هل تتألم النباتات كما هو الحال مع الإنسان والحيوان؟
Share
هل يجب أن أشعر بالذنب عندما أقطف وردة عن أمها، أو عندما أقضم تفاحة بأسناني؟ وهل علي مراعاة مشاعر الأشجار حين أقطف ثمارها؟
يقول بعض محبي أكل اللحوم في إطار ردهم على النباتيين حينما يحتجون على ذبح الحيوانات ويتحدثون عن آلمها حينما تُذبح، بأن الأشجار تتألم أيضا حينما نقطف ثمارها.
وفي الحقيقة لم يطرح فكرة ألم النبات فقط الساخرون من النباتيين فقط، بل طُرحت كثيرا قبل ذلك.. البعض طرحها من باب حب المعرفة والبعض من باب أن النبات كائن حي، فلماذا لا يتألم كما يتألم الإنسان والحيوان؟
ويتكون النبات من عدة أجزاء، فالشجرة هي جذر وساق وأوراق وثمر، فهل يتألم الشجر مثلا حينما نقطعه، وهل تتألم الثمار حينما نقطفها عن الشجرة؟
إحساس دون ألم
وفقا لموقع منظمة “PETA” لحقوق الحيوان فإنه “في الوقت الحالي لا يوجد أي شخص متأكد من ما إذا كانت النباتات يمكن أن تشعر بالألم أم لا، لكننا نعلم أن النبات يمكنه الشعور بالأحاسيس”.
وقال تقرير الموقع الذي ترجمته “عربي21″، إن “الدراسات تشير إلى أن النباتات يمكن أن تشعر بلمسة خفيفة مثل حركة أو دبيب دواليب آليات البناء، ولكن الألم، على وجه التحديد، هو آلية دفاعية، وإذا كان هناك شيء يؤذي البشر، فإننا نتفاعل معه غريزيًا إما بالقتال أو بالهروب، كما تفعل الحيوانات.. أما النبات فمن غير المعروف كيف يتفاعل”.
وأضاف الموقع: “لكن النباتات لا تمتلك هذه القدرة – ولا تمتلك أجهزة عصبية أو أدمغة – لذلك فإنه قد لا يكون لديها حاجة بيولوجية للشعور بالألم، ومع ذلك، فإن من الممكن أن النباتات لديها ذكاء وإحساس لا يمكننا اكتشافه بعد”.
ولم يوضح الموقع أو يذكر دراسة واحدة من الدراسات التي أشار إليها في تقريره.
إدراك الضرر
من جهتها قالت “ميليسا بيتروزيلو” محررة علوم النبات في موقع “Britannica” إنه “بالنظر إلى أن النباتات لا تحتوي على مستقبلات للألم أو أعصاب أو دماغ، فإنها لا تشعر بالألم كما نفهمه نحن البشر، وبالتالي فإن اقتلاع جزرة أو تقليم بعض الشجيرات لا يُعد شكلاً من أشكال التعذيب النباتي، لهذا فإنه يمكنك أن تقضم تلك التفاحة دون قلق”.
وتابعت “بيتروزيلو” في مقالها الذي ترجمته “عربي21”: “مع ذلك، فيبدو أن العديد من النباتات يمكنها إدراك وتوصيل المنبهات الجسدية والأضرار التي تلحق بها بطرق أكثر تعقيدًا مما كان يُعتقد سابقًا، حيث تتمتع بعض النباتات بقدرات حسية واضحة، مثلا نبتة “فيينوس” التي يطلق عليها أيضا “خناق الذباب” يمكن أن تغلق أوراقها على الحشرة التي تقترب منها في حوالي نصف ثانية”.
وساقت مثالا آخر وهو “النبات الحساس؛ حيث إن أوراقه تنهار سريعا استجابة للمس، وهذا الانهيار هو تكيف قد يعمل على إبعاد العواشب المحتملة، في حين أن هذه النباتات تظهر بوضوح قدرة حسية واضحة، فقد أظهرت الأبحاث الحديثة أن النباتات الأخرى قادرة على الإدراك والاستجابة للمحفزات الميكانيكية على المستوى الخلوي – هو المستوى الأساسي للتنظيم، الخلية هي الوحدة الأساسية للحياة وأصغر وحدة قادرة على إعادة إنتاج نفسها”.
وأضافت: “كذلك فإن نبات الأرابيدوبسيس (نبات الخردل الذي يشيع استخدامه في الدراسات العلمية) يرسل إشارات كهربائية من ورقة إلى أخرى عندما تأكله اليرقات أو حشرات المن، وهي إشارات لتكثيف دفاعاته الكيميائية ضد الحيوانات العاشبة”.
وأوضحت أنه “في حين أن هذه الاستجابة الرائعة تبدأ من الضرر المادي، فإن إشارة التحذير الكهربائية لا تعادل إشارة الألم، ولا ينبغي لنا أن نجسد نباتًا مصابًا كنبات يعاني من الألم”.
وخلصت إلى القول، إن “النباتات تتمتع بقدرات استثنائية على الاستجابة لأشعة الشمس والجاذبية والرياح وحتى لدغات الحشرات الصغيرة، ولكن لحسن الحظ فإنها لم تتشكل نجاحاتها وإخفاقاتها التطورية من خلال المعاناة”.
توتر لا ألم
بالمقابل وجد باحثون في جامعة لوند، مفاتيح جينية تشرح كيف تستجيب النباتات بشدة للمنبهات الميكانيكية.
ووفقا لمقال نشرته الجامعة حول الدراسة، فإنك “عندما تسقي نباتات حديقتك، تتفاعل مباشرة على مستوى الكيمياء الحيوية، وعندما تقطع مثلا بسكين ساق نبات الراوند فإنه يتم تنشيط آلاف الجينات، وإطلاق هرمونات التوتر”.
وتابع الباحثون في مقالهم الذي ترجمته “عربي21”: “على عكس البشر، لا يمكن للنباتات الشعور بالألم، لكنها لا تزال تتفاعل بقوة مع المنبهات الميكانيكية من اللمسة البشرية، والحيوانات العاشبة، والرياح والمطر، فعلى سبيل المثال، تؤدي هذه العوامل الخارجية إلى تنشيط نظام الدفاع الجزيئي للنبات بسرعة، والذي بدوره يمكن أن يساهم في زيادة مقاومة النباتات وازدهارها مرة أخرى لاحقًا”.
أسبرين النبات
أما موقع “ScienceDaily” العلمي، فقال في مقال عن دراسة حول النبات، إن “النباتات قد لا تشعر بالألم نتيجة الإصابة كما تشعر الحيوانات، ولكن لديها رد فعل (إنذار) خاص بها تجاه تلف الأنسجة، وفي تأثير مشابه لما يحدث في الحيوانات، ويمكن أن يختصر هذا التفاعل بواسطة الأسبرين وغيره من الأدوية”.
وأشار الموقع في مقاله الذي ترجمته “عربي21″، إلى أن “عالم الأحياء النباتية تشيكيانغ بان من جامعة ولاية أريزونا، وزميله الباحث الفرنسي بلال كامارا، قد اكتشفوا أن الأسبرين يثبط إنتاج مركب رئيسي تنتجه النباتات استجابة للإصابة الجسدية بنفس الطريقة التي يثبط بها المركب الذي ينتجه النسيج في الحيوانات عند تعرضها للأذى”.
وتابع الموقع: “تتمثل وظيفة الأسبرين في الحيوانات في منع إنتاج البروستاغلاندين الذي يسبب التورم والألم، كما يرتبط الأسبرين بالموقع النشط للإنزيم الضروري لإنتاج البروستاغلاندين، أما في النباتات، فيمنع الأسبرين إنتاج حمض الياسمين – الياسمونيك”.
وأوضح المقال نقلا عن الدراسة، أن “حمض الياسمين هو هرمون يتم إنتاجه عندما تكون النباتات في مأزق وتتعرض للأذى، ويشير إلى إنتاج مركبات دفاع النبات – وهو يعمل قليلاً مثل جرعة من الألم، محذراً النبات من تعرضه للهجوم”.
وفي النهاية يبقى السؤال “هل يتألم النبات أم لا؟” سؤلا جدليا، فالإنسان مثلا يمكن أن يعبر عن نفسه ويقول إنه يتألم وعندها نعلم أنه تعرض للأذى المؤلم، لكن النبات لا يمكن أن يعبر عن نفسه، وبالتأكيد أن الله سبحانه وضع فيه قدرات تحميه من الأذى ما زلنا لا نعلمها وقد لا نعلمها أبدا.