الأردن في المركز الثاني بين الدول العربية “الأقل سعادة”!… السبب؟

أثار حلول الأردن في المرتبة قبل الأخيرة عربياً في تصنيف تقرير السعادة العالمي 2022 الصادر عن الأمم المتحدة، الجمعة،تساؤلات حول الأسباب التي أوصلته إلى هذا الترتيب، خصوصا أن دولاً تعاني من نزاعات داخلية كانت أفضل حالا على هذا المؤشر، كليبياوالعراق.

وحل الأردن في المرتبة 134 عالميا من أصل 146 دولة شملها التقرير، وتذيل الترتيب عربياً، بعد لبنان التي حلّت في المرتبة الأولى بين الدولالعربية الأقل سعادة.
وسجلت السنوات الست الأخيرة؛ تراجعاً لموقع الأردن على مؤشر السعادة العالمي، حيث كان ترتيبه 74 في العام 2017، لينخفض إلى 90 في 2018، ثم إلى 101 في 2019، ثم 119 في 2020، ثم 127 في 2021، ليصل إلى المرتبة 134 في 2022.
ورأى بروفيسور علم الاجتماع حسين الخزاعي، أن أهم أسباب حلول الأردن في ذيل الدول الأكثر تعاسة “الفقر، والبطالة، والتضييق علىالحريات العامة، وتردي مستوى الخدمات المقدمة للمواطن، والارتفاع المتزايد في الأسعار، وانتشار المخدرات، وفقدان الثقة بين المواطنومؤسسات الدولة”.

وأوضح أن نحو ربع السكان في الأردن يعانون من البطالة وفق الإحصائيات الرسمية، 50 بالمئة منهم من الشباب، و40 بالمئة بين الذكورالمتعلمين، و82 بالمئة بين الإناث المتعلمات، بينما بلغت نسبتها بين المتزوجين 25 بالمئة.

وأضاف الخزاعي لـ”عربي21 ان معدل الفقر ارتفع من 10 بالمئة في عام 2010، إلى 24 بالمئة في 2021، ما يعني أن ربع السكان همتحت خط الفقر.

وقال الخزاعي إن تأثير الوضع الاقتصادي على المواطن في ازدياد، حيث إن 80 بالمئة من القوى العاملة الأردنية والمتقاعدين من مختلفالمؤسسات المدنية والعسكرية يبلغ دخلهم أقل من 500 دينار شهريا، متابعا: “إذا اعتمدنا أن 500 دينار هو الخط المقرر لدعم الخبزشهرياً، فمعنى ذلك أن هؤلاء تحت خط الفقر”.


وبيّن أن 25 بالمئة من المتزوجين هم بلا دخل، أي أنهم عاطلون عن العمل، مشيراً إلى أن عدد طالبي المعونة من صندوق المعونة الوطنيةالحكومي، يزداد سنويا قرابة 25 ألفا، بسبب الظروف الاقتصادية الضاغطة.
وأشار الخبير الاجتماعي إلى ارتفاع متوسط العمر عند الزواج للذكور في الأردن 31 سنة، وللإناث 27 سنة، وذلك لعدة أسباب أبرزها عدمالقدرة على دفع تكاليف الزواج، مضيفا أن “هؤلاء أفنوا أعمارهم بلا استقرار عاطفي واقتصادي واجتماعي، ولا شك أن ذلك هو أحد أسبابتراجع الأردن على مؤشر السعادة”.
وأوضح أن الدراسات تبين أن 45 بالمئة من الشباب الأردني راغبون في الهجرة، بسبب عوامل الطرد الموجودة في البلاد، والتي تزداد عامابعد عام، ولا يوجد لها حلول، مما يضاعف أعباء الشباب وعائلاتهم نفسيا وجسديا واقتصاديا.

ولفت الخزاعي إلى أن مؤشر السعادة يأخذ في عين الاعتبار مستوى الحرية في البلاد، وهو الذي يشهد تراجعا أيضا، “حيث تراجع الأردنفي التصنيف العالمي لحرية السعادة من 128 في 2020، إلى 129 في 2021.

وأضاف أن الأخطر من هذا؛ انعدام الثقة بين المواطن وبين المؤسسات التي من المفترض أن تسانده وتخفف من معاناته، “فعلى سبيل المثال؛تبلغ نسبة ثقة الأردني بالأحزاب السياسية 12 بالمئة، وفي مجلس النواب 15 بالمئة، وفي النقابات المهنية 40 بالمئة، ناهيك عن تراجع ثقتهبالحكومة والتي تشكل نسبتها 30 بالمئة”.

وبيّن الخزاعي أن شعور المواطنين بتخلي هذه المؤسسات عنهم في ظل هذه الظروف الصعبة؛ دفعتهم للعزوف عن المشاركة في العمليةالسياسية، حيث إن نسبة التصويت في الانتخابات البرلمانية الأخيرة بلغت 29 بالمئة، بينما في الـ2016 وصلت إلى 36 بالمئة.

وأشار إلى أن المواطن الأردني قلق جدا إزاء مستقبل الوضع المائي، والطاقة، وزيادة المديونية والعجز في الموازنة، “وهذا لا ينزع السعادةمنه وحسب، وإنما أيضا يجعله يعيش في قلق وتفكير دائم بالمستقبل الغامض الذي ينتظره، في ظل تفاقم المشكلات الاقتصاديةوالاجتماعية، وغياب الرؤية والوضوح فيما يتعلق بمجريات الحياة السياسية”.

ويستند التقرير على بيانات استطلاعات رأي على مستوى العالم بشأن تقييم الناس لحياتهم في نحو 150 دولة، أهمها إحصاءات لمعهدغالوب (Gallup) تقوم على عرض أسئلة للسكان عن نظرتهم لمستوى سعادتهم، مع مقارنة النتائج بإجمالي الناتج المحلي في البلاد،وتقويمات تتعلق بمستوى التضامن والحرية الفردية والفساد، لإعطاء علامة إجمالية لكل بلد.

قد يعجبك ايضا