كيف ساهم مسجد السلام بألمانيا في نشر الثقافة الإسلامية بين المهاجرين؟
لعل أهم هاجس يؤرق المهاجرين العرب في ألمانيا يتمثل بكيفية الحفاظ على اللغة العربية لدى أبنائهم، وتقوية ارتباطهم بدينهم وبعاداتهم وتقاليدهم الإسلامية. هذا الدور يقع على عاتق المساجد والجمعيات الإسلامية، بعد الأسرة.
وفي مدينة بفورتسهايم، شمال غربي مقاطعة بادن فورتمبيرغ، ثمة تجربة ناجحة رغم ضعف الإمكانات، تمثّلت في مسجد السلام الذي يتولى القائمون عليه، منذ 18 عاما، تدريس اللغة العربية لأبناء المهاجرين، ودروس الفقه التي يخصص لها مساء كل سبت، فضلا عن تنظيم تجمعات للمسلمين في الأعياد.
مسجد السلام فرع من الجمعية العربية الألمانية المتحدة (رويترز)
الجمعية العربية الألمانية الإسلامية المتحدة
مسجد السلام هو فرع من الجمعية العربية الألمانية المتحدة، ذلك أن المساجد في ألمانيا لا ترخص بأنها مساجد مستقلة، بل يتم الترخيص لجمعيات ثقافية واجتماعية تتولى بناءها وبناء مراكز ثقافية وتربوية.
يقول رئيس مجلس إدارة الجمعية غسان حميصي للجزيرة نت “لم يكن في بفورتسهايم مسجد عربي، فالمساجد كانت للإخوة الأتراك. وفي 2005 اجتمعنا، مجموعة من الشباب العرب من جنسيات مختلفة، وقررنا إقامة مسجد عربي، وأسسنا الجمعية الإسلامية الألمانية العربية المتحدة”.
ويضيف “بجهود ذاتية من الإخوة المسلمين من الجنسيات العربية، تم شراء المسجد، وهو شقة أرضية في منطقة بروتسنغن، وقد تبرّع أحد المحسنين بمبلغ لاستكمال الشراء”.
من حلقات تحفيظ القرآن في مسجد السلام في ألمانيا (الجزيرة)
ومنذ اليوم الأول لإنشاء مسجد السلام، كان همّ القائمين عليه أن يكون مركزا دينيا واجتماعيا وثقافيا، وأن يساهم في حل مشكلات المسلمين هنا، وأن يعزز اللغة العربية لدى أبناء المهاجرين.
ويشير حميصي إلى أن عدد المصلين في المسجد في البداية كان لا يتجاوز الـ20، وراح يزيد سنة بعد أخرى، حتى تدفق اللاجئون من سوريا ومن دول أخرى.
وبدأ المسجد يضيق بالمصلين، مما دفع القائمين عليه إلى البحث عن مكان آخر أوسع مساحة لتأسيس مدرسة مستقلة لتعليم القرآن واللغة العربية للأطفال، وفق المتحدث ذاته.
من اليمين: أحمد سلوم والشيخ فتحي سعد وغسان حميصي، من مؤسسي “الجمعية الإسلامية الألمانية العربية المتحدة” (الجزيرة)
النشاط الدعوي لمسجد السلام
يقول الشيخ فتحي سعد، خطيب المسجد والمشرف على المدرسة العربية التابعة له “الأصل في المساجد في أوروبا أنها مؤسسة تربوية جامعة تخدم الجالية المسلمة القاطنة في المدينة، وتساعدهم على تعزيز الهوية الدينية بإقامة الشعائر التعبدية، وحثهم على الاندماج الإيجابي في المجتمع بلا ذوبان”.
ويوضح سعد، في حديث للجزيرة نت، أن مسجد السلام واحد من هذه المساجد التي تسعى إلى القيام بهذا الدور، وتتلخص نشاطاته في:
-
إقامة شعيرة صلاة الجمعة باللغتين العربية والألمانية.
-
درس المسجد الأسبوعي يوم السبت، نهاية الأسبوع في ألمانيا، وموضوع الدرس يتنوع بين فقه العبادات والسيرة النبوية وتربية الأولاد ومكانة الأسرة في الإسلام، ومناقشة الشبهات التي تثار حول الإسلام وتفنيدها والرد عليها.
-
دروس متنوعة خلال الأسبوع لقراءة القرآن وتعلم أحكام التلاوة، لربط المسلم بكتاب ربه تلاوة وتدبرا.
-
تقوم المدرسة العربية في المسجد بتعليم العربية وتحفيظ ما يتيسر من القرآن الكريم.
-
نشاطات نسائية متنوعة، بين دروس دينية وأخرى دورية للفتيات يتخللها التعريف بالإسلام.