الأمم المتحدة وبرامجها الإغاثية.. التباكي على أوجاع الشعوب دون الانتصار لهم
Share
تواصل الأمم المتحدة الحديث عن القضايا الإنسانية، ومعاناة البلدان جراء الحروب والصراعات؛ لكن دون وضع معالجات حاسمة، تجتز جذور تلك القضايا من قيعان الشعوب المتضررة.
ما تقدمه الأمم المتحدة عبر برامجها الإنسانية، يأتي في إطار صب الزيت على النار لا أكثر، فهي تُجيد التباكي على أوضاع الناس، وإظهار أزماتهم؛ لكنها في ذات الوقت، تكتفي بتطبيب جراحاتهم بالمساعدات النقدية والعينية الزهيدة، دون أن تقوم باستئصال أسباب تلك المعاناة.
اليمن واحدة من تلك الدول التي أوصلتها حرب التحالف إلى “المجاعة” والأوبئة ، والتي تضعها الأمم المتحدة على خارطة برامجها الإنسانية، وتسعى دائمًا إلى جمع التبرعات والمساعدات باسمها وباسم الشعب الذي يموت يوميًا، وهو لا يبحث عن الغذاء، بقدر ما يبحث عن قرار رسمي بإيقاف الحرب وإنهاء الحصار وإعادة بناء اليمن بعد التدمير الذي طال البلاد منذ 2015م.
قلق إغاثي في اليمن
اليوم الخميس، أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، أن وكالات الإغاثة لا تزال تشعر بالقلق من أن الأزمة الإنسانية ستتدهور بشكل حاد في الأشهر المقبلة إلى حد كبير بسبب المشاكل الاقتصادية ، بما في ذلك ضعف العملة وارتفاع الأسعار بسبب حرب أوكرانيا.
عن اليمن قال المكتب إن تمويل خطة الاستجابة الإنسانية خلال العام 2022م، بلغ 26%، ما أدى إلى إجبار البرامج الأساسية على التقليل أو الإغلاق تمامًا.
وكعادة البرامج الأممية يحث مكتب الشئون الإنسانية الجهات المانحة على زيادة المساهمة في خطة الاستجابة اليمنية على الفور لتجنب المزيد من التدهور.
تقارير الجوع والتدهور الاقتصادي تتفاقم من سنة إلى أخرى، فكارثة اليمن الإنسانية التي بدأت منذ 2015م، بعد تدخل التحالف السعودي الأمريكي بشن حرب لم تتوقف حتى الآن، تضاعفت ووصل مستوى الجوع إلى أعلى مستوى، حيث بات 19 مليون يمني يُعانون منه، بما في ذلك أكثر من 160 ألف شخص يواجهون ظروفًا كارثية على وشك المجاعة، بحسب مكتب الشئون الانسانية التابع للأمم المتحدة في اليمن.
تخفيض مهول للمساعدات
وعلى الرغم من ارتفاع هذا الرقم في معدل نسبة المجاعة بين سكان اليمن، شهد ديسمبر الماضي خطوة مفاجئة بتقليص حصص الغذاء من قبل البرنامج العالمي إلى 8 ملايين شخص، ليواصل البرنامج تخفيض مساعداته خلال يونيو الجاري، إلى 5 ملايين شخص سيحصلون الآن على أقل من نصف احتياجاتهم اليومية ، وسيحصل 8 ملايين شخص على أقل من ثلث احتياجاتهم اليومية.
فيما يحتاج أكثر من 8 ملايين امرأة وطفل في اليمن إلى مساعدات غذائية ، بما في ذلك 538000 طفل يعانون من سوء التغذية الحاد.
أما اليونسيف فقد أكدت في بيان سابق بأنها قد تضطر إلى وقف العلاج عن أكثر من 50 ألف طفل يُعانون من سوء التغذية الحاد، بالإضافة إلى تعليق برنامج الأغذية العالمي مساعدته لـ 3 ملايين طفل.
بحسب ما يقوله برنامج الأغذية العالمي، فإن أزمة الأمن الغذائي في اليمن تتضاعف جراء الارتفاع المتصاعد لأسعار القمح عالميًا، وتناقص المخزون الاحتياطي في البلاد.
البرنامج أعلن عن حاجته الشديدة إلى 1.5 مليار دولار أمريكي، لتمويل متطلبات عملياته الإغاثية في اليمن للفترة من يونيو حتى نوفمبر من العام الجاري 2022.
وأوضح في تقرير صادر عنه الثلاثاء الماضي، أنه يمتلك فقط ما نسبته 18% من الأموال اللازمة لمواجهة متطلبات تنفيذ برامجه الإغاثية وعملياته الإنسانية في اليمن للأشهر الستة المقبلة.
كل تلك الأرقام الخاصة بتقليص المساعدات الإنسانية لليمن، لم تمنع البرنامج العالمي للغذاء من التأكيد مجددًا على ضرورة تلقيه الأموال بصورة عاجلة، حيث حذر البرنامج من أنه سيضطر إلى تخفيض المساعدات خلال الأشهر المقبلة، وقال: “سيكون لا مفر منه ما لم يكن هناك أموال إضافية عاجلة”.
كما لفت البرنامج إلى أن انخفاض القوة الشرائية للقطاع اليمني الخاص، أدى إلى نقص وصول الإمدادات الكافية من المواد الأساسية والغذائية إلى البلاد.
ما يحتاجه برنامج الغذاء 1.97 مليار دولار أمريكي على الأقل لضمان استمراره في تقديم الدعم الغذائي دون انقطاع في عام 2022، لتزويد 13 مليون شخص بالمساعدات الغذائية. بحسب البرنامج نفسه.
مخزون القمح الاستراتيجي
في ظل هذه التحذيرات المخيفة من تدهور الوضع الاقتصادي، تتواصل المخاوف الغذائية بشكل أكبر، بسبب الحرب الأوكرانية وتأثيرها على استيراد القمح، فشبكة نظام الإنذار المبكر بالمجاعة أكدت أنه لا يمكن لليمن زيادة المخزونات الاستراتيجية من القمح بشكل ملموس، بسبب السعة التخزينية المحدودة للصوامع الموجودة في مينائي عدن والحديدة والتي لا تتجاوز 20% من متطلبات الاستهلاك السنوي لليمن.
إلا أن الشبكة تفاءلت بموقف الهند تجاه اليمن واستثنائها من الحظر، ما يعني قدرة المستوردين اليمنيين على تأمين الكميات المطلوبة من القمح.