وفد سعودي في صنعاء.. هل يعود السلام الى اليمن؟
بعد عقد من الحروب والنزاعات والفوضى، التي شهدتها منطقة الشرق الاوسط، والتي اضاعت العديد من فرص تنميتها وازدهارها، يبدو ان المنطقة بدأت تحاول اليوم ان تطوي هذه الصفحة السوداء ، بفضل التقارب الايراني السعودي، والذي ارتد ايجابا، على معظم دول المنطقة، حيث بدأنا نشهد انفتاحا عربيا على سورية، ومحاولات جادة لوقف الحرب في اليمن، الذي وصلها امس وفد عماني سعودي مشترك، لوضع لمسات هدنة طويلة، قد تنتهي بسلام دائم يعم اليمن.
وتأكيدا على جدية جميع الاطراف، لطي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة يسودها الوئام والتفاهم، استقبل رئيس المجلس السياسي الأعلى في اليمن مهدي محمد المشاط، بالقصر الجمهوري بالعاصمة صنعاء الوفدين العماني والسعودي، وكانت اجواء اللقاء في غاية الايجايبة، كما نقلتها الفضائيات العالمية، حيث عانق المشاط اعضاء الوفد السعودي، واعرب عن امتنان الشعب اليمني لجهود الوساطة التي تقوم بها سلطنة عمان، ودورها الإيجابي في تقريب وجهات النظر، وجهودها الرامية إلى تحقيق السلام المشرف الذي يتطلع إليه كافة أبناء الشعب اليمني.
وفي وقت سابق، وكمبادرة لإثبات حسن النوايا، بادر اليمن والسعودية، الى تبادل بعض الاسرى فيما بينهما، ضمن اتفاق تبادل الأسرى الذي ترعاه الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر.
زيارة الوفدين السعودي والعماني الى صنعاء امس، جاءت تتويجا لمساعي وتحركات دبلوماسية ، قادتها سلطنة عمان منذ أشهر، بهدف تجديد الهدنة الإنسانية، تمهيدا لاتفاق سياسي شامل لإنهاء الصراع المستمر في اليمن منذ نحو تسع سنوات، ادى الى مقتل مئات الآلاف بشكل مباشر وغير مباشر، وانتشار المجاعة والمرض في اليمن، وتدمير بناه التحتية.
رغم انه كان واضحا للجميع ، منذ السنوت الاولى للحرب، انه لن يكون هناك منتصر فيها، الا ان اطراف النزاع كانت تتصور ان بامكانها، ان تفرض شروطها في حال حققت مكاسب على الارض، ولكن للاسف الشديد، هذا التصور كان خاطئا، حيث شهدت اليمن اكبر مأساة انسانية في العصر الحديث، فقد كان يموت طفل يمني كل 10 دقائق وفقا لتقارير الامم المتحدة.
يرى المراقبون ان من المتوقع ان يتم الإعلان خلال الزيارة عن اتفاق مرتقب لتجديد الهدنة الإنسانية لمدة مبدئية تمتد إلى ستة أشهر، في مرحلة اولى لبناء الثقة، ثم فترة تفاوض لمدة ثلاثة اشهر حول ادارة المرحلة الانتقالية التي ستستمر سنتين، يتم خلالها التفاوض حول الحل النهائي بين كل الاطراف.
وتتضمن المرحلة الاولى خطوات اجراءات بناء الثقة واهمها إعادة تصدير النفط ودفع رواتب الموظفين الحكوميين في كل المناطق وبينها مناطق سيطرة حكومة صنعاء وفتح مطار صنعاء الدولي لوجهات دولية أخرى، وفتح جميع الطرق في المحافظات اليمنية.
المطلوب حاليا من جميع الدول العربية والاسلامية في المنطقة، لاسيما بعد الاجواء الايجابية التي اوجدها الاتفاق الايراني السعودي، الا تسمح للجهات خارج الاقليم من ان تعكر صفو هذه الاجواء من خلال التدخل المباشر وغير المباشر، فهذه الجهات لا تفكر الا في مصالحها، فمنذ نحو 9 اعوام والحرب في اليمن اكلت الاخضر واليابس ، دون ان تتحرك اي دولة في العالم، لوضع حد لهذه المأساة، فمصلحة هذه الدول تكمن في الحروب والنزاعات، لتوفير اسواق لبيع سلاحها، وخلق ذرائع لتكثيف تواجدها في المنطقة، على حساب مصالح دولها، وما كنا لنشهد مثل هذا الاجواء الايجابية التي تسود المنطقة اليوم، لولا وصول دولها الى قناعة مفادها، ان امن المنطقة، هو امن كل دولة من دولها، وان عليها ان تتحرك هي من اجل الحفاظ على هذ الامن ، دون انتظار الاخرين، وهذا الذي حصل عندما توصلت ايران والسعودية الى اتفاقهما التاريخي، الذي انعكس ايجابا على جميع ملفات المنطقة وفي مقدمتها الملف اليمني.
-
ماجاء في المقال يعبر عن رأي كاتبه ولايعبر بالضرورة عن رأي الموقع