مناطق وسط أفغانستان؛ الطبيعة القاسية والتمييز، يفتكان بالإنسان.. الهزارة يدفعون الثمن
Share
يمرّ سكان مناطق وسط أفغانستان ومعظمهم من الشيعة الهزارة بتحديات مختلفة في حياتهم، تكلفهم أثمانا باهظة في بعض الأحايين.
وبات سكان هذه المناطق ضحايا الطبيعة العنيفة والباردة وغياب التنمية الناجمة عن “التمييز الممنهج”.
ففي أحدث حالة، تم إغلاق الطرق التي تربط ولاية غور بوسط أفغانستان بالعاصمة كابل عند نقطة تسمى “تلة بكك” وذلك على إثر هطول الأمطار الغزيرة.
وتقع هذه التلال في المناطق الحدودية لولاية غور مع ولاية باميان والتي شهدت خلال الأيام القليلة الفائتة تساقط الثلوج أيضا.
وكان طريق غور- كابل السريع قد أغلق في الشتاء الماضي عدة مرات بسبب تساقط الثلوج والصقيع، وعلق على إثره عشرات المسافرين في البرد الشديد.
وإضافة إلى هذا الطريق، فان سائر الطرق والمواصلات بمناطق وسط أفغانستان، أغلقت هي الأخرى لعدة مرات ما أدى إلى أن يعيش عشرات المسافرين، ليالٍ وأيام باردة.
لماذا تغلق الطرق في المناطق الوسطى بأفغانستان؟
إن المناطق الوسطى في أفغانستان، جبلية وذات تلال وعرة يتعذر الحركة فيها في الشتاء وفصل البرد، وتبقى مغطاة بالثلوج لبضعة أشهر.
وتُضاف إلى ذلك الأمطار الغزيرة التي تؤدي إلى إغلاق الطرق الترابية في هذه المناطق بسبب تحولها إلى مسارات طينية وحلة يتعذر على وسائل النقل المرور فيها.
ويرى سكان المناطق المركزية أن هذه المناطق وعلى خلفية “التمييز الممنهج” الذي يمارسه حكام أفغانستان ضد الهزارة، تخلفت عن الإنماء والإعمار ولم يتم فيها بناء وإنشاء الطرق ذات المعايير والمواصفات القياسية الهندسية وقد بنيت معظمها على يد السكان المحليين بمنأى عن أي إمكانات.
ومعظم طرق وسط أفغانستان، ترابية وضيقة ولذلك تحصل سنويا حوادث سير قاتلة فيها، بحيث أن النسبة اللافتة من حوادث السير في أفغانستان تقع في هذه المناطق.
وكانت سلطات الحكومة السابقة، قد وعدت سكان وسط أفغانستان مرار بتعبيد الطرق ومسارات المواصلات فيها، لكنها لم تف بوعودها إطلاقا، وبقيت هذه المناطق من دون إعمار وتنمية.
وقد أُتهمت سلطات الحكومة الأفغانية السابقة بالتعاطي المتسم بالتمييز وعدم تطبيق العدالة الاجتماعية في الموازنة الوطنية للبلاد وتقصد تجاهل تنمية المناطق الوسطى في أفغانستان، ما أدى إلى ظهور احتجاجات واسعة من قبل الشيعة الهزارة والتي قُمعت في بعض الأحيان من قبل السلطات.
طالبان ومشاكل سكان وسط أفغانستان
ومنذ أن سيطرت طالبان على أفغانستان، توقفت جميع خطط ومشروعات إنماء المناطق الوسطى للبلاد وتم إقصاء العديد من السكان المحليين من العمل في الدوائر المحلية ليحل محلهم أعضاء طالبان.
ويقول السكان المحليون في معرض إشارتهم إلى تساقط الثلوج الكثيفة في الشتاء الماضي، إن الدوائر والأجهزة التي تخضع لسلطة طالبان لا تبدي أي اهتمام بمعالجة مشاكل الأهالي بخصوص فيما يتعلق بالطرق والمواصلات ولا تتخذ الإجراءات اللازمة لإعادة فتح هذه المسارات على الفور.
فعلى سبيل المثال، علق في الشتاء الماضى، ما يزيد عن 200 مسافر في المنطقة الواقعة بين ولايتي باميان وغور في الصقيع، لكن الدوائر الخاضعة لطالبان لم تتخذ ما يلزم لتسوية هذه المشكلة وبقي هذا الطريق مغلقا لعدة أيام.
وفي هكذا حالات، يقوم السكان المحليون مستخدمين الإمكانات المنزلية البسيطة لإنقاذ المسافرين العالقين في البرد القارس والحد من وقوع وفيات بينهم على الأقل.
واتهم عدد من سكان مناطق وسط أفغانستان في حديثهم إلى مراسل شفقنا، مجموعة طالبان بـ “مواصلة التمييز الممنهج” ضد الشيعة الهزارة وقالوا أن هذه المجموعة لم ترصد أي ميزانية لإنماء المناطق التي يقطنها الهزارة.
ومنذ أن أمسكت طالبان بالسلطة في أفغانستان، أخذ سكان مناطق وسط البلاد يتعرضون لضغوطات سياسية واقتصادية وعسكرية متزايدة، وقامت هذه المجموعة في بعض الأحيان، بمهاجمة المناطق التي يقطنها الهزارة عسكريا، وتم في ثلاث حالات على أقل تقدير قتل الناس رميا بالرصاص، فيما قامت محاكم طالبان في العديد من الحالات، بغصب أراضي سكان المناطق الوسطى بأفغانستان.
ويقول النشطاء السياسيون من الهزارة إن التمييز الممنهج الذي يتبعه حكام أفغانستان والطبيعة القاسية والعنيفة في المناطق الوسطى ساهما في جعل سكان هذه المناطق “يعانون بشكل دائم” ويُحرمون من أبسط حقوق المواطنة.