يبدو جليّاً توجه الاحتلال الإسرائيلي لرفع فاتورة الدماء بالضفة الغربية المحتلة، بتعمد إيقاع أكبر عدد من الشهداء والجرحى، ليشبع بذلك نهم اليمين الإسرائيلي المتطرف للدم الفلسطيني من جهة، ويلبي رغبة قادة جيشه باستعادة قوة الردع.
ولا يكاد يمر اقتحام إسرائيلي لمنطقة من مناطق الضفة إلا وينتهي بارتقاء شهداء أو تسجيل إصابات خطيرة وبأعداد كبيرة بما لا يتناسب والهدف المعلن للاقتحام.
ومنذ بداية العام الحالي، قتلت قوات الاحتلال 60 فلسطينيا بالضفة، آخرهم ثلاثة شهداء في غضون 24 ساعة فقط، وفق إحصائية صدرت الخميس عن وزارة الصحة الفلسطينية.
وباتت مشاهد مواكب تشييع الشهداء تحتل موقعًا مهمًا في المشهد اليومي، لتصب المزيد من الزيت على النار المشتعلة أصلا بفعل تواصل العدوان الإسرائيلي في الضفة والقدس المحتلة.
وما يزيد من حدة التوتر هو دخول المستوطنين كجيش رديف لقوات الاحتلال من خلال شن الهجمات على المدن والقرى وتدمير الممتلكات واستفزاز الفلسطينيين بالحرب على العلم الفلسطيني في بلدة حوارة وغيرها.
ويرى المحلل والمختص بالشأن الإسرائيلي عصمت منصور أن القتل وإيقاع عدد كبير من الشهداء أصبح جزءًا من السياسة الإسرائيلية.
وبين منصور لوكالة “صفا” أن حملة “كاسر الأمواج” التي أطلقها جيش الاحتلال بعد سلسلة العمليات التي وقعت في الداخل المحتل، كان الهدف منها هو كيّ الوعي الفلسطيني، وردع الأفراد والمجتمع والحالة الوطنية الفلسطينية بشكل عام.
وقال: “الاحتلال يدرك أنه لا يواجه مقاومة منظمة بالضفة، ولهذا يريد ترك انطباع قوي بالردع والبطش من خلال صور الشهداء والاقتحامات الاستعراضية في الليل والنهار”.
ولهذا فإن التساهل بأوامر إطلاق النار بهدف القتل لمجرد الاشتباه هي جزء من أدوات كيّ الوعي، والهدف منها خلق حالة من الذعر والخوف لدى الفلسطيني حتى لا يأمن على حياته ويتردد ويرتدع عن مواجهة الاحتلال.
ويعتبر أن هذا التوجه هو مزيج من سياسات أمنية تتوافق مع التركيب العنصري المتطرف لحكومة نفتالي بيينت، لأن المستوى السياسي والعسكري في “إسرائيل” يتكاملان، وفي الأساس هي مخططات أمنية يشرف عليها الجيش.
ويعزو منصور التصعيد الأخير إلى أن الاحتلال يعتمد على القوة العسكرية والقتل، ولذلك فهو في حالة تصعيد دائم، لكن وتيرته زادت في الآونة الأخيرة.
وهذا يعكس توجه الاحتلال نحو التصعيد وافتعال الأزمات بهدف تنفيذ خطط عسكرية سواء في جنين أو شمال الضفة أو الضفة بشكل عام.
ولا يتوقع أن يكون هناك هدوء في الفترة المقبلة، فالهدوء هو الاستثناء.
وقال: “الأمور تتجه أكثر فأكثر نحو التصعيد إذا بقيت سياسة الحكومة الحالية على ما هي عليه”.