الأمم المتحدة عاجزة عن (الحياد)
في ظل الفشل المتراكم للأمم المتحدة في اليمن على امتداد السنوات الماضية، مثّل اتّفاق الهُدنة فرصةً مهمةً أمام المبعوث الخاص، هانس غروندبرغ، لكسر جمود المنظمة الدولية وتغيير سلوكها السلبي، غير أنه فوّت الفرصةَ وفشل في الاختبار، من خلال التزام سياسة التواطؤ مع تحالف العدوان، الأمر الذي يحكم مسبقًا بفشله، وبالتالي استمرار الدور الأممي المساهم في إطالة أمد الحرب والحصار.
كانت صنعاء قد رفضت استقبال المبعوث منذ تعيينه؛ بسَببِ عجزه عن الضغط على تحالف العدوان لإدخَال سفن الوقود، بحسب تأكيد الرئيس المشاط، لكنها عادت ومنحته فرصة لتغيير هذا الموقف بعد توقيع اتّفاق الهُدنة الذي كان يفترض به أن يكسر العقدة ويعيد تدفق الوقود وإن بشكل جزئي إلى ميناء الحديدة إلى جانب فتح مطار صنعاء، ومناقشة مِلف السلام على أَسَاس صحيح.
مع ذلك، لم يبذل غروندبرغ أيَّ جُهد يُذكر لاستغلال الفرصة، واكتفى منها بزيارة صنعاء فقط، ليعود إلى الدور السلبي التقليدي الذي لعبه سابقوه والمتمثل بالتماهي مع تحالف العدوان في مسار المراوغة والمماطلة، فخلال أكثر من ثلاثة أسابيع من عُمر الهُدنة رفض العدوّ تنفيذ التزاماته بخصوص مطار صنعاء واستمر باحتجاز السفن وكثّـف خروقاته الميدانية، في ظل صمتٍ فاضحٍ من جانب المبعوث الأممي، إلا من ردود هزيلة بعيدة تماماً عن مسؤولياته الأصلية وأقرب إلى تكريس حالة المراوغة.
وبالرغم من أن فترةَ الهُدنة المتفق عليها لم تنقضِ بعدُ إلا أن مجريات الفترة المنصرمة أصبحت كافية للتأكيد على أن “غروندبرغ” ليس مهتمًا حتى بمحاولة تغيير السلوك الأممي، وهو الأمر الذي يقلل احتمالات الوصول إلى خطوات إيجابية برعاية الأمم المتحدة خلال فترة ولايته على الأقل.
ويرى رئيسُ تحرير صحيفة “الوسط”، السياسي جمال عامر، أنه حتى على افتراض “قِلَّة حيلة” المبعوث الأممي فَـإنَّ ذلك لا يعني بالضرورة أن يتحولَ إلى “مُجَـرّد مراسلٍ بين الأطراف بلا موقف ولا معنى” ما يعني أنه لا مبرّر أبدًا لسلوك غروندبرغ.
ويؤكّـد عامر أنه كان قد أكّـد للمبعوث عند لقائهما في صنعاء مؤخّراً أنه “من المعيب” أن تكونَ الأممُ المتحدة وسيطةً في أمور تَمُسُّ القانون الدولي كإغلاق مطار صنعاء والحصار المفروض على اليمن، وهو ما يشيرُ إلى أن السياسة الأممية نفسَها تتضمَّنُ خللاً كَبيراً يجعل دورها غير منضبط، الأمر الذي ينعكس بدوره على دور مبعوثيها.
وكنتيجة لـ”الأداء الهزيل والضعيف جِـدًّا للأمم المتحدة” يقترح عضو الوفد الوطني المفاوض، عبد الملك العجري، إشراك أطراف إقليمية ودولية “محايدة” لرعاية أية اتّفاقيات وضمان تنفيذها، في إشارة واضحة إلى أن الأمم المتحدة لم تعد تمثل “وسيطًا” حقيقيًّا، وهو الأمر الذي يترجمه بوضوح دور المبعوث الأممي.