إشراق السويدي وإيثار فارع، شابتان من اليمن تتصدّيان لتغيّر المناخ عبر أفكار إبداعية تصنع فرقا في المجتمع

مناقشات الدورة ال 77 للجمعية العامة هذا العام جمعت كبار القادة والمسؤولين في العالم، ولكن على هامش تلك الاجتماعات كان يدور تغيير من نوع فريد. فقد تجمّع 150 من الشباب من 90 دولة – كل منهم يناصر البيئة بطريقته الخاصة – وشاركوا في فعالية جانبية من أجل البيئة. من بين هؤلاء شابتان يمنيتان تقودان تغييرا حقيقيا في بلدهما الذي يئن بسبب الحرب والصعوبات الاقتصادية والبيئية.

فقد شاركت إشراق السويدي (24 عاما) وإيثار فارع (24) في حدث جانبي في نيويورك بعنوان “قوة العمل” أو Powering Action على هامش الدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، واستضافت مبادرة الشباب من أجل المناخ أو Youth4Climate، التي أطلقتها حكومة إيطاليا وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي هذا الحدث العالمي الرائد الذي يجمع الأصوات العالمية حول القضية الأكثر إلحاحا في عصرنا: العمل المناخي.

مشاريع إيجابية

إشراق عضوة في برنامج القيادة الشابة اليمنية. وقد أطلقت مبادرة تستهدف الأطفال وطلاب المدارس للمساعدة في تطوير معرفتهم بتغير المناخ من خلال تنظيم أنشطة تثقيفية حول مخاطر تغيّر المناخ.
ورغم أنها تخرّجت من كلية التجارة والاقتصاد من جامعة صنعاء، كان لديها شغف واهتمام كبيران بقضايا المناخ والبيئة.

تقول إشراق لأخبار الأمم المتحدة: “عملت في أكثر من مشروع يدعم قضايا المناخ والبيئة وتلقيت العديد من البرامج التدريبية في هذا المجال. كان أولها مع برنامج القيادات الشابة – برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.”

وقد أطلق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في الدول العربية برنامج القيادات الشابة في عام 2015 لتسخير إمكانيات الشباب للمساهمة في تحقيق أهـداف التنمية المستدامة لعام 2030.

وأشارت إشراق إلى أنه يجري العمل على توعية المجتمع بقضايا المناخ، لكن اهتمامات الشعب اليمني بسبب الأوضاع الاقتصادية والسياسية كانت مختلفة جدا. “عندما تحدّثينهم عن المناخ يجدونه أمرا غريبا أولا، وثانيا أنه غير ضروري.”

Soundcloud

لذلك قامت – من خلال مبادرتها – باستقطاب الجيل الصاعد، من طلاب المدارس والأطفال، وحاولت أن تزرع فيهم الوعي بشأن مخاطر التغير المناخي والأخطار التي يمكن أن تحدث إذا جرى الاستمرار بنفس العادات ونفس السلوكيات.

بدأنا نتردد على بعض المدارس لتوعية الطلاب لغرس الأسس الصحيحة والعادات السليمة من الآن، حتى يكبروا وتكبر معهم هذه الأفكار. نستخدم العديد من الأنشطة الترفيهية التي يمكن أن تساعد في ترسيخ الفكرة في عقول الأطفال، كالرسوم المتحركة والأفلام والألعاب الترفيهية.”

وعن الممارسات الجيدة، تقول إشراق: “نعلّمهم التشجير وأهميته وكيف يمكن للأشجار أن تساعدنا، وكيف يمكننا حماية الكوكب بعدة وسائل بممارسات بسيطة.

من الأمثلة على الممارسات الصحيحة إلى جانب التشجير، بستنة الأماكن المهملة والتثقيف البيئي، والتقليل من استخدام المواد البلاستيكية في المراحل الأولى، بعدها التدوير وكيف يمكن إعادة استخدام المواد بطريقة صحيحة.

نقوم بتنظيم أنشطة شهرية ومسابقات وفي نهاية الشهر نختار مندوبا نسميه صديق البيئة.”

أما إيثار ابنة مدينة عدن، فقد طوّرت فكرة إبداعية في تحويل النفايات العضوية إلى أسمدة عضوية للأراضي الزراعية مما سيخفض تراكم النفايات في المدن ويقلل من تلوث الهواء الناتج عن حرق النفايات كوسيلة للتخلص منها.

يختص مشروع إيثار في جمع وتصنيف النفايات بالتنسيق مع مؤسسات صناديق النظافة في اليمن لتحويلها إلى سماد عضوي للأراضي الزراعية باستخدام التحلل الحراري للنفايات ونوع من ديدان الأرض التي تقوم بعملية تحليل النفايات.

تقول إيثار لأخبار الأمم المتحدة: “بعد الحرب تدمرت البنية التحتية نهائيا، أصبحت الأماكن لا تطاق. نبعت الفكرة من هنا، لماذا لا نفكر في حل للتخلص من النفايات وفي نفس الوقت يعود بالفائدة علينا.

وأكدت أن ذلك يساعد اليمن لأنه دولة زراعية، والفكرة تفيد الإنسان والبيئة، وكذلك الاقتصاد.

مصاعب وتحديات

أكدت إيثار أن وضع البلاد صعب من ناحية جمع المعلومات والتمويل، ومن نواحٍ عديدة، كالتعاون مع المؤسسات الحكومية، “في كل خطوة نجد صعوبات كثيرة ولكن نحاول تجاوزها.

لكنها أشارت إلى أن شباب اليوم يتمتع بوعي كبير، ربما هي ليست فئة كبيرة جدا لكنّها فعّالة جدا، خاصة الفتيات.

وتابعت تقول: “تدخلاتهم وتفاعلاتهم كبيرة جدا، خاصة من الناحية البيئية. نحن هذا الجيل أدركنا الضرر، وتسلّمنا الكوكب والبيئة وهما مدمّران. نحاول تحسين الوضع الذي نتج عن الأجيال السابقة، وهذه مسؤولية كبيرة وحمل ثقيل علينا.”

من ناحيتها، أوضحت إشراق أن سبب شغفها في البيئة والعمل المناخي أنه لم تكن لديها أدنى فكرة عن التغيّر المناخي وماهيته.

لذلك رغبت أن تتكرر حكايتي مع الأجيال المقبلة، وأردت أن تصلهم فكرة معنى التغير المناخي، وما هي الأضرار التي تحدث ونحن لا ندري أنها نتيجة تصرفاتنا.

سيدة نازحة بسبب السيول المفاجئة في آب/أغسطس تتحدث إلى موظفي صندوق الأمم المتحدة للسكان خارج المأوى المؤقت الذي تقيم فيه في مأرب، اليمن.
© UNFPA Yemen

فعالية قوة العمل

عن مشاركتها في الفعالية التي تدور على هامش أعمال الدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة، قالت إشراق، التي تعمل في هذا المجال منذ بداية الجائحة، إنها استمعت للعديد من المتحدثين من دول مختلفة، واستفادت كثيرا: “ترين ما هي أخطاء الآخرين وتستفيدين منها وتحاولين أن تسلكي نفس السلوك الصحيحة التي سلكوها.

أما إيثار، فهذه الفعالية تعد أول حدث من هذا النوع تشارك فيه، وتصف شعورها بالرائع، “أن تجد أشخاصا يشاطرونك التفكير ونفس الطموحات والآمال، وأن يكون التواصل كبيرا. وجدتها فعالية جميلة وتعرّفنا على شباب رائع.”

وأشارت إلى أنها تعرّفت على شباب من جميع أنحاء الوطن العربي يعتريه “الشغف والطموح،” وتحدثت عن أهمية مشاركة الشباب اليمني وخاصة الفتيات، “فلا أحد يلتفت لإنجازاتهم، لكن قد يعطيهم هذا الأمر دفعة، أو قد يعطيهم بعض الطموح والأمل للتحرك.

حياة مختلفة وصعبة

أعربت إشراق عن أملها في مستقبل أفضل لليمن من هذا الذي تعيشه الأجيال الآن، “ليس من الجوانب البيئية فحسب، ولكن من جميع الجوانب أيضا.”

وأكدت أن يدا واحدة لا تقدر على فعل شيء، “يجب أن نتعاون جميعنا كشباب وكأطفال كي نخدم البلد بإذن الله، ونحصل في الختام على حياة يرضاها الجميع.”

وقالت إن اليمنيين يعيشون حياة مختلفة وصعبة مقارنة بالآخرين “ولكن هذا ما يجعلنا نتميز بالفعل. هذه الصعاب جعلت مني ومن الشباب الآخرين صانعي فرص نعمل على استغلال جميع الفرص التي تتاح لنا رغم كل الصعوبات. وهذا ما يجعلني على ثقة بأنه في نهاية هذا الطريق الصعب، سنجد ما صبرنا وتعبنا من أجله جميعا.”

أما إيثار فتتمنى أن تتوقف الحرب وأن ينهض اليمن اقتصاديا “وأنا واثقة بأن بإمكانه النهوض اقتصاديا.. أتمنى جدا أن ينهض اليمن باقتصاد قوي يعطي للبيئة مكانتها فيه.

في العام الماضي في ميلانو، بإيطاليا، اجتمع مئات الشباب من جميع أنحاء العالم لمناقشة وجهات النظر والقضايا المفتوحة والأفكار الجديدة لإبطاء تغيّر المناخ.

ويأتي اجتماع هذا العام في وقت مناسب، قبيل مؤتمرين مهمّين: مؤتمر الأطراف COP27 في شرم الشيخ بمصر من 6 إلى 18 تشرين الثاني/نوفمبر، ومؤتمر COP15 حول التنوع البيولوجي في مونتريال بكندا، من 7 إلى 19 كانون الأول/ديسمبر.

قد يعجبك ايضا