الصيادون في البحر الأحمر … مآسٍ مُغيّبة ومنسيّة
لم تعد رحلات الصيادين اليمنيين في سواحل البحر الأحمر آمنة؛ بل أصبحت رحلة حياة أو موت، ليس بسبب الأمواج العاتية والرياح الشديدة فحسب؛ بل نتيجة عمليات القتل والاختطاف والسجن والتعذيب التي يتعرضون لها من قبل بوارج العدوان الأمريكي السعودي ومرتزقته والمتحالفين معهم.
ولهذا فمنذ مارس 2015 بات على الصيادين، توديع عائلاتهم عندما يقررون خوض رحلة البحث عن لقمة العيش وسط البحر، لأنهم قد لا يعودوا مرة أخرى.
لا تقتصر معاناتهم على الاختطاف ونهب قواربهم ومعداتهم، وتعذيبهم في سجون السعودية؛ بل تشمل المعاناة فقدان أرواحهم وتدمير قواربهم؛ جراء استهدافهم من قبل العدوان بغارات جوية بالإضافة إلى تعرضهم لألغام بحرية تُزهق أرواحهم وتدمر قواربهم … وذهب ضحية هذا المئات منهم.
منظمة إنسان للحقوق والحريات، سلطت الضوء في تقرير استقصائي بعنوان “مآسٍ مغيبة في البحر الأحمر”، على انتهاكات التحالف وبعض دول الجوار بحق الصيادين اليمنيين.
وقال التقرير إن فريق التحقيق بالمنظمة “رصد جرائم فضيعة بحق الصيادين على أيدي قوات التحالف والكيانات الممولة منه، وكذا القوات الارتيرية”.
وثّق التقرير أربعة أشكال من الجرائم والانتهاكات بحق الصيادين؛ تمثلت في الحصار البحري، الذي منع الصيادين من ممارسة مهنتهم لكسب لقمة العيش، والاعتقال والاختطاف، والقتل المباشر وإقحام مجموعة من الصيادين المخفيين من قبل التحالف في تبادلات خاصة بأسرى الحرب.
وأضاف التقرير أن ” الانتهاكات التي يتعرض لها الصيادون المحتجزون في سجون التحالف والجماعات التابعة له لا تنتهي هنا فحسب، فهناك طرف آخر يمارس الانتهاكات، وهي دولة إريتريا، والتي تشترك في الخطف والمضايقة والسجن التعسفي وحرمان الصيادين من أبسط الحقوق بالإضافة إلى استخدامهم في أعمال تسيء إلى إنسانيتهم”.
ونقلت تقارير إعلامية يمنية عن صيادين، من المفرج عنه من السجون الارتيرية، أنه كان يتم استخدام بعضهم في خدمة منازل مسؤولين إريتريين بالإضافة إلى إخضاعهم لألوان من التعذيب.
وأكدت المنظمة أن دول العدوان قتلت274صياداً بصورة مباشرة، بعضهم تم استهدافهم أثناء الصيد في البحر الأحمر بصواريخ الطيران الحربي، مبينة أن 476 قارب صيد تعرض للتدمير في البحر الأحمر.
وأفاد التقرير بأن 215 صياداً من صيادي البحري أصيبوا بالإعاقة أثناء اختطافهم من قبل قوات تحالف العدوان أو المجموعات المسلحة المحلية التابعة لها.
وسرد التقرير شهادة م.خ، وهو أحد الصيادين المفرج عنهم من قبل جماعة ممولة من تحالف العدوان، حيث قال إنه “تعرض للتعذيب الشديد ونزع الأظافر والضرب بالعصي في مقر احتجازه بمنطقة ميدي، وأن هناك صيادين آخرين يتعرضون للتعذيب والحرمان من أبسط الحقوق”.
وكشف التقرير عن مصير أحد عشر صياداً أدعت البارجة الأمريكية ( يو إس إس فور است شيرمان) أنها أنقذتهم من الغرق وسلمتهم لمصلحة خفر السواحل بميناء نشطون في محافظة المهرة أواخر نوفمبر 2019، مبيناً أنه تم تسليم أولئك الصيادين لقوات تحالف العدوان، ويتواجدون، الآن، في أحد سجون خميس مشيط بالسعودية الخاص بأسرى الحرب.
ونقل عن والد أحد هؤلاء المختطفين تأكيده أن ابنه تأخر هو ومجموعة من أقاربه وأصدقائه أثناء الصيد، ولم يعلموا بمصيرهم إلا من خلال مواقع إخبارية تداولت أن البارجة الأمريكية انقذت١١ صياداً.
وقال “بعد أيام اتصل ابني وأخبرنا أنه في المهرة، ولم يذكر تفاصيل أخرى، وبعدها بأشهر اتصل من رقم سعودي، وأخبرنا أنه في سجن خميس مشيط”.
وأضاف الأب “تفاجأنا بوجود ابني وزملائه في سجون خميس مشيط إلى جوار أسرى الحرب”.
وذكر التقرير أن نحو ألفي صياد تعرضوا للاختطاف خلال الـ7 السنوات الماضية، من بينهم أطفال كانوا يمارسون الصيد مع أهاليهم، منهم من قد تم الإفراج عنهم ومنهم مايزالون مختطفين لا يُعرف مصيرهم.
وأشارت المنظمة إلى أن فريقها قابل مجموعة من الأطفال المفرج عنهم الذين أكدوا تعرضهم لانتهاكات بشعة بحق الطفولة منها التعذيب الجسدي والتعذيب النفسي.
وقال الطفل محمد موسى، (١٥ عاماً)، أنه يمارس الصيد مع عائلته، واختطف مع عمه من قبل جماعة محلية ممولة من تحالف العدوان، وتعرض للضرب الشديد في رأسه ووجهه إضافة إلى التهديد بالقتل.
وخلصت المنظمة إلى أن الانتهاكات مازالت مستمرة حتى اليوم بحق الصيادين اليمنيين في البحر الأحمر.
يتحمل المجتمع الدولي مسؤولية ما يحدث للصيادين اليمنيين الذين يمخرون عباب البحر، ويخاطرون بحياتهم بحثاً عن رزقهم، وما يسد رمق أسرهم، في ظل أزمة إنسانية وصفتها الأمم المتحدة بأنها الأسوأ في العالم، لكن الآلاف منهم فقدوا أعمالهم وحرموا من مصدر دخلهم الوحيد بسبب جرائم العدوان ومرتزقته.