هل سخرية “شارلي ايبدو” بزلزال تركيا.. حرية تعبير؟!
في الوقت الذي ينتظر العالم لحظة بلحظة، الاخبار القادمة من تركيا وسوريا، عن الزلزال المدمر الذي ضربهما، والذي كان الاقوى في المنطقة منذ عام 1939، فقد اسفر حتى الان عن مقتل نحو 6000 انسان وجرح عشرات الالاف، ومازال عدد كبير من الناس تحت الانقاض، تخرج علينا مجلة “شارلي إيبدو” الفرنسية، لتسكب الملح على الجرح التركي السوري النازف، عبر نشر رسم كاركاتيري، يُظهر بناء مدمرا، كتب تحته “زلزال في تركيا.. لا داعي لإرسال الدبابات”!!.
هذا الاستخفاف بالمشاعر الانسانية، من قبل القائمين على المجلة، يؤكد بما لا يقبل الشك، ان هناك نفسا عنصريا صارخا يسيطر عليهم، لذلك لم تجد المجلة هذه المرة من يقف معها، بذريعة الدفاع عن حرية التعبير، وعن الكرامة الانسانية، فقد تعرضت لهجوم مازال مستمرا منذ يوم امس الثلاثاء، فقد استغرب الجميع لجوء الصحيفة للسخرية على حدث كارثي فقد بسببه الالاف من الناس ارواحهم.
من الصعب تصور شخص يدعي انه فنان ورسام، الا انه فاقد للمشاعر الانسانية، حتى في حدودها الدنيا، بهذا الشكل الفظيع، فهو يرى الجثث الممزقة التي يتم سحبها من تحت الانقاض، ويسمع صراخ وانين الاطفال والنساء والرجل وهم عالقون، ويمسك قلمه ليسخر منهم؟!!. كيف يمكن ان يتشفى مثل هذا الشخص بضحايا مثل هكذا كارثة صدمت العالم ومازالت؟. من المؤكد انه لا يمكن وصف مثل هذا الشخص، إلا بالعنصري، فالانسان العنصري هو الوحيد الذي يفرح ويشعر باللذة، بموت وآلام من يحقد عليهم.
لا يمكن وصف مثل هذا السلوك الا بالمقيت، فهو ليس سوى دعوة صريحة للكراهية، ونشر البغضاء بين الشعوب، فالمجلة لم تسخر من حزب او نظام او شخص، بل من شعب بأكمله، بينما هذا الشعب منكوب بزلزال حصد الالاف من ارواح ابنائه، لذا من المنطقي القول، اما هذه المجلة يتم تمويلها من جهات تعمل على نشر الكراهية والضغائن والاحقاد بين الشعوب، لدفعها الى الاقتتال والاحتراب ومن ثم الخراب، من دون علم السلطات الفرنسية، واما ان السلطات الفرنسية على علم بتوجهات هذه الصحيفة، عندها ستكون الطامة اكبر، فإحتضان السلطات الفرنسية لمثل هذه المجلة وتوجهاتها، تعنى ان الغرب مازال يعيش عصر الحرب الصليبية، ولم يتجاوزه.
قبل ان ننهي هذا المقال نذكر بالموقف الانساني للمسلمين، مع محنة مجلة شارلي ايبدو، عندما تعرضت لهجوم عام 2015 وقتل عدد من العاملين فيها، بعد ان نشرت رسوما مسيئة للنبي الاكرم صلى الله عليه واله وسلم وهو موقف يتناقض كليا مع موقف المجلة ازاء محنة تركيا وسوريا، حيث تعاطف معها العديد المسلمين، الذين نددوا بالهجوم ، معتبرين المهاجمين لا يمثلون الا انفسهم، رغم انهم كانوا يرفضون توجه المجلة التي لا تنفك عن استفزاز مشاعر المسلمين.
على العقلاء في فرنسا و اوروبا، ان يحولوا دون تكرار مثل هذه الممارسات البعيدة كل البعد عن القيم الانسانية، والا يغضوا الطرف عنها بحجة حرية التعبير البالية، ففي حال تقاعسهم عن القيام بذلك، سيكونون كمن يشارك متطرفيهم في إستهزائهم بالشعوب الاخرى ونشر الكراهية.
-
ماجاء في المقال لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع