تقرير أمريكي يكشف دوراً خلف كواليس مفاوضات السويد لـ”ماتيس وفوتيل”
Share
واشنطن – كشفت صحيفة وول ستريت جورنال الدولية الصادرة من الولايات المتحدة الأمريكية عن ما وصفتها الصحيفة بالجهود الأمريكية المهمة وراء الكواليس والتي دفعت دول التحالف السعودي الإماراتي إلى مفاوضات السلام التي عقدت في العاصمة السويدية ستوكهولم مطلع ديسمبر الجاري بين طرفي صنعاء والرياض. الإمارات وضعت خطة عسكرية لاجتياح الحديدة وطلبت رسمياً مساعدة مباشرة من القيادة المركزية الأمريكية وقالت الصحيفة في تقرير نشرته مساء أمس الأحد وترجمه “المساء برس” إن وزير الدفاع الأمريكي المستقيل جيم ماتيس أوقف خطة عسكرية كانت قد وضعتها الإمارات لاجتياح مدينة الحديدة والسيطرة على مينائها الاستراتيجي، وأن الإمارات لجأت بالفعل للجيش الأمريكي لمساعدتها في عملية الاجتياح مباشرة، لافتة إلى أن قادة أبوظبي تلقوا جواباً أمريكياً على عكس ما كانوا يأملون. ونقلت الصحيفة في تقرير موسع، عن مصادر حضرت اجتماعات ومناقشات دارت بين القادة العسكريين الأمريكيين وقادة التحالف الإماراتيين، قولهم إن “المسؤولين العسكريين في أبوظبي قاموا بتفصيل خطتهم العسكرية وقدموها لمجموعة الجنرال جوزيف فوتيل قائد القيادة المركزية الأمريكية للإشراف على العمليات العسكرية على الحديدة عبر القوات الأمريكية الموجودة في الشرق الأوسط. فوتيل يحذر قادة أبوظبي العسكريين من أي محاولة للاستيلاء على ميناء الحديدة ويرفض تزويدهم بمعدات عسكرية معينة وكشفت الصحيفة نقلاً عن مصادرها المطلعة على ما كان يحدث خلف الكواليس قبل مفاوضات السويد، إن الجنرال فوتيل حذر قادة الإمارات العسكريين في التحالف من أنهم سيجدون صعوبة في الاستيلاء على ميناء الحديدة، مشيرين إلى أن فوتيل أخبر قادة أبوظبي بأن “الولايات المتحدة لن تزودهم بكاسحات الألغام، ورصد الطائرات بدون طيار، ومعدات عسكرية ذكية” أرادت الإمارات استخدامها وأدرجتها ضمن الخطة العسكرية للسيطرة على الحديدة ومينائها. وتشير المعلومات التي كشفتها “وول ستريت جورنال” خاصة ما يتعلق بالمعدات العسكرية التي طلبت الإمارات من واشنطن بتزويدها بها للعملية العسكرية على الحديدة والميناء، تشير إلى أن السعودية والإمارات لم تتمكنا حتى اللحظة من التخلص من هاجس الطائرات المسيرة التي يعمل خبراء التصنيع والتطوير العسكري اليمنيين في صنعاء على تطويرها والاستمرار في إنتاجها واستخدامها لضرب خصومهم السعوديين والإماراتيين وحلفائهم المحليين في جبهات القتال. الجنرال فوتيل والوزير ماتيس كان لهما دوراً مهماً خلف الكواليس في العمليات العسكرية في اليمن وكشفت الصحيفة عما وصفته بـ”در الكواليس الذي يلعبه الجنرال فوتيل المدعوم من قبل وزير الدفاع المستقيل جيم ماتيس واللذين عملا سوية لتوحيد العمليات السعودية الإماراتية في اليمن مؤخراً، وفي يونيو الماضي لعبا دوراً هاماً في منع هجوم الإمارات على الحديدة وعملا على خلق مساحة دبلوماسية مهمة هيأت للمبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث عقد مشاورات السلام في 13 ديسمبر الجاري، وهو “ما دفع بهما لوضع حدود ضيقة للدعم العسكري الأمريكي المباشر للتحالف وأخبروا قادة التحالف بكلمات كانت نصيحة استراتيجية لهم” حسب ما نقلته الصحيفة عن “مسؤولين غربيين وسط أوسطيين”. وأشارت الصحيفة إلى أن جهود فوتيل وماتيس خلف الكواليس انتهت بفشل محاولات التحالف السيطرة على الحديدة، “خاصة مع تسهيل مجلس الشيوخ الأمريكي الذي رفض دعوة إدارة ترامب وصوت هذا الشهر لقطع دعم الولايات المتحدة للحرب”. وزارة الدفاع الأمريكية كانت حاضرة في مفاوضات السويد وتكشف الصحيفة عن أن فترة ما قبل مفاوضات السويد وأثناء المفاوضات كان للعسكرية الأمريكية دوراً خلف الكواليس، مشيرة إلى أن وزير الدفاع جيم ماتيس كان يناقش مراراً وتكراراً المستجدات بشأن اليمن في الفترة الأخيرة مع سفير أبوظبي لدى واشنطن يوسف العتيبة، والأكثر من ذلك أن التقرير الأمريكي يكشف أن وزير دفاع واشنطن كان يجري محادثات مستمرة وبانتظام مع المبعوث الأممي مارتن غريفيث، وأن مفاوضات السويد عندما تأزمت تدخل ماتيس بنفسه وتحدث مع ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، لتنتهي الصحيفة بالكشف عن “أن وزير الدفاع أكد أن الجيش الأمريكي كان لديه مستشار في مقر انعقاد محادثات السويد”. كما تقول الصحيفة إن الجنرال فوتيل كان له دوراً مهماً وأنه كان يتبادل مع القادة العسكريين السعوديين والإماراتيين مضامين خطة معركة الحديدة وأن تدخل القادة العسكريين الأمريكيين هو ما دفع بحلفاء واشنطن الخليجيين إلى “محادثات سلام خطيرة”. كما نقلت الصحيفة عن مسؤول حكومي أمريكي رفيع قوله إن “ماتيس شارك شخصياً في المساعدة على دفع النزاع في اليمن إلى حل سلمي” مضيفة إن وزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون والقيادة المركزية رفضا التعليق على الإجراءات التي اتخذها جيم ماتيس والجنرال فوتيل أثناء فترة المفاوضات ووقف إطلاق النار. ضربة حافلة أطفال صعدة ودور ماتيس وفوتيل وكيف اعترفت السعودية بالضربة بعد إنكارها؟ ويكشف التقرير إن السعودية لم تكن لتعترف بالضربة التي استهدفت حافلة أطفال مدرسية في محافظة صعدة شمال اليمن في أغسطس الماضي والتي راح ضحيتها مقتل أكثر من 40 طفلاً وجرح أكثر من 60 آخرين، لولا تدخل جيم ماتيس والجنرال فوتيل شخصياً. وأضافت الصحيفة إن السعودية عندما دافعت عن الهجوم، حين زعمت أنها استهدفت قيادات عسكرية حوثية كانوا داخل الحافلة، دفع ذلك الإنكار كلاً من جيم ماتيس والجنرال فوتيل إلى توجيه تحذير مباشر لشركائهما الخليجيين. كما نقلت الصحيفة عن “المطلعين على المناقشات بين القادة العسكريين الأمريكيين ونظرائهم بالتحالف” إن ماتيس وفوتيل طلبا من الرياض وأبوظبي حينها بالقيام بفعل شيء لتفادي خفض الدعم الأمريكي على وقع كارثة حافلة أطفال صعدة، مشيرة إلى أن السعودية بعد ذلك اعترفت بأنها ارتكبت خطأً بالهجوم على حافلة الأطفال وأعلنت أنها ستتخذ خطوات لمنع غارة جوية زائفة أخرى، وهو ما يشير إلى أن السعودية لم تعترف بالجريمة الإنسانية الأخيرة بحق أطفال صعدة إلا بناءً على توجيهات عسكرية أمريكية. وتقول الصحيفة إن القيادة العسكرية الأمريكية بما فيها وزير الدفاع ماتيس والجنرال فوتيل كانا من أكثر المجادلين دفاعاً عن الدعم العسكري الأمريكي للتحالف وأنهم لم يكونوا يرون بأن دعمهم يزيد الأمور سوءاً، مستدركة بالقول إن المستجدات الأخيرة والمتمثلة بمقتل الصحفي جمال خاشقجي وانعكاسها على إبراز الحرب في اليمن ودور التحالف وعلى رأسه واشنطن في الجرائم المرتكبة هناك أدى إلى ازدياد المعارضة السياسية في الكونغرس ضد إدارة ترامب وهو ما أدى أيضاً إلى تغيير واشنطن من سياستها تجاه الحرب في اليمن. وفي إشارة إلى أن الولايات المتحدة هي من قررت وقف تزويد طائرات التحالف بالوقود وليس التحالف الذي زعم عبر وسائل إعلامه إنه هو من طلب من واشنطن وقف تزويده بالوقود، كشفت الصحيفة في تقريرها إنه “عندما تطور الوضع في البرلمان الأمريكي وازدياد المعارضين للحرب السعودية في اليمن، تحرك ماتيس في أوائر نوفمبر لتضييق دعم الجيش الأمريكي للتحالف، وهو ما أدى إلى قطع إمدادات الوقود الجوي للولايات المتحدة المقدم للطائرات المقاتلة السعودية والإماراتية”، مشيرة إلى أن ذلك لم يكن كافياً لمعالجة إدارة ترامب “للمخاوف بين أعضاء مجلس الشيوخ الذين بقطع التمويل”، إذ انتهى الأمر بالموافقة بالإجماع على قرار يتهم بن سلمان بأنه من أمر بقتل خاشقجي والتصويت لصالح قرار يوقف الدعم الأمريكي للحرب وسحب القوات الأمريكية المشاركة خلال 30 يوماً. في الأشهر الأخيرة كان غريفيث يلتقي بوزير الدفاع الأمريكي أكثر من أي شخص آخر وبمعدل عدة لقاءات في الأسبوع الواحد ويبدو أن وزير الدفاع الأمريكي كان له دور بارز جداً لكنه خفي في الوقت ذاته فيما يخص المفاوضات الأخيرة وتوجيه التحالف نحو مفاوضات أفضت إلى وقف العمل العسكري في الحديدة وأدت إلى اعتراف عالمي بجماعة أنصار الله وتعميد ذلك بقرار أممي، إذ كشفت الصحيفة إن وزير الدفاع جيم ماتيس بدأ في الأشهر الأخيرة في قضاء مزيد من الوقت لمتابعة تطورات الملف اليمني، مشيرة إلى أنه “سعى إلى إيجاد طرق جديدة لإنهاء النزاع، وقد التقى مراراً بالسيد غريفيث”، وتنقل الصحيفة على لسان ماتيس قوله “يمكنني التحدث مع غريفيث بمتوسط مرة كل أسبوعين سواءً مباشرة أو عبر الهاتف وفي بعض الأحيان نلتقي عدة مرات في الأسبوع الواحد” قال ماتيس ذلك لمراسلين صحفيين أواخر نوفمبر الماضي حسب الصحيفة. أبوظبي تطلب تدخلاً عسكرياً برمائياً أمريكياً مباشراً في الحديدة وكشفت الصحيفة نقلاً عن أشخاص على دراية بمناقشات القادة العسكريين بين الأمريكيين وقادة التحالف، قولهم إن قيادة التحالف في الإمارات طلبوا من الولايات المتحدة دعماً عسكرياً مباشرة، وأضافت “لكن الجنرال فوتيل وضابط آخر في القيادة المركزية حذروا الإماراتيين من أن الهجوم البرمائي خطير. واختتمت الصحيفة تقريرها بالتساؤل عمّا إذا كان باتريك شانهان نائب وزير الدفاع الذي سيتولى إدارة البنتاغون بعد مغادرة ماتيس خلال الأيام القادمة، سيكرس نفس الوقت والطاقة التي استخدمها ماتيس مؤخراً عند محاولة حل الحرب في اليمن أم لا.