المقابر الجماعية والجوع والصراعات.. إرث الناتو للشعوب
قبل ايام وافق البرلمان الأوروبي، على قرار يعتبر روسيا دولة “راعية للإرهاب”، وتمت الموافقة على القرار بأغلبية 494 صوتا، في مقابل 58 صوتا معارضا، وامتناع 44 عن التصويت.
إلى هنا القرار لا يعنينا، لانه من إفرازات الرؤية الغربية إلى العالم، العالم الذي يرى فيه الغرب انه “الميزان” الذي يُقاس به الحق والباطل، لذلك ما يعنينا هنا، هو أصوات الذين عارضوا القرار، والتبريرات التي قدموها لمعارضتهم، والتي تم تجاهلها في اغلب وسائل الإعلام الغربية.
ما كنا نتوقع أن نسمع صوتا واحدا يعارض قرارا أوروبيا ضد روسيا، في البرلمان الأوروبي، ولكن هذا هو الذي حصل، فهناك أصوات أوروبية، مازال الضمير حيا في داخلها، وتحتكم إلى وجدانها، ولا يمكن التأثير عليها عبر عملية غسيل الأدمغة التي تنتهجها وسائل الإعلام الغربية، ومن هذه الأصوات كان صوت كلير دالي، العضو في البرلمان الأوروبي من إيرلندا.
كلير دالي لم تكتف بالتصويت ضد القرار، بل ذكرت في كلمة لها، الأسباب التي دعتها إلى التصويت ضد القرار، الأمر الذي أثار إعجاب المراقبين، لا لأنها دافعت عن روسيا، بل لأنها كشفت نفاق وخداع الغرب واعتماده سياسة مزدوجة المعايير، بشكل عار وصارخ.
دالي أشارت، إلى أن التصويت على القرار جاء بعد بضعة أسابيع من مرور الذكرى الحادية عشرة لاغتيال الزعيم الليبي معمر القذافي أثناء هجوم الناتو على ليبيا،
وقالت: إن القذافي “اُغتُصب بحربة، وقتل برصاص في الرأس، نحن نتذكر جيدا تدخل الناتو في ليبيا بذريعة حماية الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، والآن يخوض الناتو حربه بالوكالة في أوكرانيا، باسم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان أيضا”.
وأضافت دالي: “ليبيا بلد مزقته الصراعات، واقتصاده مدمر، وسكانه الذين كانوا في يوم من الأيام الأغنى في إفريقيا، انجروا إلى الفقر وغرقوا فيه، يتم شراء وبيع المهاجرين في أسواق العبيد، يأمل مليون شخص في الحصول على مساعدات إنسانية.
هذا بلد المقابر الجماعية والجرائم ضد الإنسانية، هذا هو إرث الناتو، هذه هي استراتيجية الناتو لحقوق الإنسان والديمقراطية” عندما يكون الإرهاب، والموت، والفوضى، والاغتصاب، والفقر، والجوع، هو إرث الغرب وحربته الناتو، عندما يتدخل في شؤون الدول الأخرى بذريعة من الذرائع، وفي مقدمتها نشر “الحرية والديمقراطية”، فإن الغرب يفقد الحق في تصنيف الآخرين بين إرهابي وغير إرهابي، كما يفقد الحق في أن ينتقد الآخرين، بينما العالم رأى بأم عينه كيف قامت أمريكا وبريطانيا وفرنسا وكندا بغزو وتدمير العراق وليبيا، في انتهاك صارخ لميثاق الأمم المتحدة، من دون ان تتجرأ أية قوة في العالم وأي محفل دولي على مساءلة هذه الدول المتعجرفة على الجرائم التي ارتكبتها ضد الإنسانية.