تفاؤل حذر بشأن صفقة هي الأكبر لتبادل الأسرى بين صنعاء والتحالف

ما بين التفاؤل بنجاحها والتشاؤم من تأثير بعض القوى المحلية الموالية للتحالف وعلى وجه الخصوص حزب الإصلاح في عرقلتها، شهدت العاصمة اليمنية صنعاء والعاصمة السعودية الرياض، خلال الأيام الماضية زيارات ميدانية متبادلة بشأن ملف تبادل الأسرى التي قادتها الأمم المتحدة وبالتعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر في الأردن منذ 24 يناير، وحتى الإعلان عن فشلها في 18 فبراير 2018.

خنوع سعودي

 

صول الوفد السعودي إلى صنعاء

 

وتفاجأ الكثير من الناس بوصول وفد سعودي إلى صنعاء ووصول وفد حكومة صنعاء إلى الرياض، خاصة أنه جاء بعد إعلان الأمم المتحدة في فبرابر 2018، عن فشل الوصول إلى حل بشأن ملف تبادل الأسرى ووصولها إلى طريق مسدود.

ووفقاً لمراقبون عرب للشأن اليمني، فقد تميزت جولة المفاوضات اليمنية السعودية بشأن عملية تبادل الأسرى عن الجولات الخمس السابقة بكونها جاءت بين حكومة صنعاء وإحدى دول التحالف بعيداً عن “الحكومة ” المحلية التابعة للتحالف، وهو اعتراف رسمي بأن الحرب في اليمن هي عدوان خارجي، نجحت حكومة الإنقاذ الوطني في صنعاء في انتزاعه من دول التحالف التي كانت تدعى بأن الصراع “يمني – يمني”.

 

ويرى المراقبون أن دخول السعودية بشكل مباشرلاستلام ملف التفاوض مع صنعاء حول الأسرى يندرج ضمن فقدان دول التحالف للثقة مع الحليف اللدود حزب الإصلاح، كما يؤكد حقيقة ما كانت تصرح به صنعاء من عدم امتلاك وفد “حكومة التحالف” للقرار الذي كان مرهون بيد دول التحالف وفي مقدمتها الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية ولإمارات.

وفي السياق قال رئيس اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى عبدالقادر المرتضى، الأحد الماضي: إن “اللجان الفنية كانت ضرورة خصوصا أن النظام السعودي كان ينكر وجود بعض الأسماء لديه فأتت الزيارات لتصحيح قوائم الأسماء وزيارة الأسرى”.

وتابع المرتضى في تصريحه للمسيرة أن “لجنة الأسرى ناقشت مع الجانب السعودي القوائم وتم تثبيت الأسماء والاتفاق على قائمة نهائية لتنفيذ الاتفاق الذي ابرم في مارس الماضي”.

وأشار إلى تأكيد اللجنة للفريق السعودي أن الاتفاق شامل ولا يمكن إتمام أي صفقة تخص السعوديين فقط وهذا ما نص عليه اتفاق الأردن، وأن قوى التحالف في مارب يعيقون إنجاح صفقة الإفراج عن الأسرى والنظام السعودي مسؤول عن إلزامهم بالاتفاق إن أراد إتمام الصفقة.

مناورات الإصلاح

كثيراً ما كانت صنعاء تحمل دول التحالف مسؤولية عرقلة وإفشال الوصول لاتفاق تبادل شامل للأسرى مُنذ أول مشاورات مع وفد “حكومة التحالف” في جنيف وانتهاء بمشاورات عمان مروراً باتفاق ستوكهولم في السويد.

ونصت اتفاقية ستوكهولم في ديسمبر 2018  على ثلاث نقاط رئيسية: اتفاق وقف إطلاق النار في محافظة الحديدة، وبيان تفاهم حول مدينة تعز، وآلية زمنية لتأمين الإفراج عن 15000 أسير من الجانبين 7587 من قوات صنعاء، مقابل 8576  من قوات التحالف.

إلا أن تصريح رئيس لجنة الأسرى في صنعاء، حول ضرورة أن تقوم السعودية بممارسة الضغط على الأطراف اليمنية التابعة للتحالف، قد تكون مؤشراً على إمكانية حدوث نوع جديد من المناورات لدى التحالف ، من خلال تبادل الأدوار بين دول التحالف والقوى المحلية التابعة لها بعرقلة أي صفقات كاملة لتبادل الأسرى.

واستطاع الإصلاح إفشال العديد من تلك المفاوضات التي تقودها الأمم المتحدة، في تأمين الإفراج عن الأسرى والمعتقلين على أساس مقترح حكومة صنعاء صفقة “الكل مقابل الكل” المتفق عليه في اتفاقية ستوكهولم في ديسمبر 2018.

كما نجح الإصلاح بدعم من السعودية في أكتوبر عام 2020 في إفشال صفقة تبادل منفصلة التزمت فيها “حكومة هادي” بالإفراج عن 50 أسير من قوات صنعاء و150 مختطف مدني من المرضى والطلاب والمغتربين تم اختطافهم في مأرب أثناء محاولتهم للسفر إلى الخارج مقابل إطلاق صنعاء سراح “ناصر منصور هادي” شقيق الرئيس المستقيل هادي و 100 أسير من ميليشيا “طارق صالح” في الساحل الغربي، تحت ذريعة أن “ناصر منصور هادي – رجل واحد فقط – سيتم استبداله بـ 100 رجل”.

ومع كل فشل في التوصل لاتفاق تبادل الأسرى بين الطرفين كان وفد “حكومة التحالف” الذي يهيمن عليه الإصلاح يضع شروطاً تعجيزية من بينها إطلاق القيادي في الحزب محمد قحطان والقيادي العسكري فيصل رجب قبيل إبرام أي اتفاق مما وضع ملف الأسرى أمام الكثير من المشاكل الفنية والسياسية.

ومن ضمن العراقيل التي وضعها الإصلاح في مأرب، زعمه أنه لا يحتجز إلا 2900 أسير من أصل 7587 أسيراً لكون بقية الأسرى محتجزين لدى قيادات قبيلة موالية للتحالف ولدى عناصر عسكرية عير نظامية موالية للتحالف في إشارة لعناصر تنظيم القاعدة، بينما أكد وفد صنعاء أن الإصلاح قدم ضمن أسماء كشف التبادل  2300 اسم مكرر، وكذلك أسماء 1400 أسير تم الإفراج عنهم بالفعل في صفقات تبادل سابقة، و 111 اسم من أعضاء القاعدة في شبه الجزيرة العربية وتنظيم الدولة الإسلامية، و 1300 اسم مجهول.

صفقات احادية

 

صورة من تحرير 66 أسير من قوات صنعاء

وامام مناورات الإصلاح وكذا مغالطات السعودية والإصلاح من خلال العمل على استبدال الأسرى بمدنيين مختطفين لجأت حكومة صنعاء إلى استخدام ورقة الاتفاقيات المحلية بعيداً عن المفاوضات العقيمة التي ترعاها الأمم المتحدة عبر شخصيات قبيلة بارزة محايدة قادت مفاوضات سرية بين قوات صنعاء وقيادات عسكرية وقبلية موالية للتحالف، نجحت من خلالها قوات صنعاء في تأمين الإفراج عن أكثر من 5800 أسير عبر صفقات  لتبادل الأسرى إلى جانب تحرير المئات عبر المقايضة  بالمال.

وفي السياق أكد رئيس اللجنة الوطنية لشؤون الاسرى عبد القادر المرتضى في مقابلة مع وكالة الأنباء اليمنية سبأ في 27 أكتوبر 2019، أن قوات صنعاء نجحت ما بين مارس 2015 ويوليو 2017 في الإفراج عن 1800 أسير خلال 40 تبادلًا تمت بعيداً عن مفاوضات الأمم المتحدة.

وكشف المرتضى، أنه تم الإفراج منذ منتصف عام 2017 المحلية حتى نهاية سبتمبر 2019، عن 7000 أسير من الجانبين من خلال 300 تبادلاً من خلال الوساطة والاتفاقيات.

خمس جولات

 

صورة من مفاوضات عمان

شهدت مفاوضات ملف الأسرى 5 جولات تم في الجولة الثالثة منها في أكتوبر 2020، تنفيذ أول عملية تبادل تم خلالها الافراج عن 1420 أسير بينهم 700 أسير من قوات صنعاء و400 أسير من ميليشيات الإصلاح إضافة إلى 15 سعوديا وأربعة سودانيين.

وعقدت الجولة الرابعة من المفاوضات في جنيف في سبتمبر 2020 تم فيها الاتفاق على أكبر عملية تبادل تتكون من مرحلتين: المرحلة الأولى، الإفراج عن 681 أسيراً من قوات صنعاء مقابل 400 أسير من قوات التحالف بينهم سعوديون وسودانيون، بينما تتضمن المرحلة الثانية، إطلاق سراح بقية الأسرى المنصوص عليها في اتفاقية فبراير 2020 وعددهم 301 أسير، بمن فيهم ناصر هادي، تم تنفيذ المرحلة (أ) في 15 أكتوبر 2020 ، وشملت إطلاق سراح 1065 أسيرا من الطرفين ليتضح فيما بعد أن السعودية استبدلت أسرى قوات صنعاء بمغتربين يمنيين كانت ستقوم الرياض بترحيلهم فيما استبدل حزب الإصلاح العديد من الأسرى بمختطفين مدنيين، بينما عمد حزب الإصلاح إلى إفشال المرحلة (ب) والتي كانت تتضمن الافراج عن 50 من قوات صنعاء  إلى جانب 150 مختطف مقابل إطلاق 101 أسير من قوات التحالف والتي كان يفترض أن تتم بعد ايام من الصفقة التي تمت في 15 اكتوبر من نفس العام.

وفشلت الجولة الخامسة في اطلاق سراح بقية الأسرى المشمولين في اتفاقية ستوكهولم والتي بدأت في 24 يناير 2021 ، في عمان وحتى 21 فبراير 2021 ، حيث تم الإعلان رسميًا من قبل الأمم المتحدة عن انتهائها، ولم يتم التوصل إلى حل وسط انعدام ثقة حكومة صنعاء في دول التحالف وكذا في مناورات حزب الإصلاح، حتى تفاجأ الجميع بفتح ملف الأسرى من جديد عبر زيارات متبادلة لوفدي صنعاء والرياض.

قد يعجبك ايضا