تعد مدينة البصرة جنوب العراق، من أكثر مدن العالم تلوثاً بالأسلحة غير المُنفجرة، حسب ما أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، مؤكدة أن أكثر من 30 ألف ضحية سقطت بسبب الألغام، ونحو نصف المساحة الملوثة في العراق لم تتم معالجتها.
المتحدثة الرسمية باسم اللجنة هبة عدنان، قال للوكالة الرسمية، بمناسبة اليوم العالمي للتوعية بخطر الألغام، «أطلقت اللجنة الدولية في العراق حملة توعية بهدف رفع الوعي تجاه خطر المخلفات الحربية التي يعاني منها العراق، والتي خلفتها سنوات من الحروب والنزاعات جعلت العراق واحداً من البلدان شديدة التلوث بالأسلحة في العالم» مبينة أن «المساحة المتبقية الملوثة بلغت 2600 كيلومتر مربع، وهي قريبة من حجم 364 ألف ملعب كرة قدم».
وأضافت، أن «آثار الألغام الأرضية والمتفجرات من مخلفات الحرب، تستمر على الأشخاص الذين يعيشون في المناطق الملوثة أو العائدين إليها أو المارين بها لسنوات، وفي حين أن العدد الدقيق لحوادث الذخائر المتفجرة غير معروف لكن دائرة شؤون الألغام تفيد أن عدد الضحايا نتيجة للألغام في العراق تجاوز 30 ألفاً».
وأشارت إلى أن «في السابق كانت المخلفات الحربية تقدر مساحتها قرابة 6000 كيلومتر مربع من الأرض، في حين تم تطهير أكثر من 50 في المائة» مؤكدة أن «معالجة مشكلة تلوث الأسلحة في العراق تتطلب موارد هائلة وجهوداً منسقة لجمع المعلومات عن التلوث وآثار الأسلحة المتفجرة وتعزيز إزالة الألغام وزيادة التوعية بالمخاطر، بالإضافة إلى تقديم المساعدة للضحايا».
ووفقاً للمسؤولة الأممية، فإن «محافظة البصرة تعتبر من أكثر مدن العالم تلوثاً بالأسلحة غير المنفجرة، حيث يبلغ معدل التلوث فيها 1200 كيلومتر مربع .
وبيّنت أن «الأطفال الذين يعيشون في مدينة ملوثة بالأسلحة هم الأكثر عرضة للخطر، حيث يتعرض الأطفال للإصابات أو يقتلون من خلال اللعب أو القيام بالأنشطة اليومية المعتادة» لافتة إلى أن «منظمة اليونيسيف تشير إلى أن أكثر من 519 طفلاً قتل أو جرح في العراق على مدى السنوات الخمس الماضية بسبب الذخائر المتفجرة». وأشارت إلى أن «اللجنة الدولية تدعم شريكها جمعية الهلال الأحمر العراقي من خلال بناء القدرات ومساعدتها على تحديد أولويات أنشطتها وتخطيطها وتكييفها، وكذلك المشاركة في جمع البيانات من أجل تقديم المعلومات الحيوية للجهات الفاعلة في المجالات المتعلقة بالألغام».
كذلك، أعربت «اليونيسف» عن قلقهما الكبير لأن «الأطفال ما زالوا عرضة لمخاطر الأسلحة المتفجرة في العراق» مشيرة إلى إنه في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2023 لوحدها، تضرر 16 طفلاً من الذخائر غير المنفجرة (قتل أربعة من بينهم وتشوه 12 آخرين) في سبع حوادث، وكان ما يقرب من 80 ٪ من الضحايا من الأولاد الذكور.
وذكرت في بيان صحافي، إن هذه الحوادث تدل على «استمرارية مأساوية لما كان عليه الأمر عام 2022، حيث تسببت الأسلحة المتفجرة بمقتل 38 طفلاً وتشويه 47 طفلًا» مؤكدة أن «على الرغم من جهود اليونيسف للمناصرة في العام الماضي لوضع حد لهذه الممارسات، من خلال دعم الإعلان السياسي لتعزيز حماية المدنيين من العواقب الإنسانية الناجمة عن استخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان، إلا أن أرقام العراق تبيّن كيف أن النزاعات ما زالت تؤثر على الأطفال حتى بعد سنوات من انتهاء تلك النزاعات».
وقالت شيما سين غوبتا، ممثلة «اليونيسف» في العراق، إن «هذه الأرقام مقلقة للغاية بالنظر إلى الإرادة والجهود التي تبذلها حكومة العراق وشركاؤها لضمان حماية الأطفال من الأسلحة المتفجرة» داعية «أصحاب المصلحة المحليين والدوليين» إلى «بذل المزيد من الجهود لتحقيق عراق خالٍ من الأسلحة المتفجرة الآن. إن التوعية بمخاطر الألغام والذخائر المتفجرة لا يمكن أن تنتظر».
وشدد على أن «اليونيسف» تواصل العمل مع الشركاء، بما في ذلك مديرية مكافحة الألغام في حكومة العراق، ووكالة مكافحة الألغام في إقليم كردستان العراق، لـ«زيادة الوعي وزيادة السلامة للأطفال وعائلاتهم ومجتمعاتهم في المناطق الشديدة التلوث. ففي العام الماضي فقط، تم الوصول إلى 28031 طفلاً و 8303 بالغين من خلال التوعية بمخاطر الذخائر المتفجرة».
وختم البيان: «بغض النظر عن مكان استخدامها، فإن الأسلحة المتفجرة تعرض حقوق الطفل الأساسية للخطر. لذا تدعو اليونيسف ودائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام في العراق الحكومات إلى تجنب استخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان، ورفع الأصوات لحماية الأطفال في جميع أنحاء العالم من النزاعات».
وحسب، مجلة «فورين بوليسي» إن تطهير ما مساحته ملعب كرة قدم واحد تقريبا قد تستغرق أشهرا في العراق، خاصة في ظل الميزانيات الضعيفة المرصودة لرفع الألغام.
وتضيف أن «القذائف غير المنفجرة وحقول الألغام ، جعلت العراق واحدا من أكثر بلدان العالم تناثرا في المتفجرات».
وتشبه انتشار حقول المتفجرات أنها «مثل الرماد الناتج عن ثوران بركاني» حيث «تتناثر المتفجرات في مساحات شاسعة من البلاد».
ولا تكمن مشكلة استخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان في قدرتها على قتل السكان وإصابتهم وتهجيرهم فحسب، بل إن تصميمها المرتجل واستخدامها غير الدقيق يعني فشل العديد منها في الانفجار عند الاصطدام. ويمكن أن يهدد هذا المدنيين بعد سنوات من انتهاء الصراع، وفقا للمجلة.
كما يعيق وجود المتفجرات التنمية الاقتصادية وعودة اللاجئين والوصول إلى الخدمات الصحية والتعليمية وغيرها من الخدمات الأساسية.
ويوجد أكثر من ربع التلوث بالذخائر المتفجرة في المناطق الزراعية، مما يمنع المزارعين من استخدام الأرض أو كسب لقمة العيش.
ويوجد 20 ٪ منها قرب أو في البنية التحتية، مما يعيق جهود إعادة الإعمار ومحاولات تحريك الاقتصاد.
وتقول إن العدد الإجمالي لضحايا الألغام ليس واضحا، على الرغم من أن الباحثين قدروا عدد القتلى بأكثر من 10,000 حالة وفاة وحوالي 24,000 شخص أصيبوا على مدى العقدين الماضيين.