تدلل زيارة وفد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) برئاسة رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية إلى روسيا، على تطور في الحضور الدبلوماسي للحركة وتنامي تأثيرها محليا وإقليميا ودوليا، وفق محللين.
وأمس الاثنين، التقى هنية والوفد المرافق له وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف وعددًا من المسؤولين الروس، وبحث معهم بعض القضايا التي تخدم القضية الفلسطينية والمستجدات الدولية.
زيارة هنية لموسكو التي بدأها السبت الماضي برفقة نائب رئيس الحركة صالح العاروري ورئيس مكتب العلاقات الدولية موسى أبو مرزوق وعضو المكتب السياسي ماهر صلاح جاءت بدعوة رسمية من الخارجية الروسية.
تأثير قوي
وتقول الكاتبة أميرة النحال: “حماس بفضل دبلوماسيتها الحكيمة أثبتت وجودها القوي والمُؤثر محلياً ودولياً وإقليمياً واستطاعت عرض سياستها القائمة على مُقاومة المُحتل بكافة السبل، وبذل كافة الجهود الدبلوماسية والتحالفات المساندة لاستعادة الحقوق”.
وترى النحال أن “حماس نجحت من خلال دبلوماسيتها في كسر الحصار السياسي المفروض عليها من الاحتلال الإسرائيلي، والذي تمثل في زيارة هنية والرئيس السابق للمكتب السياسي خالد مشعل لدول عربية وغير عربية ووزراء ونواب وشخصيات، وإطلاعهم على مواقف الحركة وسياستها ومطالبها العادلة تجاه القضية الفلسطينية وتعرية الاحتلال”.
وتشير إلى أن “هذه الدبلوماسية حققت نجاحاً كبيراً تمثّل في الطلب الرسمي الأخير لموسكو للقاء حماس في أراضيها”.
3 مكاسب
من جهته، يعتبر الكاتب عاطف أبو موسى، أن “قيادة المقاومة الفلسطينية، وعلى رأسها حركة حماس ستتمكن خلال الزيارة من جني 3 مكاسب”.
والمكسب الأول، بحسبه، هو الحصول على موطئ قدم في النظام العالمي الجديد، والذي سيتشكل على قاعدة عدم انفراد الولايات المتحدة الأمريكية بالسيطرة على العالم.
أما الثاني “الاعتراف الكامل بأحقية الدفاع عن القضية الفلسطينية، ممثلة بقيادة المقاومة، وعلى رأسها حركة حماس”، مشيرًا إلى أن “تمتين هذه العلاقة سيُمكن الحركة من الحصول على الآليات، والوسائل، والطرق في شتى المجالات التي ستُمكنها من تنفيذ ذلك على أكمل وجه”.
بينما المكسب الثالث يتمثل في إسناد الموقف الفلسطيني بالمجالات السياسية والأمنية وذلك بسبب موقف موسكو العدائي من واشنطن التي تتخذ من “إسرائيل” ذراعا ضاربا لها في الشرق الأوسط.
دوافع التقارب الروسي
ويقول رامي الشقرة رئيس معهد فلسطين للدراسات الاستراتيجية في مقالة له حملت عنوان “الدبلوماسية الثورية استراتيجية التكامل لحركات التحرر الوطني”: “نرى المصلحة الروسية تدور حول وجوب رفع مستوى العلاقة مع حركة حماس لعدد من الأسباب”.
وأوضح أن أهم هذه الأسباب “ما تمثله الحركة في رصيدها العالي لدى الجمهور الفلسطيني، وما تمثله من قوة مجابهة حقيقة للاحتلال، وما حققته من إنجازات في عملها المقاوم، وإضعافها للقوة الكبيرة التي كان يتمتع بها دولة الكيان”.
ويعتقد الشقرة أن “من تلك الأسباب ما تحظي به حماس من تأثير على الشارع العربي والإسلامي، وهو ما يحتاجه الروسي من زيادة لأصدقائه في المنطقة العربية في ظل معركته الدولية على الأرض الأوكرانية وظلالها على أوروبا وقراراته التي اتخذها كسرًا للإرادة الأمريكية والأوروبية على حدٍ سواء”.
خريطة تحالفات
فيما يعتبر الكاتب ماهر الحلبي هذه الزيارة ذات أهمية كبيرة، ولا سيما أنها تأتي في ظل أحداث ساخنة في الجبهة الروسية الأوكرانية، إضافة إلى المتغيرات الكبيرة التي يشهدها الإقليم، والعالم بأسره.
ويقول الحلبي:” قد تكون هذه الزيارة في هذا التوقيت بالذات، بُغية رسم خريطة تحالفات وتموضعات إقليمية ودولية جديدة في ظل تراجع الدور الأمريكي في المنطقة”.
ويضيف أن “حركة حماس ترى في روسيا لاعباً مركزيّاً في الشرق الأوسط، نتيجة علاقاتها المباشرة مع جميع اللاّعبين في المنطقة: “إسرائيل”، مصر، السلطة الفلسطينيّة، حماس، وإيران، في حين أن مثل هذه العلاقات غير موجودة في الجانب الأمريكي ليقوم بدور الوسيط الحيادي”.
من جانبه، يقول الصحفي شادي أبو صبحة إن: “زيارة حماس لموسكو مهمة وتحمل في طياتها الكثير من الدلائل والإشارات على التغير الجوهري في العلاقات الدولية لحركة حماس وما تلعبه من دور كبير ومهم في المنطقة”.
ويرى أن “أهمية الزيارة تكمن في التحشيد للقضية الفلسطينية وسبقتها عدة محطات في زيارة عدد من الدول العربية وتركيا وإيران”.