرأ بينها، من خلال الاسراع في حلها عبر الحوار والدبلوماسية، واغلاق جميع المنافذ التي يتسلل منها الغرباء الى المنطقة.

اليوم وعندما يرى المراقب من ابناء المنطقة، الزيارات المتبادلة بين دول المنطقة، والتي كانت الى الامس القريب في حالة عداء لا مبرر له، وعندما يرى تبادل الاسرى بين السعودية واليمن، وعندما لا يسمع عن قصف او قتل في حروب لاطائل من ورائها، في نشرات الاخبار، وعندما يسمع ان ابواب الجامعة العربية باتت مفتوحة امام سوريا، وفي الاخير عندما يسمع ان اسرائيل، اصبحت منبوذة حتى من قبل بعض الانظمة العربية التي طبعت معها، يغمره الفرح ، وهو فرح لطالما حُرمت منها شعوب المنطقة منذ عقود، بسبب حروب ونزاعات وازمات وخصومات، لا مبرر لها، كان وقودها إبناء الدين الواحد.

  • ماجاء في المقال لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع

قد يعجبك ايضا