بينما يسعى المجتمع الدولي للرد على هجوم فلاديمير بوتين في أوكرانيا، فإن أزمةً إنسانيةً ذات أبعاد هائلة تسيطر على شرق إفريقيا دون أن يلاحظها أحد تقريباً، حيث أدت ثلاثة مواسم متتالية لم تهطل فيها الأمطار إلى تدمير سبل العيش، مِمَّا أثَّر على 7.2 مليون شخص على الأقل في إثيوبيا ومحو 70% من المحاصيل في كينيا المجاورة.
كذلك فقد كان التأثير أكبر في الصومال ، البلد الذي مزقته جماعة متمردة جعلت الكثير من أراضيه دون حكم. يحذِّر برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة من أن 330 ألف طفل في الصومال قد يموتون جوعاً “بحلول منتصف هذا العام”، لكن لا توجد أموال كافية لمساعدتهم وذلك وفق تقرير نشرته صحيفة تايمز البريطانية.
من ناحية أخرى، فقد كانت المساعدات بطيئة في الوصول، لذلك ناشدت الأمم المتحدة 1.46 مليار دولار لتمويل عملياتها في الصومال، لكنها تلقَّت 4% فقط من هذا المبلغ. ونتيجة لذلك، فإنها تكافح من أجل تقديم النقود والطعام لمن يحتاجون إليها.
من جانبه، قال بيتروك ويلتون، المتحدث باسم برنامج الأغذية العالمي: “بشكل أساسي، نحن نأخذ من الجياع لإطعام الجياع، والجوع يتزايد بمعدل مرعب”، مضيفاً أن 40% من سكان الصومال، الذين يقدرون بحوالي 17 مليون شخص، كانوا يواجهون “مستويات أزمة انعدام الأمن الغذائي أو ما هو أسوأ”.
كان من المفترض أن يؤدي بدء موسم الأمطار في أبريل/نيسان 2022 إلى بعض الراحة، لكن هطول الأمطار كان متقطعاً، مما ترك الصومال في مواجهة احتمالية فشل موسم الحصاد الرابع.
من ناحية أخرى، يؤدِّي الهجوم الروسي على أوكرانيا إلى تعقيد جهود الاستجابة من خلال تشتيت انتباه المانحين والتسبب في ارتفاع أسعار المواد الغذائية. تحصل الصومال على 100% من وارداتها من القمح من روسيا وأوكرانيا، وأُلغِيَت الكثير من شحنات الحبوب.
في غضون ذلك، يعيش مئات الآلاف من الأشخاص المتضررين من الجفاف في مناطق عزلتها حركة الشباب. وهي تدير نقاط تفتيش على بعد ستة أميال فقط من لوغلو، والطريق الذي يربط المخيم بأقرب بلدة كبيرة، كيسمايو، مليء بالبقايا المتفحمة للسيارات المفخخة التي فجرها المسلحون. يقول العاملون في المجال الإنساني إن حركة الشباب لم تكن على استعداد للعمل معهم للسماح بدخول المساعدات إلى أراضيهم.
كذلك فان الصومال في قبضة أزمة سياسية اندلعت في فبراير/شباط 2021 عندما أجَّل الرئيس محمد عبد الله محمد الانتخابات ومرَّرَ تشريعاتٍ عبر البرلمان لتمديد فترة ولايته.
حيث أدَّت المنافسة بينه وبين رئيس وزرائه إلى اندلاع معارك بالأسلحة النارية في شوارع العاصمة مقديشو العام الماضي، وهدَّدَ مانحون من بينهم صندوق النقد الدولي بوقف التمويل إذا لم تُحَلّ الأمور.
فيما يخشى العاملون في المجال الإنساني من تكرار المجاعة التي اجتاحت البلاد قبل 11 عاماً، وأسفرت عن مقتل ما يقرب من 250 ألف شخص.
كذلك فإن العديد من العوامل التي اجتمعت خلال مجاعة 2011 تلعب دوراً في الصومال اليوم: انعدام الأمن المترسخ والحكم السيئ والإرهاق من المانحين الدوليين الذين سئموا من طبقةٍ سياسية فاسدة.