إلغاء حق الامتياز الممنوح لتوتال وشركائها في مشروع الغاز المسال في اليمن
المحرر الاقتصادي
تنفيذ قرار محكمة الأموال العامة باستعادة أكبر مشروع للغاز في البلاد وطرد توتال من اليمن.. وإنهاء سلسلة كبيرة من الفساد الإداري والمالي تسببت في خسارة اليمن مبالغ طائلة قد تتجاوز 100 مليار دولار.
مشروع الغاز الطبيعي المسال في اليمن
في 21 سبتمبر 1995م وقعت اليمن مع شركة توتال (تحت مسمي الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال (YLNG) اتفاقية تطوير الغازGDA تهدف إلى تصدير (125 مليون طن من الغاز المسال من مشروع بلحاف لمدة 25 سنة)، والذي يقدر بما يقارب من 80 % من إجمالي الاحتياطيات الغازية في اليمن. في 1996م تم التوافق بين شركة توتال وشركة هنت ليكونوا شركاء في مشروع الغاز، حيث منح الشركاء أنفسهم حق الحصول على رسوم منشآت المنبع من شركة توتال لصالح شركة مارب لخدمات المنبع تصل إلى (900 مليون دولار) خلال عمر العقود ومصادرة الحق السيادي لليمن في ملكية كل أصول القطاع (18).
بناءً على مراجعة المعلومات المتوفرة من قبل الفريق الفني في قطاع الدراسات الاستراتيجية في شركة أولتارا الاستشارية، تبين أن تدني عوائد الحكومة من مبيعات الغاز الطبيعي المسال يعود إلى بندين كارثيين في الاتفاقية؛ أحدهما يتعلق بآلية تسعير الغاز والقيود المفروضة عليها، والثاني يرتبط بمعادلة تحديد نصيب الحكومة من صافي أرباح المشروع، إضافة إلى محاولة الاستحواذ الكارثية على كميات مهولة من احتياطيات الغاز، تقدر بتريليوني قدم مكعب (بقيمة فعلية قدرها 24 مليار دولار)، وإنشاء شركة لخدمات المنبع لغرض استيلاء الشركاء الأجانب في مشروع الغاز على ملكية وتشغيل حقول منشآت منبع الغاز قطاع (18) وبما يتعارض مع السيادة اليمنية والقوانين اليمنية النافذة.
في 2013م قدم فريق الحكم الرشيد بمؤتمر الحوار الوطني، بلاغا لمعالي النائب العام السابق بالنيابة عن الشعب اليمني الممثل في مؤتمر الحوار الوطني للتحقيق مع طرفي اتفاقيات وعقود بيع الغاز وزارة النفط وشركة توتال (الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال (YLNG) لمراجعة الاتفاقيات ومعرفة الخلل وتقييم الأضرار الاقتصادية وباشرت نيابة الأموال العامة الثانية المختصة بقضايا الفساد التحقيقات في سبتمبر 2013م وتم تكليف الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة لمراجعة العوائد وصدرت مقررات نيابة الأموال العامة الابتدائية الثانية المختصة بقضايا الفساد في 4 يونيو2014م الموجه لمعالي وزير النفط آنذاك.
في أبريل 2015م أعلنت شركة الغاز المسال (بقيادة توتال) عن القوة القاهرة وتم توقيف المشروع كاملا بعد عمل لمدة 6 سنوات تم فيها تصدير 32.5 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال خلال الفترة (2009 – 2014م) وفقاً للبيانات الموثقة بتقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة آنف الذكر وتحليل الخبير النفطي، اتضح أن خسائر اليمن من الموارد النفطية والغازية والخدمية للقطاع (18) وفوارق أسعار بيع الغاز خلال فترة تشغيل المشروع (2009 – 2014م) تصل إلى أكثر من 13 مليار دولار مقابل إجمالي موارد للحكومة للفترة نفسها بمقدار 1.1 مليار دولار، بالمقابل حصد الشركاء الأجانب على أكثر من 10 مليارات دولار صافي أرباح خلال الفترة ( 2009 – 2014م) مع استعادة جميع النفقات الرأسمالية والتشغيلية التراكمية حتى ديسمبر 2014م.
والكارثة الكبرى لو تم احتساب خسائر الحكومة من فوارق أسعار البيع خلال بقية فترة العقود (19) سنة قادمة فإنها تتجاوز بـ (68 مليار دولار)، إضافة إلى خسائر الموارد النفطية والغازية والخدمية للقطاع (18) بحوالي (16 مليار دولار)، فإن الخسائر الإجمالية للمشروع قد تتجاوز 100 مليار دولار في نهاية عمر المشروع.
الإجراءات القانونية المتخذة
1. قام فريق الحكم الرشيد بمؤتمر الحوار الوطني خلال العام 2013م بمراجعة اتفاقيات وعقود تصدير الغاز الطبيعي المسال من بلحاف مع القيام بالعديد من الزيارات الميدانية واللقاء بالمعنيين بقطاع النفط والغاز بوزارة النفط، لمناقشة أضرار مشروع تصدير الغاز الطبيعي من بلحاف بالاقتصاد الوطني والذي لم يؤد إلى تحسين الدخل كما كان متوقعاً طبقاً لما وثقته المراسلات الرسمية المرفوعة من قبل شركة صافر ( مشغل القطاع (18) (خلال الفترة 2006 إلى 2012 م لوزارة النفط ورئاسة الوزراء ورئاسة الجمهورية) حول الأضرار الاقتصادية التي تتكبدها الحكومة كنتيجة لتصدير الغاز الطبيعي المسال بناءً على خطط ودراسات قام بإعدادها الشركاء الأجانب في مشروع الغاز (شركة توتال الفرنسية وشركة هنت الأمريكية)، وتخطيط الشركاء في مشروع الغاز لاستهداف كمية (2 تريليون قدم مكعب) من الغاز الطبيعي كاحتياطيات الإضافية خلافاً لما توجبه نصوص الاتفاقيات عقود بيع الغاز.
2. قدم فريق الحكم الرشيد بلاغاً للنائب العام للتحقيق في قضية فساد اتفاقيات وعقود بيع مع المعنيين بطرفي العقد – حكومة وشركاء- وبناء عليه، وجه معالى النائب العام في 3 سبتمبر 2013م وكيل نيابة الأموال العامة الابتدائية الثانية المختصة بقضايا الفساد (برئاسة القاضي رمزي عبد الله الشوافى) بمباشرة التحقيق في قضية فساد اتفاقيات وعقود بيع الغاز الطبيعي المسال وتقييم الضرر الاقتصادي على الجانب الحكومي خلال الفترة 2009م إلى 2013م، وباشرت النيابة التحقيق في 13 سبتمبر 2013م .
3. رفعت نيابة الأموال العامة الابتدائية الثانية المختصة بقضايا الفساد مقرراتها بناءً على نتائج التحقيق مستندة إلى تقارير الخبراء الفنيين (من مهندسي النفط والغاز في شركة صافر) والقانونيين (من أعضاء النيابة ووزارة النفط) والماليين (من الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة ودائرة التسويق بوزارة النفط ) المكلفين من قبل النيابة لمعالى وزير النفط بموجب محرر النيابة رقم (193) وتاريخ 4 يونيو2014م، متضمنة ما يلي:
• إلزام وزارة النفط بالتقيد بضخ 5.3 مليون طن سنوياً لمدة 25 سنة وبما لا يجاوز الكمية المخصصة للمشروع (123.5 مليون طن) المحددة بالمادة 2.1 من اتفاقية تطوير الغاز ومجلس النواب .
• عدم منح المشروع كمية إضافية قدرها ( تريليونا قدم مكعب) كون الشركاء قدموا خطة لاستهدافها لمشروع الغاز من خلال تباين أرقام الاحتياطيات الغازية في محرر الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال المؤرخة 17 يونيو2005م وشهادة D&M المؤرخة 26 مايو2005م ومخالفة نصوص المواد 3.4 و6.3 من اتفاقية تطوير الغاز والمواد 10.1 إلى 10.3 من اتفاقية منشآت وخدمات المنبع وإلغاء فتوى كلايد الصادرة في 12 فبراير 2014م بهذا الخصوص.
• مطالبة الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال بتعويض اليمن عن فوارق أسعار البيع وفواقد النفط الخام والغاز المنزلي ورسوم المنبع والتي تسبب في حدوثها عمدية الشركاء في تقديم بيانات غير صحيح ومضللة للحكومة حول الاحتياطيات وأسعار البيع .
4. رفضاً لمقررات نيابة الأموال العامة بالمذكرة رقم 193 وتاريخ 4 يونيو2005م الموضحة أعلاه، قدمت شركة الغاز الطبيعي المسال رداً كتابيا لنيابة الأموال العامة في 10 أغسطس 2014م ردا على تقرير الخبير النفطي المسلّم للنيابة في 1 يونيو2014م تزعم في ردها “أن تشهيد D&M الصادر في 2005م قد اثبت بقاء احتياطيات قدرها (10.219 تريليون قدم مكعب) وبما يخالف جملة وتفصيلاً تشهيد D&M الصادر في 1 مايو2005م المرفقة أدناه متعمدة التزوير والتضليل لنيابة الأموال العامة ولغرض نفي مقرارات النيابة.
5. بعد ثبوت عمدية الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال في تزوير احتياطيات الغاز في ردها المؤرخ 10 أغسطس 2014م لجأت إلى الترغيب بدلاً عن الترهيب، وتقديم مذكرة إلى النائب العام بطلب الموافقة على عقد اجتماع في دبي للنيابة العامة مع خبرائها للنقاش مع فريق الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال المتواجد في دبي بحجة أن خبراءهم غير موجودين في اليمن، وكذا بحجة أن تتضح الرؤية للنيابة وتسهيل التوصل للحقائق، وستقوم الشركة بتحمل كافة التكاليف وأتعاب الخبراء، في محاولة لإفساد القضاء وشراء الذمم، وكررت الطلب مرة أخرى في 2 أكتوبر 2014 في مذكرة موجهة إلى وكيل نيابة مكافحة الفساد .
6. رفعت نيابة الأموال العامة مشروع التصرف في القضية رقم (13) لسنة 2013م الخاصة بفساد اتفاقيات وعقود بيع الغاز لمعالي النائب مذيلة المشروع باتهام مدير شركة صافر الأسبق احمد محمد كليب ونائبه سيف محسن الشريف بمخالفة اتفاقيات المشروع وزيادة ضخ الغاز إلى بلحاف خلال العام 2013م بموجب محضر 18 سبتمبر 2012م وما ترتب عليها من أضرار اقتصادية جسيمة في النفط والغاز المنزلي، وكذلك مشاركتهما في تزوير أرقام الاحتياطيات في محرر شركة صافر المؤرخ 11 نوفمبر 2013م برقم GM-395/AMK/2013 لغرض استصدار فتوى كلايد في 12 فبراير 2014م لمنح مشروع الغاز كمية ( تريليوني قدم مكعب ) خلافاً لما توجبه الاتفاقيات والتر تيب لرفعها لمجلس الوزراء لإقرارها.
7. في 16 ديسمبر 2014م وجه محامي عام الأموال العامة مذكرة لمعالي وزير النفط بتوقيف مدير عام شركة صافر (أحمد محمد كليب) ونائبه ( سيف محسن الشريف) كون النيابة توالي التحقيق في ما نسب إليهما من تهم في القضية 13 لسنة 2013 م والقضية 24 لسنة 2014م بخصوص اختلاسات مالية.
8. في مايو2016 صدر تقرير فني من شركة صافر بشأن البلاغ رقم (112) لسنة 2015م المنظور أمام نيابة الأموال العامة الثانية المختصة بقضايا الفساد، تقرير لجنة صافر أثبت التزوير على الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال بمحررها المؤرخ 17 يونيو2005، وأكد على أن الحصة القصوى المخصصة لمشروع الغاز (7.2 تريليون قدم مكعب) مع التأكيد على عدم صحة البيع المدون في شهادة D&M المؤرخة 26 مايو2005م
9. في ديسمبر 2016 صدر قرار اتهام من النيابة العامة في القضية (13) لسنة 2013 اتهمت فيها النيابة مجموعة من المسؤولين السابقين مع الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال وشركة توتال بالاستيلاء على فو ارق أسعار بيع الغاز والتزوير بالأرقام الاحتياطيات الغازية في محرر 17 يونيو2005م ومحرر وزارة النفط المؤرخ 23 أغسطس 2005م وشهادة D&M المؤرخة 26 مايو2005م، مع تزوير الاحتياطيات في تقرير ECL المرفوع للحكومة في 12 أغسطس 2005م والتغرير بأسعار بيع الغاز من خلال تحليل الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال المرفوع للحكومة في 10 أغسطس 2005م.
10. في يوليو2020 تم صدور حكم الصادر عن القضاء الوطني متمثلاً في محكمة الأموال العامة بالأمانة الصادر في القضية الجنائية الجسيمة المقيدة بسجلات النيابة العامة برقم 13 لسنة 2013م بجلستها المنعقد بتاريخ 21 /7 /2020م والذي قضى في منطوقه بالآتي:
• حرمان الشركات الأجنبية من أن يكون لها أي امتياز باليمن
• إلزامها بتعويض اليمن عن كافة الأضرار التي لحقت به .
• إدانة الشركات الأجنبية والموظفين العامين المتواطئين معها بالجرم المسند إليهم ومعاقبتهم عليه بالغرامة والحبس .
• التصدي لتحريك الدعوى الجزائية قبل الموظفين العامين التي لم تشملهم الدعوى العامة .
• توجيه المعنيين بفك الحضر المفروض على القضية لأسباب مجهولة وغير سائغة لتأخذ إجراءاتها لمجراها القضائي والقانوني بالاستيفاء والتأييد من المحاكم الأعلى درجة حتى يصبح حكماً نهائياً وباتاً متحصناً من الطعن بأي طريق وحائزاً لحجية الأمر المقضي به وفيه.
اليوم وفي خطوة هي الأقوى في تاريخ الصناعة النفطية في اليمن
قضت توجيهات المجلس السياسي الأعلى بالسير في اتخاذ كافة التدابير الضرورية لاستعادة حقوق اليمن، وفقا للحكم الصادر من محكمة الأموال العامة بتاريخ 21 يوليو2020م، والذي يقضي بإلغاء الامتياز لشركة توتال والشركاء الأجانب في شركة YLNG – مشروع بلحاف وتطوير الغاز الطبيعي-، وكذا مطالبة توتال وشركائها بكافة التعويضات لليمن عما لحق به من أضرار مالية واقتصادية. وبما يحقق الحفاظ على الثروة الوطنية..
جاء ذلك بموجب أولويات وتقارير وضحت الأضرار الاقتصادية لاتفاقيات وعقود بيع الغاز ومخالفات الشركة اليمنية للغاز المسال YLNG للاتفاقيات الموقعة مع الحكومة اليمنية. حسب ما جاء في مذكرة رئاسة الجمهورية برقم (732) وتاريخ 12 سبتمبر 2022م.
هذا الإجراء يعد من أهم الإجراءات التي أنهت حلقة كبيرة من الفساد الإداري والمالي الذي تسبب في خسارة اليمن مبالغ طائلة قد تتجاوز 100 مليار دولار خلال عمر المشروع حسب تقارير ودراسات قامت بها شركات دولية.
كما أن هذه الخطوة تثبت مدى التزام حكومة صنعاء بأهداف الثورة التي قامت على أساس إنهاء الفساد وتجفيف منابعه، وبما يتثبت حرية اليمن واستقلال قراراته.