نشرت صحيفة لوموند الفرنسية تقريرا تناولت فيه المعاناة والاضطهاد وأعمال العنف التي تستهدف الهنود المسلمين، وسط تجاهل ولامبالاة من حكومة ناريندرا مودي.
وقالت الصحيفة، في تقريرها ، إن مئات عدة من الرجال المُسلّحين بالسيوف والمسدسات توجّهوا في موكب عيد “هانومان جايانتي” الهندوسي يوم 16 نيسان/ أبريل إلى الأحياء التي يقطنها المسلمون وهم يهللون “السلام على الإله رام!”، ثمّ اقتحموا أحد المساجد، حيث اندلعت اشتباكات أسفرت عن تعرّض أشخاص عدة إلى إصابات واحتراق مستودعات وسيارات، ولم تُفضّ الاشتباكات إلا بتدخّل الشرطة.
وقال غياس صروب، وهو مسلم من الحي المتضرر: “دخل الهندوس حيّنا لاستفزاز مجتمعنا فقط.. لقد نظموا ثلاثة مواكب لتهديدنا بسيوفهم وإجبارنا على أن نهتف “الله أكبر””.
وأضاف للصحيفة الفرنسية: “كان سياسيون من حزب بهاراتيا جاناتا، حزب الشعب الهندي الحاكم، حاضرين في المسيرة.. وفي وقت الصلاة، أغاروا على المسجد لمهاجمة المصلين بالحجارة”.
وذكرت “لوموند” أن الشرطة توصلت إلى استنتاجات تتناقض إلى حد كبير مع ما حدث على أرض الواقع.. لتعتقل الشرطة 20 شخصًا من المسلمين، حيث قال المفتش الذي أُرسل إلى مكان الحادثة إن “المسلمين اعترضوا مظاهرة سلمية لإحياء ذكرى هانومان جايانتي، عند مرور الموكب أمام المسجد”.
كما ساهم المسؤولون المحليّون من حزب بهاراتيا جاناتا في تأجيج نار الكراهية أكثر من خلال إلقاء اللوم على المهاجرين غير الشرعيين “البنغاليين والروهينغا” المقيمين في المنطقة.
ولفتت الصحيفة الفرنسية إلى أن هذه الأحداث تستذكر المذابح التي دمرت الأحياء الشمالية الشرقية من دلهي التي راح ضحيّتها 54 شخصًا، في شباط/فبراير 2020، حيث قام المئات من الهندوس المتطرفين بتدمير أحياء المسلمين.
فيما قالت الشرطة إن ما حدث كان مؤامرة دبرها بعض الطلاب، الذين تعرضوا للاعتقال والسجن رغم أنه لا علاقة لهم بهذه الأحداث.
وأشارت الصحيفة إلى أن موجة العنف التي شهدتها منطقة جيهانغير بوري ليست الأولى من نوعها، حيث تزايدت الهجمات ضد المسلمين في جميع أنحاء البلاد، دون تدخل الحكومة ورئيس الوزراء ناريندرا مودي لوضع حد لمثل هذه السلوكيات.
وذكرت أن الحكومة بقيادة القوميين الهندوس منعت الطالبات المحجبات من الالتحاق بالمدارس في ولاية كارناتاكا ثم دافعت عن قرار بعض المعابد حظر عمل التجار المسلمين خلال الأعياد الدينية الهندوسية.
وفي غوجارات وماديا براديش وجارخاند وغرب البنغال وجوا، كانت المواكب الدينية لرام نافامي، وهو مهرجان هندوسي، في 10 نيسان/ أبريل، فرصة لتغذية مشاعر الكراهية ونشرها.
وخلال هذه المواكب، تعرّض مسجد وعشرات المنازل في خارجون في ولاية ماديا براديش إلى الحرق، بينما أمرت الحكومة بهدم المنازل والمتاجر التي لا تعود ملكيتها للهندوس، أي المسلمين، المتهمين دون أي محاكمة بالتورط في أعمال العنف، حيث هدم 16 منزلا و29 متجرًا بالجرافات.
وقال الصحفي في صحيفة إنديان إكسبرس، تافلين سينغ، إن “ما تغير منذ أن تولى ناريندرا مودي منصبه هو تعرض المسلمين للسجن لشهور لأسباب وبطرق مختلفة”، حيث أثارت موجة الكراهية ضدهم قلق المعارضة.
وفي بيان مشترك، شجب ثلاثة عشر حزبا صمت ناريندرا مودي، قائلين إنه “لم يعارض أقوال وأفعال أولئك الذين يروجون للطائفية وأولئك الذين يحرضون مجتمعنا ويستفزونه.. يعتبر هذا الصمت شهادة بليغة على حقيقة أن هذه الحشود المسلحة تتمتع بدعم جهات رسمية.
وقالت الأحزاب في بيانها: “نحن نشعر بالاستياء للغاية من الطريقة التي تُستخدم فيها القضايا المتعلقة بالطعام والملابس والدين والمهرجانات واللغة عن عمد من قبل أطراف من المؤسسة الحاكمة لاستقطاب مجتمعنا”.
أكدت رئيسة حزب المؤتمر المعارض، سونيا غاندي، أن “موجة كارثية من الكراهية والطائفية والتعصب والحقائق المضللة تجتاح بلادنا. إذا لم نوقفها الآن، فسوف تضر بمجتمعنا بشكل لا يمكن إصلاحه”.
وأضافت: “كشعب، لا يمكننا أن نقف مكتوفي الأيدي ونشاهد نهاية مبادئ السلام والتعددية يتم التضحية بهما على مذبح القومية المزيفة”.
وذكرت الصحيفة أنه منذ تقسيم الإمبراطورية البريطانية في سنة 1947، كانت العلاقات بين الهندوس والمسلمين متوترة، لكن وصول القوميين إلى السلطة في سنة 2014 أدى إلى تفاقم الاضطرابات الاجتماعية.
وأدت سياسة حزب ناريندرا مودي إلى تفاقم الانقسامات الدينية في الهند من خلال الترويج إلى إيديولوجية الهندوتفا السياسية، التي تهدف إلى جعل الهند أمة هندوسية من خلال استبعاد الأقليات الدينية وخاصة المسلمين، الذين يشكلون 14 في المئة من السكان، أو ما يعادل 200 مليون شخص، بحسب الصحيفة الفرنسية.
وأشارت الصحيفة إلى أن رئيس الوزراء متهم بالتورط في المذابح التي جدت سنة 2002 في كجرات وأودت بحياة 2000 شخص، معظمهم من المسلمين.
ومنذ إعادة انتخابه في 2019، تزايدت قرارات ناريندرا مودي التي تهدف إلى جعل المسلمين مواطنين من الدرجة الثانية.
كما أدى الخطاب المعادي للأجانب الذي يروج له كبار قادة الحزب الحاكم إلى إطلاق موجة من الكراهية في البلاد.
وفي كانون الأول/ ديسمبر 2021، تجمع الكهنة الهندوس في مدينة هاريدوار المقدسة في ولاية أوتارانتشال للدعوة إلى الإبادة الجماعية للمسلمين، لكن لم يقع إدانة تصريحاتهم من قبل أي جهة حكومية.
ومن جهتها، أبلغت الولايات المتحدة من خلال وزير الخارجية أنتوني بلينكن السلطات الهندية بأنها تراقب عن كثب “بعض التطورات الأخيرة، بما في ذلك تنامي وتيرة انتهاكات حقوق الإنسان من بعض المسؤولين الحكوميين والشرطة والسجون”.