شروط ليكون الصيام مفيداً للصحة

 في عهد البطالمة، كان أطباء الإسكندرية بما اجتمع فيها من شعوب وأجناس، ينصحون مرضاهم بالصوم تعجيلاً بالشفاء. واعتاد المصريون القدماء الصوم في الأعياد المكرسة لنهر النيل، الإله حابي، في عقيدتهم، فقد كان بمثابة مانح الخيرات، ولهذا وجب عليهم إكرامه والتقرب منه بتطهير النفس من الذنوب والأخطاء.

في الوقت الحالي، تنصح مراكز صحية أوروبية بالصوم بهدف إزالة السموم من الجسم وتقوية جهاز المناعة وضبط ضغط الدم والكوليسترول. وأظهرت دراسة أميركية حديثة أن النظام الغذائي المتبع في الصيام والذي يعتمد على تقليل السعرات الحرارية التي يتناولها الأشخاص بنسبة تصل إلى النصف، يُبطئ الشيخوخة. كما تؤكد دراسات عدة أنّ قياس سرعة الشيخوخة لا يُحسب بعدد سنوات العمر، بل إنّ الحفاظ على خلايا صحية يساهم في إبطاء الشيخوخة.

ويساهم الصيام في تأخير الإصابة بمرض ألزهايمر وغيره، ويقضي على الخلايا الميتة ويحفّز على توليد خلايا جديدة.

وللحفاظ على الصحة خلال شهر رمضان، يقول الأستاذ المتخصص بالغدد الصمّاء والسكري في كليّة الطب في جامعة كارديف في ويلز، الطبيب محمد الحاج علي، إن “الصيام ليس وليمة”، مشيراً إلى “الخصوصية الروحانية والاجتماعية التي يحملها هذا الشهر في حياة الإنسان المسلم”.

كما يتحدث عن فوائد الصيام خلال شهر رمضان، قائلاً إن “الصيام بشكل عام من الأمور المفيدة لجسم الإنسان. لذلك اعتمدته العديد من الأمم والشعوب سابقاً. كما أن الكثير من المراكز الطبية في أوروبا تنصح بالصيام المتقطع، كونه يقلّل بشكل عام من نسبة الأمراض السرطانية والالتهابات وغيرها. وفي حال اتباع نظام غذائي متوازن، يساهم الصيام في تخفيض الوزن وتدّني نسبة شحوم الدم والكوليسترول.

ضبط الكوليسترول

وأثبتت دراسات أُعدت في منطقة الخليج من قبل استشاريي أمراض القلب، أنّ الصيام يساعد في تقليل مستويات كوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة وكوليسترول البروتين الدهني عالي الكثافة، الأمر الذي يحد من الإصابة بالجلطة القلبية والسكتة الدماغية ويقلل من محفزات الأمراض السرطانية. كما يؤدي إلى خفض السموم الموجودة في جسم الإنسان والالتهابات”.

يتابع: “يساهم الصيام بشكل إيجابي في تقليص مستوى ضغط الدم وضبط سكر الدم لدى المصابين بمرض السكري، شرط الالتزام بنظام غذائي متوازن قليل السكريات. كما يؤثر إيجاباً على كريات الدم على اختلاف أنواعها، ويقلّل من الاكتئاب والقلق والتوتّر”، لافتاً إلى أن “اللقاءات والتواصل خلال شهر رمضان والتركيز على الجانب الروحاني وغيرها تساهم في تعزيز الصحة النفسية، علماً أن بعض الصائمين يشعرون بالتوتر في بداية فترة الصوم بسبب التوقف عن تناول الكافيين والتدخين. لكن الصورة العامة تبقى إيجابية”.

ويؤكد الحاج علي على ضرورة اتباع نظام غذائي متوازن وصحي يرتكز على الاعتدال في كمية الطعام التي نتناولها، والابتعاد عن تناول كميات كبيرة من الطعام عقب ساعات طويلة من الصيام، للحصول على الفوائد الصحية المرجوة خلال  شهر الصيام”.

زيادة الوزن

وإذ يخشى كثيرون زيادة الوزن خلال رمضان، يقول الحاج علي إنه “ينبغي الاستمرار في تناول كمية طعام أقل، والتركيز على الخضار الطازجة مع كميات أقل من الأطعمة الدهنية والسكريات. ويجب المواظبة على ممارسة الرياضة. والوقت الأفضل لذلك هو قبل الإفطار بساعة أو ساعتين”.

أما عن الوجبات الغذائية الصحية، فيشدد الحاج علي على “أهمية تناول الخضار الطازجة أو المسلوقة، والبروتينات قليلة الدسم، مثل الدجاج المنزوع الجلد، والأسماك ولحوم العجل غير الدهنية، بالإضافة إلى الأرز والبطاطس والمعكرونة. كما يجب الانتباه إلى كيفية طهي الطعام والتركيز على الشواء على سبيل المثال والابتعاد عن الأطعمة المقلية قدر المستطاع. ويُفضّل تجنب السمن والزيوت والاستعاضة عنها بزيت الزيتون أو زيت جوز الهند خلال تحضير الطعام”.

كما يشير إلى أنه يفضل تناول الحليب قليل الدسم. ويرى أن تحضير الحلويات في المنزل أفضل من شرائها من المحلات بهدف التحكم بكمية السكر. مع ذلك، يبقى الاعتماد على الفاكهة الطازجة أكثر صحّة من تناول الحلويات. وبالنسبة للتمر، يمكن تناوله مرتين عند الإفطار والسحور شرط ألّا يتجاوز عددها 6 تمرات في اليوم. ويقول إنه من الضروري الإكثار من شرب المياه بمعدّل ليترين يومياً، والاستغناء عن المشروبات الغنية بالسكريات المضافة والمشروبات الغازية وتلك الغنية بالكافيين، كونها مضرة وتقلل من السوائل في الجسم. ولتفادي العطش، يُستحسن تقليل كمية البهارات والتوابل والابتعاد عن الأطعمة المالحة خلال الإفطار والسحور، مثل المخلّلات والزيتون والأجبان والمكسّرات المملحة. وينصح أن تشمل وجبة السحور الحساء والأغذية الغنية بالمياه والألياف مثل الخضار والفاكهة (البطيخ والخيار والخس) كونها تعطي إحساساً بالشبع وتقلل من العطش”.

أما عن الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة، فيقول إن “صيام مرضى السكري أو القصور الكلوي المزمن أو المرض الرئوي الانسدادي المزمن أو أمراض الكبد والقلب قد يكون له آثار سلبية، ويمكن أن تزداد نسبة المضاعفات لديهم. لذلك، يجب على هؤلاء استشارة الطبيب قبل شهر رمضان، لمساعدتهم في تحديد درجة واحتمال حدوث مضاعفات غير مرغوب بها في حال الصيام”. يضيف: “من الضروري استشارة الطبيب لتعديل مواعيد الأدوية الواجب تناولها بما يتناسب مع أوقات الصيام. في المقابل، يمكن أن يساعد الصيام في تحسين الحالة الصحية للمريض، وتحديداً لدى مرضى داء السكري في حال اتباعهم نظام غذائي معتدل”. ويختم الحاج علي حديثه قائلاً: “صيام شهر رمضان هو فرصة للتغيير على المستوى النفسي والبدني، وبالتالي قد يكون خطوة باتجاه تغيير دائم نحو عادات غذائية وحياتية يومية أكثر صحة لجسم الإنسان”.

المصدر: وسائل إعلام

قد يعجبك ايضا