إضافة لملايين الضحايا من الشهداء والجرحى والمعاقين، وتدمير البنى التحتية والاقتصاد والفوضى المجتمعية، خلفت الحروب المتعاقبة على البلاد طيلة العقود الأربعة الماضية خطراً قاتلاً وخفياً يتربص بالعراقيين في جميع مدنهم يتمثل بملايين الألغام والعبوات التي فتكت وما زالت بآلاف الضحايا على امتداد مساحة كبيرة جداً، ومن بين أخطر وأبشع تلك الألغام تلك التي زرعها تنظيم “داعش” الإرهابي عند احتلاله لمساحات واسعة في 6 محافظات، وحدد بيير لودهامر، المدير الأقدم لبرنامج العراق في دائرة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام (يونيماس) (UNMASS) أن المساحة الملوثة بالألغام “الداعشية” تمتد عبر أكثر من 1500 منطقة في مدننا المحررة.
وقال لودهامر في لقاء أجرته معه “الصباح”: إن “حجم التلوث بالألغام كبير جداً في العراق بسبب الحروب التي خاضها مع إيران عام 1980 والخليج 1990 والحروب الداخلية التي جرت في شمال العراق إضافة إلى حرب 2003، وكل من هذه الحروب استخدمت فيها ألغام وولدت مخلفات حربية تختلف عن الأخرى”.
وأضاف أن “تنظيم (داعش) الإرهابي زاد هذا التلوث من خلال العبوات المبتكرة التي زرعها في 1522 منطقة موزعة بواقع 1178 منطقة مكتشفة بالدليل المباشر، الذي يمكن أن يرى بالعين المجردة، و335 منطقة بالدليل غير المباشر، موزعة بين 6 محافظات بمساحة تبلغ 522 كيلو مترا مربعا بعد احتلاله مدينة نينوى في 2014″، مشيراً إلى أن “تلك العبوات استخدمت فيها مواد فريدة من نوعها مما يجعلها صعبة التفكيك”.
وضرب مثلاً بأعمال المسح والتطهير التي جرت في قضاء تلكيف في محافظة نينوى، والتي وجد فيها نحو 2000 نوع من المخلفات الحربية، وأوضح لودهامر أن “العراق من ضمن 5 دول في العالم الأكثر تلوثاً بالألغام”، مؤكداً “صعوبة تحديد عدد تلك الألغام والمخلفات الحربية وأنواعها بصورة دقيقة، خاصة بعد احتلال (داعش) للمحافظات”.
وأكد أن “العراق لا يمكنه إزالة الألغام الموجودة على أراضيه حتى عام 2028 بحسب اتفاقية (أوتاوا) من دون تمويل حكومي ودولي، الذي يشمل العبوات المضادة للأفراد إضافة إلى العبوات المبتكرة المصنوعة باليد، فالحكومة يجب أن تأخذ خطوة كبيرة تجاه هذا العمل بالمبادرة والمساهمة في تمويل الجهات المختصة بذلك”، مستدركاً بأنه “لا يمكن تطهير جزء من تلك الأراضي وترك أجزاء أخرى ملوثة بالألغام التزاماً بالاتفاقية، إذ يجب تطهيرها بأجمعها”.