تقرير:صنعاء ستتصدى للتحركات المعادية في البحر الأحمر
تشهدُ “جزيرة ميون” اليمنيةُ الواقعةُ في قلبِ باب المندب الاستراتيجي وثاني أهم ممر بحري في العالم منذ فبراير 2022م حتى اليوم، تحَرّكات خطيرة وتحشيدات عسكرية متسارعة لقوى تحالف العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي، ارتفعت وتيرتها بشكلٍ بارز خلال الأسابيع السابقة على خلاف الأعوام السبعة الماضية.
يأتي ذلك منذ بدء سيطرة المحتلّ الإماراتي على الجزيرة؛ سعياً لتثبيت هيمنتهم على أهم الممرات المائية الدولية والسواحل اليمنية تحت ذرائع مزيفة، وهو ما يكشف عنه نواياهم الخبيثة وزيف ما يدّعونه في بياناتهم وتصريحاتهم برغبته في تمديد الهُــدنة، ما يجعلُ خياراتِ صنعاءَ مفتوحةً أمام أطماع تحالف العدوان في احتلال اليمن ونهب ثرواته.
هذا التحَرّك العدائي المتسارع لدول تحالف العدوان والذي كان آخره تهجير سكان جزيرة “ميون” اليمنية وإحلال مستوطنين جدد بدلاً عنهم، إلى جانب بدء بناء قواعد عسكرية ووحدات سكنية لإحداث تغيير ديموغرافي في الجزيرة، وتحويلها إلى “مستعمرة إماراتية” في محاولة لسلخها عن الهُــوِيَّة والقيم الثقافية والتاريخية التي تربطها بمحافظة تعز، وعلى مرأى ومسمع الأمم المتحدة التي لم تحَرّك ساكناً إزاء هذا التدخل السافر؛ باعتبَاره عدواناً على دولة حرة مستقلة ذات سيادة، الأمر الذي رآه البعض تواطؤاً أممياً صريحاً ومفضوحاً.
خطواتٌ عدائية
مصدرٌ مسؤولٌ في السلطة المحلية بمحافظة تعز اعتبر ما يقوم به المحتلّ الإماراتي في جزيرة ميون من استحداثات وتجهير للسكان وأعمال إجرامية أُخرى، تدخلاً سافراً وانتهاكاً جسيماً للسيادة اليمنية وجريمة مشهودة على مرأى ومسمع المجتمع الدولي، وانتهاكاً صريحاً لميثاق الأمم المتحدة والجامعة العربية والدستور اليمني.
واستنكر المصدر في الوقت نفسه “استمرار تحالف العدوان في سياسته العدائية وعدم رغبته في تحقيق السلام وإيقاف العدوان ورفع الحصار”.. ومحذراً من عواقب استمرار دول العدوان وعلى رأسها الاحتلال الإماراتي في تصرفاتها العدوانية وممارسة حماقاتها التي ستدفع دول تحالف العدوان دون استثناء ثمنها عاجلاً؛ كون الشعب اليمني وقيادته لن تتهاون مع مثل هكذا تصرفات.
تصريحٌ صحفيٌّ لنائب رئيس الوزراء لشؤون الأمن والدفاع، الفريق جلال الرويشان، في 2 نوفمبر2022م، أتت في أعقاب الخطوات العدائية لتحالف العدوان، والذي أعلن فيه “الرويشان” استعدادات صنعاء لمؤتمر وطني حول الأمن البحري كخطوةٍ نحو فرض السيادة الكاملة على المياه الإقليمية اليمنية، وتثبيت الدور الفاعل لليمن في حماية الممرات المائية في المنطقة ووقف مساعي العدوان للهيمنة عليها واستغلالها لصالحهم.
رسالة ساخنة وجّهها الرويشان جدَّدَ فيها التأكيد على أن “استمرار العدوان والحصار سيجعل خيارات صنعاء مفتوحة”، مُشيراً إلى أن “اليمن حريصة على أمن البحر الأحمر والممرات المائية وحرية الملاحة الدولية”.
تصريحات الرويشان كان قد سبقها عدة رسائل وجهتها صنعاء خلال الفترة الماضية أكّـدت فيها على التوجّـه نحو فرض السيادة على المياه الإقليمية اليمنية وحمايتها من انتهاكات العدوان، كردٍ على الاتّهامات المتكرّرة التي يوجهها تحالف العدوان لصنعاء منها تهديد الملاحة الدولية، والتي يسعى من خلالها العدوان إلى توفير غطاءٍ لنفسه لتنفيذ مزيدٍ من التحَرّكات العدوانية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.
هذه التحَرّكات أدركتها صنعاء مبكراً، عبر مجموعة من الرسائل التي بعثت بها لتحالف العدوان، الأبرز منها خلال فترة الهُــدنة المؤقتة المنتهية، عبر عروض عسكرية في الحديدة وغيرها، عرضت فيها صنعاء أسلحة الردع الاستراتيجية البحرية المتطورة التي كشفت عنها لأول مرة في عرضٍ عسكري هو الأول من نوعه على مستوى اليمن والمنطقة في العيد الثامن لثورة 21 سبتمبر بميدان السبعين بصنعاء.
الرسائل في مجملها أكّـدت من خلالها صنعاء على أنها قادرة على حماية مياهها الإقليمية وحماية الملاحة بشكلٍ عام على البحر الأحمر من أية تهديدات قد تعرض أمن البحر الأحمر والمياه الإقليمية لأي خطر، ومن أية جهةٍ كانت.
تهديداتٌ متزايدة
التحَرّكاتُ المشبوهة لدول تحالف العدوان، التي حذّرت منها صنعاء مراراً أكّـدتها وسائلُ إعلام جنوبية في 4 فبراير الماضي، حَيثُ نشرت في مضمونها عن تحشيدٍ متزايدٍ لدول العدوان إلى جزيرة ميون اليمنية.. المقال الذي نشره الصحافي الجنوبي عادل الحسني في تغريدةٍ على حسابه الشخصي في “تويتر” عن وصول أربع سفن عسكرية تابعة للتحالف السعوديّ الإماراتي أنزلت قوات على جزيرة ميون في باب المندب”، حَــدَّ قوله.
وكالة “أسوشيتد برس” من جانبها كانت قد نشرت تقريرًا يفيد ضمنًا بأن جزيرة ميون، التي هي على بُعد حوالي 3.5 كيلومتر من البر الرئيسي لليمن، تقع تحت الاحتلال الإماراتي.
وقالت: إن هناك عملًا جاريًا في الجزيرة المطلة على مضيق باب المندب منذ فبراير2021م منها بناء مدرج عسكري جديد بطول 1.85 كيلومتر، بالإضافة إلى مبانٍ عسكرية في الجزيرة” مرفقة صوراً التقطتها الأقمار الصناعية.
وفي 1 يونيو2021م أوضح موقع “ديبكا” (DEBKA) التابع لمخابرات العدوّ الإسرائيلي، أن القاعدة الغامضة التي كشفت عنها وسائل الإعلام في العام ذاته، عبارة عن مشروعٍ عسكري إماراتي يتضمن قاعدة للطائرات المروحية “في جزيرة ميون” يمكّن الإمارات من التحكم بالممر البحري في المنطقة، ومراقبة ناقلات النفط والسفن التجارية من مضيق باب المندب، حسب قوله.
“ديبكا” أكّـد في الوقت نفسه أن هذه ليست المرة الأولى التي يسجل فيها نشاطاً عسكريًّا للإمارات في جزيرة ميون، فخلال الخمس السنوات الأولى من عمر العدوان على اليمن بنت الإمارات مدرَجاً للطائرات يحتل معظم مساحة الجزيرة.. مُشيراً إلى أن هذه القاعدة من شأنها تغيير موازين القوى العسكرية في هذه المنطقة البحرية.
المعلومات التي كشف عنها “ديبكا” الإسرائيلي أكّـدتها صحيفة العرب القطرية في العام2017م، في تقريرٍ موسع لها بعنوان “جزيرة «ميون»”، أكّـدت من خلاله كيف تحولت جزيرة “ميون” إلى مستعمرة إماراتية في اليمن.
وأوضحت صحيفة العرب القطرية سعي الإمارات لاستغلال وجود قواتها في اليمن للاستيلاء على المناطق الحيوية والاستراتيجية فيها.. وأضافت نقلاً عن أهالي وسكان الجزيرة: أن “مساحات شاسعة من أرضهم احتُلت وحُوّلت إلى مناطق عسكرية مغلقة، تسيطر عليها دولة الإمارات، التي استقدمت مجموعات غير عربية إلى الجزيرة عبر مؤسّسة خليفة الإماراتية”.
أمام كُـلّ هذه التحَرّكات العدائية لدول تحالف العدوان، يؤكّـد مراقبون أن صبر صنعاء لن يطول كَثيراً، وأن ما بعد مؤتمر صنعاء المرتقب حول “أمن البحر الأحمر” ليس كما قبله.