عبدالكريم الخيواني.. رسوخ الموقف وشجاعة المواجهة
ما تزال حياة الكاتب الصحافي الشهيد، عبدالكريم الخيواني، متجددة فيما قدّمه من دروس على صعيد الإيمان بالقضية الوطنية، والانحياز لليمن في مواجهة قوى الاستكبار في زمن كان الصمت مطبقاً لدى الكثيرين؛ وبالتالي ستظل أفكاره ومواقفه تنبت أشجاراً باسقة من الإصرار والصمود والتحدي والانتصار لقضية اليمن في مواجهة العدوان.
عاش الثائر والصحفي، الشهيد الخيواني، حياته ملتزما صفات وأخلاقا وشجاعة في قول الحق والدفاع بصلابة عن حقوق الإنسان، فكان من أصدق الأصوات وأشجعها دفاعاً عن قضايا الوطن والمظلومين، بل من أبرز الصارخين بكلمة الحق ضد كل أشكال الاستبداد والظلم.
تماهى الخيواني بشجاعة منقطعة النظير مع قضية اليمن، حد أخاف به أعداء الوطن، حتى اغتالته أيادي العدوان في 18 مارس عام 2015م.
كان الشهيد الخيواني أنموذجا في الإخلاص للوطن والثبات على المواقف الصلبة المنحازة للإنسان والحقوق والحريات، متجاوزاً كل الانتماءات، فكان صاحب كلمة حق في زمن الصمت، وكان في مواقفه كالجبل الراسخ الذي وصلت جذوره إلى أعماق الأرض لتنبت حرية وعزة وكرامة.
يؤكد استهدافه من قِبل العدوان الأمريكي – السعودي – الإماراتي مدى إدراك العدو، لأهمية قلمه وكلمته وتأثيره الكبير على امتداد الساحتين اليمنية والدولية، لكنهم لم يدركوا أن الشهيد الخيواني سيظل منارة يمنية ومرجعية حقوقية للباحثين عن الحرية.
كما سيظل الشهيد عبدالكريم الخيواني درساً وطنياً يمنياً، يؤكد عظمة وأهمية الصمود في مواجهة العدوان، ومواصلة النضال ضد قوى الاستكبار العالمي.
من يتأمل في تجربة الخيواني سيجد تجربة متعددة العطاءات الإبداعية والحقوقية؛ فكان كاتباً لا يشق له غبار، وصحفياً محترفاً وصوتاً حقوقياً شجاعاً، وبالتالي تمثل تجربته مدرسة للحق في مواجهة الباطل، وستبقى منارة للباحثين عن الحرية.
ولد عبد الكريم محمد الخيواني عام 1965م في مدينة تعز، وتلقى تعليمه الإعدادي والثانوي فيها، ثم أكمل دراسته في جامعة صنعاء في مجال الاقتصاد والعلوم السياسية.
بدأ مشواره الإعلامي في مجال الكتابة الصحفية في عدد من الصحف اليمنية، وتولى منصب رئيس التحرير في صحيفة “الأمة” الناطقة باسم حزب الحق، وكذا رئيس التحرير في صحيفة “الشورى”، وموقع “الشورى نت” الإلكتروني، كما تولى العديد من المناصب السياسية، منها رئيس الدائرة السياسية في حزب الحق، وعضو مؤتمر الحوار الوطني عن مكون “أنصار الله”، واشتهر بكتاباته الصحافية الجريئة في انتقاد النظام الحاكم والفساد.
وفي العام 2008م، حصل الخيواني على جائزة الصحفيين المعرضين للخطر من قِبل منظمة العفو الدولية، وهو في السجن، وهي جائزة تمنح للصحفيين الذين يتعرّضون للمخاطر في مختلف دول العالم، كما حصل على “جائزة الخبر عمر أورتيلان الدولية” لحرية الصحافة، 2009، لدفعه ثمناً باهظاً في الدفاع عن حرية التعبير والصحافة.
ونتيجة لإسهاماته في المجالات الإنسانية، تم تعيينه في مايو 2014م، سفيرا للنوايا الحسنة والعلاقات الدبلوماسية من قِبل منظمة بعثة السلام والعلاقات الدبلوماسية للمجلس الدولي لحقوق الإنسان والتحكيم، والدراسات السياسية والإستراتيجية، كأول شخصية يمنية تتولى هذا المنصب.
تعرّض الخيواني للقمع والمضايقات بسبب نشره ملفات شديدة الحساسية، أبرزها ملف توريث الحكم والمناصب الوظيفية في الدولة، والفساد في القطاع النفطي، وجمع المسؤولين بين مناصبهم الحكومية وممارسة التجارة، إضافة إلى تغطيته لحروب صعدة، وكشف الكثير من حقائقها، وسجن أواخر 2004، واستمر اعتقاله لمدة عام. وفي العام 2008، صدر بحقه حكم بالسجن ست سنوات بسبب كتابته، أمضى منها عدّة أشهر ليخرج بعفو رئاسي، نتيجة ضغط مدني ودولي.
وعُرف الأديب الثائر والإعلامي الحقوقي الخيواني بشجاعته في الدفاع عن حقوق الإنسان، وحرية التعبير، ومناصرة المظلومين، كما يعد من رموز العمل الحقوقي والصحافة الاحترافية في اليمن.
تعرّض الصحفي عبدالكريم الخيواني لعملية اغتيال يوم الأربعاء 18 مارس 2015م، بالقرب من منزله في شارع هائل في العاصمة صنعاء، في جريمة شكّلت صدمة للأوساط السياسية والحقوقية والصحفية في اليمن والعالم.
تبقّى ذكرى استشهاده محطة مهمة لاستلهام دروس في غاية الأهمية بضرورة التزام الشجاعة في الدفاع عن قضايا الوطن ضد الطغاة والمستكبرين، وإبراز مواقفه ونضالاته من أجل الحرية والكرامة، والدفاع عن المظلومين، ونصرة المستضعفين.