مصفاة كربلاء النفطية الجديدة .. كيف ستؤثر في موازنة العراق؟

افتتح رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني -السبت الماضي- مصفاة كربلاء النفطية رسميا بعد 9 سنوات على بدء تشييدها، في خطوة ترمي لتعزيز قطاع تكرير المنتجات النفطية التي تنفق البلاد مليارات الدولارات سنويا لاستيرادها من دول الجوار.

وقال السوداني خلال كلمة له من مصفاة كربلاء “يجب أن يستثمر العراق ثروته استثمارا أمثل يغطي احتياجاته، ويكون بلدا مؤثرا وفاعلا في سوق الغاز والنفط والبتروكيماويات” مشيرا إلى أن افتتاح المصفاة يعد أضخم مشروع تكريري تشهده البلاد منذ 4 عقود.

وتطرح العديد من الأسئلة عما تتميز به مصفاة كربلاء والطاقة الإنتاجية والمشتقات التي ستوفرها للسوق المحلي.

الأحدث في البلاد

يمتلك العراق نحو 12 مصفاة بطاقة تكريرية تبلغ أكثر من مليون برميل يوميا، وأكدت الحكومة أن مصفاة كربلاء الجديدة تعد الأهم والأحدث، وتقع بمحافظة كربلاء وتبعد عن مركزها قرابة 40 كيلومترا، وتبلغ مساحة المصفاة قرابة 6 ملايين متر مربع.

وكان العراق وقع عقدا مع ائتلاف شركات كورية بقيادة هيونداي لإنشاء مصفاة كربلاء بتكلفة بلغت 6.5 مليارات دولار عام 2014، وتأخر إنجازه لأسباب مختلفة أهمها الأزمة المالية التي ضربت البلاد عام 2014 تزامنا مع انخفاض أسعار النفط عالميا، وفق المتحدث الرسمي باسم وزارة النفط عاصم جهاد.

وفي حديثه للجزيرة نت، أكد جهاد أن اجتياح تنظيم داعش مساحات واسعة من البلاد صيف عام 2014، ومن ثم تفشي جائحة كورونا عام 2020، كانا من بين أسباب تأخر إنجاز المشروع.

من جانبه، يقول مظهر محمد صالح المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء إن مصفاة كربلاء تعد الأحدث تكنولوجيا والأعلى قيمة من حيث مراعاة شروط البيئة، لافتا إلى أن جميع المصافي العاملة بالبلاد باتت “متهالكة” وتعمل بطاقة تكريرية متدنية.

وفي حديثه للجزيرة نت، يشير صالح إلى أن العراق يستورد سنويا مشتقات نفطية بما قيمته ما بين 3 و4 مليارات دولار وهو ما يعد معيبا بحق العراق الذي يصدر أكثر من 4 ملايين برميل نفط يوميا، ثم يستورد مشتقات نفطية من بلدان تحصل على النفط العراقي، واعتبر أن إنجاز هذه المصفاة يعد نقطة الانطلاق الحقيقية للبرنامج الحكومي الرامي لتنويع القطاع النفطي.

الطاقة التكريرية

وقال المتحدث الرسمي لوزارة النفط إن المصفاة الجديدة تقع ضمن تصنيف (يورو 5) الأوروبي، وهو صديق للبيئة ويراعي شروط الصحة والسلامة العامة. وأشار إلى أن مصفاة كربلاء تستنفذ برميل النفط بنسبة تقدر بـ 80% وتحوله إلى منتجات عالية الجودة، في حين أن المصافي العاملة في البلاد لا تزيد قدراتها على تصفية 50% من برميل النفط، مما يتسبب بإنتاج مخلفات نفطية سوداء.

وتابع أن إنتاج المصفاة سيغطي ما يقرب من 60% مما تستورده البلاد من المشتقات النفطية، لا سيما أن الطاقة التكريرية تصل لـ 140 ألف برميل يوميا، فضلا عن أنها تولد طاقة كهربائية -من خلال 4 محاطات توليد- بقدرة 200 ميغاوات تذهب 60 ميغاوات منها للشبكة الوطنية، وتُستخدم بقية الطاقة الكهربائية المنتجة في تشغيل المصفاة التي ستعمل بكادر عراقي بالكامل.

وقدّر رئيس الوزراء -خلال افتتاحه المصفاة- أنه ومع بدء التشغيل الفعلي، فإن العراق سيوفر 3 مليارات دولار سنويا كانت تذهب لاستيراد المشتقات النفطية المختلفة مثل البنزين عالي الأوكتان والديزل وغيرها.

وكان مدير شركة توزيع المنتجات النفطية حسين طالب قد كشف في وقت سابق أن الاستهلاك المحلي للوقود يبلغ يوميا 31 مليون لتر، منها 16 مليونا يتم استيرادها بالعملة الصعبة لسد حاجة البلاد.

كميات الإنتاج

تعمل مصفاة كربلاء الجديدة على تكرير النفط الخفيف والثقيل، وهو ما يتوافق مع نوعية النفط العراقي المنتج، إذ سيتم إنتاج نحو 20 نوعا من مشتقات النفط، وهو ما يؤكده المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء الذي أضاف أن مصفاة كربلاء تضم 33 وحدة تشغيلية وخدمية بطاقات إنتاجية كبيرة، كما تضم مستودعا متكاملا ومحطة ضخ المنتجات إلى المستودعات الخارجية ومعامل لتعبئة الغاز.

أما عن أنواع المشتقات النفطية وكمياتها، فقد كشف صالح أن المصفاة ستنتج يوميا 9 ملايين لتر من البنزين عالي الجودة (95 أوكتان) و4 ملايين من الديزل و3 ملايين من الكيروسين و750 طنا من الغاز السائل وألف طن من الإسفلت و360 طنا من الكبريت الصلب و8 ملايين من الوقود الثقيل.

مشاريع طموحة

وعلى خلفية افتتاح المصفاة، أكد المتحدث باسم وزارة النفط أنهم يعملون بشكل حثيث على تطوير قطاع الصناعات التكريرية، كاشفا أن وزارته كانت قد أعلنت قبل أيام عن فرص استثمارية في قطاع التصفية بمحافظات ميسان وذي قار (جنوبا) ونينوى (شمالا) وواسط (شرقا) حيث ستتراوح قدراتها التشغيلية ما بين 30 و150 ألف برميل كطاقة تكريرية، مبينا أنه ومع إنجاز هذه المصافي، ستحقق البلاد الاكتفاء الذاتي وستصدر المنتج الفائض للخارج.

ولا تقف مشاريع “النفط العراقية” عند هذا الحد، إذ كشف جهاد عن مشروع آخر قيد الإنجاز بالتعاون مع الشركة اليابانية “جي جي سي” (JGC) لاستثمار وتكرير المخلفات النفطية الناتجة من مصافي الجنوب بالبصرة، وفق ما يعرف علميا بمشروع التكسير بالمعامل المساعد “إف سي سي” (FCC) والذي سيعمل على معالجة المخلفات النفطية من المصافي ويحولها إلى منتجات نفطية عالية القيمة.

قد يعجبك ايضا