كابوس الهدم يُطارد حي عين اللوزة لمحاصرة المسجد الأقصى
تعيش عائلة المقدسي إلياس أبو سنينة لحظات عصيبة، خشيةً من إقدام جرافات بلدية الاحتلال الإسرائيلي بأي لحظة، على تنفيذ قرار هدم منزلها ومحلها التجاري في حي عين اللوزة ببلدة سلوان جنوبي المسجد الأقصى المبارك.
ومؤخرًا، سلمت بلدية الاحتلال المقدسي أبو سنينة قرارًا بهدم منزله البالغ مساحته 110 أمتار، ومحله التجاري، بحجة البناء دون ترخيص، ليحول حياتهم إلى قلق وخوف دائم، من فقدان المأوى الوحيد لهم وتحويله إلى ركام.
وحي عين اللوزة يمتد على مساحة870 دونمًا، يسكنه 3400 نسمة، ويعتبر نقطةَ وصل هامة بين جنوب القدس من جهة والبلدة القديمة من جهةٍ أخرى.
خوف وقلق
يقول أبو سنينة لوكالة “صفا” والألم يعتصر قلبه، إن سلطات الاحتلال سلمته قبل عدة أيام، أمر إخلاء لمحله التجاري في الحي، بالإضافة إلى 6 محلات أخرى، بهدف توسعة شارع عين اللوزة ليصبح عرضه 30 مترًا.
ويعتاش أبو سنينة من محله التجاري، الذي يُساعده على توفير احتياجات ومستلزمات عائلته، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي نعاني منها بفعل الإجراءات الاحتلالية.
ويوضح أن الأمر لم يتوقف على ذلك، بل تسلم أيضًا إخطارًا آخر بهدم منزله الذي بناه قبل 21 عامًا، ويأوي عائلته وأطفاله، ويتخوف من هدمه بأي وقت.
ويضيف أن سلطات الاحتلال تريد هدم منازلنا ومنشآتنا التجارية لطردها وتهجيرنا من المدينة وتضييق الخناق علينا من كافة النواحي، لكن نحن سنبقى هنا صامدين، لن نترك منازلنا حتى لو هُدمت.
وقبل عدة أيام، وزعت طواقم بلدية الاحتلال أوامر هدم على عدة منازل ومحال تجارية في حي عين اللوزة، من أجل تنفيذ مخططات استيطانية وإقامة “مسارات وحدائق تلمودية”.
ومنذ سنوات طويلة، يخوض سكان عين اللوزة معارك قانونية في محاكم الاحتلال ضد تنفيذ هدم عشرات المنازل والمنشآت التجارية، لكنها رفضت كل الاستئنافات المتعلقة بذلك.
خطر الهدم
عضو لجنة الدفاع عن أراضي سلوان فخري أبو دياب يوضح لوكالة “صفا” أن 283 منزلًا في حي عين اللوزة يتهددها خطر الهدم، بحجة عدم الترخيص، وتم تفعيل أوامر الهدم لـ80 منزلًا ومنشأة تجارية منها، ينتظر أصحابها التنفيذ بأي وقت.
ويشير إلى أن محكمة الاحتلال كانت جمدت أوامر هدم الـ 80 منشأة قبيل زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في تموز/ يوليو الماضي إلى المنطقة، لكن اليوم بدأت طواقم البلدية بتسليم عشرات المنازل إخطارات بالهدم.
ولم يسلم مسجد القعقاع الوحيد في الحي من أوامر الهدم، بل بات معرضًا لخطر الهدم بأي لحظة، رُغم أنه بُنى على أرض خاصة بدعم من السكان ليخدم نحو 7 آلاف منهم.
ويقول أبو دياب: “من الواضح أن سلطات الاحتلال بدأت بشن هجمة شرسة على مدينة القدس، وتحديدًا منطقة جنوب المسجد الأقصى، وخاصة بلدة سلوان التي تتعرض بكافة أحيائها لاستهداف ممنهج بشكل متصاعد، يطالب منازل وممتلكات المقدسيين”.
ويضيف أن الاحتلال يريد إبعاد هذه الأحياء وتفريغها من سكانها لتنفيذ ما يسمى مشروع “الحوض التاريخي المقدس”، وإقامة “الحدائق التوراتية والوطنية”، لأجل إحلال المستوطنين مكان السكان الفلسطينيين أصحاب الأرض الأصليين.
محاصرة الأقصى
ويؤكد أن سلطات الاحتلال تسعى لمحاصرة المسجد الأقصى بالمستوطنات و”الحدائق التوراتية”، في مقابل تقليل عدد الفلسطينيين في المنطقة المحيطة بالمسجد، لذلك تصعد من استهدافها لأحياء سلوان بالهدم والاستيطان وعمليات التهجير القسري.
وبحسب أبو دياب، فإن توزيعإخطارات الهدم في عين اللوزة تهدف لتهجير الناس وطردهم من منازلهم ومنشآتهم التجارية وخنق اقتصادهم، بغية تجسيد وترجمة مخططاته التهويدية فعليًا على أرض الواقع في المدينة المقدسة.
ويلفت إلى أن بلدية الاحتلال بدأت بشكل متسارع بتنفيذ هذه المخططات ومحاولة طرد السكان المقدسيين، وتغيير الواقع الجغرافي والديمغرافي.
ويبين أن الهجمة على القدس اشتدت بشكل كبير في الآونة الأخيرة، خاصة مع اقتراب انتخابات الكنيست الإسرائيلية المقررة في نوفمبر المقبل، لأجل كسب مزيد من أصوات المستوطنين واليمين المتطرف، والذين ينفذون أجندة واستراتيجية حكومة الاحتلال في مدينة القدس.
ويتابع أن “الاحتلال يريد أن يشغل الشعب الفلسطيني وأهل القدس بقضايا الهدم وغيرها، ويضعهم في دوامة الخوف والرعب دائمًا من أجل إبعادهم وصرفهم عن مقاومته ومواجهة انتهاكاته ومخططاته المتواصلة، والتفريغ للتصدي لها”.
ويتوقع الناشط المقدسي زيادة شراسة الهدم في الأيام المقبلة بالمدينة المحتلة، ومحاولة الاحتلال لتصفية وجودنا كفلسطينيين، و”كلما اقتربت الانتخابات ازداد الاحتلال تغولًا وتوحشًا في القدس والأقصى”.
شروط تعجيزية
أما عضو لجنة المتابعة في حي عين اللوزة خالد أبو تاية فيقول لوكالة “صفا” إن 180 منزلًا ومنشأة تجارية في الحي لديها قضايا في محاكم الاحتلال وبلديته بشأن عملية الهدم، وأن أكثر من 80 منزلًا ومنشأة منهم تلقت إخطارات بالهدم أو التفريغ أو مراجعة بلديات الاحتلال خلال الشهر الماضي.
ويوضح أن 20 منزلًا في الحي صُدر بحقهم أوامر هدم نافذة ونهائية، ويتخوف سكانها من إقدام جرافات بلدية الاحتلال بأي لحظة على تنفيذها وتشريدهم في العراء.
ويشير إلى أن 2% من المنازل فقط في بلدة سلوان لديها تراخيص بناء، في حين لا تمنح سلطات الاحتلال للمقدسيين بالحصول على التراخيص وتضع شروطًا تعجيزية أمامهم، كما اشترطت على السكان اقتطاع 60% من أراضيهم البالغة مساحتها 480 دونمًا، بحجة إقامة مرافق عامة.
وقبل 8 سنوات- كما يوضح أبو تاية، هدمت جرافات الاحتلال محلات تجارية لأحد المقدسيين في بلدة سلوان، واليوم تطالبه من خلال المحكمة، بدفع 85 ألف شيكل أجرة الهدم لبلدية الاحتلال.
ولم تقتصر انتهاكات الاحتلال على قرارات الهدم فقط، بل تطال النشطاء وأعضاء لجنة المتابعة بالحي من خلال الملاحقة والاستدعاء، والتهديد بالاعتقال في حال تنظيم أي فعالية احتجاجية ضد أوامر الهدم.