جريمة النظام السعودي بتصفية معارضيه تصدم العالم

تقرير/حمدي دوبلة

بدم بارد وبكل برودة أعصاب واطمئنان من عدم تعرضه لأي مساءلات قانونية من هذا العالم المنحاز للمال يقتاد النظام السعودي الأسرى والمعتقلين السياسيين إلى مقاصل الموت بتُهم كيدية واضحة لا أساس لها من الصحة.
قبل أيام كان ابن سلمان يتشدق في وسائل الإعلام الدولية عن خططه الإصلاحية في مجالات حقوق الإنسان وتحسين صورة المملكة المشوهة أمام الغرب بسبب سجلها الأسود في إعدام المعتقلين وتصفية الناشطين والمعارضين السياسيين وما خلقته جريمة اغتيال الصحفي المعارض جمال خاشقجي من رأي عام واسع حول وحشية وتخلف النظام في الرياض حتى صدمت السلطات السعودية العالم بإعدام 81 إنسانا بينهم أسرى ومعتقلو رأي وناشطون سياسيون من أبناء المذهب الشيعي وهو ما يسميه النظام الوهابي الغارق حتى أذنيه في الأفكار المتطرفة والظلامية بالفكر المنحرف.
كان من بين الضحايا اليمنيين السبعة الذين طالتهم آلة الانتقام السعودية اثنان من الأسرى وهما الأسير/ حاكم مطري يحيى البطيني والأسير /حيدر علي حيدر الشوذاني وكان أسماهما وفق رئيس اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى عبدالقادر المرتضى، ضمن الكشوفات المسلمة للأمم المتحدة ويجري التفاوض على إطلاقهما.
وقال المرتضى في تصريحات صحفية أمس أن جريمة إعدام الأسيرين جريمة نكراء لن تمر مرور الكرام ولن تسقط بالتقادم.
موضحا أن جريمة إعدام الأسيرين تؤكد طغيان نظام الرياض، وبأن توقيت الجريمة جاء مع انشغال العالم بأحداث أوكرانيا، مشيرا إلى أن السعودية تجاوزت كل الأعراف.
ونوه المرتضى بأن لجنة شؤون الأسرى تفاجأت من إقدام السعودية على إعدام أسيرين تابعين للجيش واللجان الشعبية.
محملا النظام السعودي المسؤولية الكاملة عن جريمة إعدام الأسيرين، كما حمل الأمم المتحدة جانبا من المسؤولية باعتبارها معنية بملف الأسرى.
ولفت إلى أن النظام السعودي يأمن الملاحقة القانونية لذلك يرتكب الجرائم بحق الأسرى.. مؤكدا التواصل مع الأمم المتحدة ومطالبتها بإعلان موقف صريح وواضح إزاء هذه الجريمة النكراء.
وأضاف رئيس اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى بأن النظام السعودي لا يحرص على أسراه لدينا وإلا لما أقدم على ارتكاب جريمة إعدام الأسيرين ..معبرا عن أمله في أن يكون هناك موقف للأمم المتحدة تجاه جريمة إعدام الأسيرين، مجددا الاستعداد لعملية تبادل شاملة للأسرى.
الأكثر دموية ووحشية
هذه الإعدامات الجماعية المروّعة ليست بالأمر الجديد على النظام السعودي فطالما نفذ حفلات دم من هذا النوع لكن ما ميز الجريمة هذه المرة وهي التي وصفتها منظمات حقوقية دولية بالمجزرة الوحشية أنها كانت الأكبر في التاريخ الحديث إذ تم تصفية 81 شخصا بينهم خمسة يمنيين آخرين إلى جانب الأسيرين وهم أسامة احمد محمد الراجحي وإبراهيم احمد علي بحري وفارس سعيد حسن عبدالله المجنحي وغانم حسن محمد سعيد واحمد مهدي محمد الكبوري.
وتعد هذه الجريمة أكبر عملية تنفيذ إعدامات تقوم بها السعودية دفعة واحدة منذ سنوات، إذ نفذت في العام 2016 إعدامات طالت 47 شخصا أبرزهم رجل الدين الشيعي “نمر النمر”، بيد أن الرقم 81 هو الأعلى في تاريخ المملكة الحديث.
وكان إجمالي المحكوم عليهم بالإعدام 73 سعوديا من أبناء المذهب الزيدي و7 يمنيين وسوريًا واحدًا.
وكان من بين شهداء الجريمة 41 معتقلًا من منطقة الأحساء والقطيف شرق السعودية، كما تم إعدام طفل كان عمره 13 عاما حين اعتقل بتهمة الخروج في مظاهرة.
كما شملت الإعدامات الجديدة شباناً مارسوا حقهم في التعبير عن الرأي والمطالبة بحقوق مشروعة وعادلة في العيش الكريم والمساواة والحرية.
ولم تكتفِ السلطات السعودية بتصفية الناشطين المعارضين وأسرى الجيش اليمني، بل أمعنت في قتلهم معنوياً بجمعهم في قائمة واحدة مع متهمين في قضايا أسمتها بإرهاب لإيهام الرأي العام الخارجي بأن عقوبة الإعدام تستند إلى قضايا إرهاب.
وتجنّب بيان الداخليّة السعوديّة الإشارة إلى انتماء المُدانين المَعدومين المذهبيّة، وحصرهم بتهم تتعلّق بالإرهاب، وعلّقت الصحفية اللبنانيّة ديانا مقلد، وقالت في تغريدة: “في مجزرة صارخة أعدمت السعوديّة اليوم 81 شخصًا بشكل دموي شكل صدمة واسعة”، وأضافت: “هل تفلح محاولات “تجميل” عهد ابن سلمان بعد هذه المجزرة كما حصل بعد جريمة قتل خاشقجي؟
حالة غضب في الداخل السعودي
الجريمة أحدثت حالة غضب وغليان واسع في أوساط المناطق الشيعية بالمملكة والتي يدرك أبناؤها الدوافع الحقيقية للجريمة وقد تجلى ذلك من خلال حالة الغضب المرصودة على منصات التواصل الاجتماعي لكن لا أحد يدري كما يقول محللون سياسيون اذا كانت حالة الغضب والاحتقان ستُتَرجم عمليًّا بأعمال عُنف على الأرض في أوساط الطائفة الشيعيّة في المنطقة الشرقيّة ضدّ السلطات السعوديّة، ولكن هُناك مُطالبات علنيّة بالانتقام واللجوء إلى العُنف لحماية أبناء هذه المنطقة، لأن السّكوت حسب أحد عناصر هذه المُعارضة في لندن سيُؤدّي إلى تمادي الأمير ابن سلمان في أعمال القمع والقتل.
إلى ذلك قال مصدر سعودي مُعارض في لندن بأنه لا يستبعد أن يكون الأمير ابن سلمان الذي أراد أن يستغل الانشغال العالمي بأزمة أوكرانيا قد استشعر قُرب انفجار حالة الغضب والإحباط الشعبي من سياسته القمعيّة، وحالة الانفتاح “المُبتذلة” التي خرجت عن كُل الخُطوط الحُمر الدينيّة، ولهذا قرّر الإقدام على ضربةٍ استباقيّة بتنفيذ هذه الإعدامات لتوجيه رسالة تحذير لأيّ أعمال عُنف احتجاجيّة أو انتقاميّة، وأكّد المصدر نفسه أن البلاد تشهد حالة غليان غير مسبوقة هذه الأيّام.

قد يعجبك ايضا