غزة في اليوم الـ 547 لحرب الإبادة: إمعان صهيوني.. ولا صحوة أممية

في اليوم الـ 547 من حرب الإبادة الجماعية الصهيونية على سكان قطاع غزة، الذي بات موطنَ الشهداء والأُمهات الصابرات، لا ينتظر من العالم دمعةً ولا تصريحًا ولا بيانًا، بل يطالب فقط بحق الطفولة في الحياة.

غزة التي ما تزال تحترق وتُقصَف وتُحاصَر؛ تأبى أن تنكسر أَو ترفع راية الاستسلام، أَو ترضخ لسياسات التهجير، في هذه البقعة الصغيرة المحاصَرة، حَيثُ يرتقي الأطفال شهداءَ وهم يبحثون عن لقمةٍ تَـسُدُّ رَمَقَهم، باتت حُجّـةً على الإنسانية.

في غزة؛ وفي تفاصيل مساء دامٍ آخر، لم يكن مختلفًا عن مئات الليالي السابقة، قصفت طائرات الاحتلال “تكيةً” لتوزيع الطعام في مدينة خان يونس جنوبي القطاع، والتي كانت تُقَدَّمُ فيها وجبات للنازحين المنكوبين، وتحولت فجأة إلى ساحة مجزرةٍ، ارتقى فيها 6 شهداء، بينهم سيدتان وطفلة، وأُصيب آخرون من المتطوعين والنازحين.

في المشهد، الطفلة التي استشهدت في هذا الهجوم، لم تكن تحمل سلاحًا، ولم تكن تقاتل، بل كانت تمسك بيد شقيقتها وتنتظر وجبة بسيطة تُشبِعُ وإنْ بعضًا من جوعها، جاءت تطلب طعامًا، فوجدت الموت، وكان جوعها أكثر براءة من أن يُخشَى، لكن حتى هذا الجوعُ بات مستهدَفًا.

سياسة تجويع ممنهجة:

الهجوم على “تكايا الطعام” لم يكن حدثًا عارضًا، بل يأتي ضمن سياسة منهجية لتدمير كُـلّ مصادر الحياة في غزة؛ فمنذ بدء حرب الإبادة -وبحسب الإعلام الحكومي- “استهدف الاحتلال أكثر من 26 تكية طعام و37 مركزًا لتوزيع المساعدات، في محاولةٍ لخنق ما تبقى من أنفاس الحياة في القطاع”.

وفي ظل انعدام البدائل، باتت “التكايا” تمثل شريانَ الغذاءِ الأخيرَ لمئات الآلاف من العائلات، إلا أن الاحتلال الصهيوني -كما يقول مراقبون- يسعى إلى استخدام سلاح التجويع لتكريس سياسة “التهجير ودفع الأهالي إلى الرحيل (الطوعي)”، وهو ما يؤكّـده تصريح وزير المالية الصهيوني “سموتريتش” حين قال: “لن ندخل حبة قمح واحدة أَو قطرة ماء أَو جرعة دواء إلى غزة”، ولو قدر له منع الهواء عنها لفعل.

وتشير تقارير منظمة الصحة العالمية، إلى أن نحو 60 % من أطفال غزة يعانون من سوء تغذية حاد، وسط حصار مطبق يمنع إدخَال الغذاء والدواء والماء والوقود، وحتى الخيام و البيوت المتنقلة (الكرفانات) اللازمة للإيواء.

كما تمنع سلطات الاحتلال دخول المعدات الثقيلة لانتشال الجثث، تاركة آلاف الضحايا تحت الركام في انتظار “موت مؤجل”، ويبقى الصمت العربي والدولي سيد الموقف؛ إلا ما ندر.

 

المجتمع الدولي.. لا صحوة للآن.. مجرد بيان:

مساء اليوم، أصدرت عدة هيئات إنسانية تابعة للأمم المتحدة بيانًا مشتركًا وصف المأساة في غزة بأنها “استهتار تام بحياة الإنسان”، مُشيرًا إلى أن أكثر من 2.1 مليون شخص محاصرون، يتعرضون للقصف والتجويع.

دورٌ أممي لا أكثر من بيان أكّـد أن “لا أحد في مأمن في قطاع غزة”؛ لأَنَّ “أوامر التهجير الإسرائيلية أجبرت مئات آلاف السكان بغزة على الفرار مجدّدًا دون ملاذ آمن”، مشدّدًا على ضرورة وقف فوري لإطلاق النار، وحماية المدنيين، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية دون قيدٍ أَو شرط.

وأشَارَ إلى أنّ “إمدَادات الغذاء والدواء والوقود والمأوى والمعدات الحيوية عالقة وتتراكم عند معابر غزة”، مؤكّـدًا “أنباء مقتل وإصابة أكثر من ألف طفل في أول أسبوع بعد انهيار وقف إطلاق النار بغزة”، حَــدّ وصفه.

ولفت البيان إلى أنّ “وقف إطلاق النار سمح لنا بتحقيق ما منعتنا منه القنابل والعراقيل خلال 470 يومًا من الحرب”، مؤكّـدًا أن “النظام الصحي الذي يعمل جزئيًّا في غزة مثقل بالأعباء وتنفد الإمدَادات الأَسَاسية منه بسرعة”.

وأكّـدت الهيئات الأممية، “مقتل 408 من العاملين في المجال الإنساني منذ أُكتوبر 2023م”، وختمت بيانها بالدعوة إلى “حماية المدنيين بغزة وتسهيل وصول المساعدات وإطلاق سراح الرهائن”.

التحديث اليومي لجريمة الإبادة في غزة:

ولأن قطاع غزة قد بات بلا دواء؛ فَــإنَّ تداعيات خطيرة وكارثية ستضاف للوضع الصحي والإنساني المتدهور، ووفقًا لوزارة الصحة في غزة، فَــإنَّ “37 % من الأدوية و59 % من المهام الطبية في القطاع رصيدها صفر، وأدوية العمليات والعناية المركزة وأقسام الطوارئ مستنزفة إلى مستويات غير مسبوقة مع استمرار العدوان الصهيوني.

وأشَارَت إلى أن “مرضى وجرحى قطاع غزة محرومون من خدمات التصوير التشخيصي؛ بسَببِ تدمير العدوّ لأجهزة التصوير الطبقي والرنين المغناطيسي، وأن 54 % من أدوية السرطان وأمراض الدم رصيدها صفر، وذلك يهدّد حياة المرضى ويوقف بروتوكولات علاجهم.

وأكّـدت أن “13 ألفًا من المرضى والجرحى أُغلقت أمامهم فرص العلاج التخصصي خارج القطاع بعد إغلاق المعابر”، ومنع الإمدَادات الغذائية “يهدّد أكثر من مليونَي مواطن بسوء التغذية والإصابة بفقر الدم خَاصَّة الأطفال”.

وإلى جانب استشهاد 1300 من طواقم الإسعاف والفرق الإنسانية بقصفٍ للعدو الإسرائيلي خلال تنفيذ مهام إنقاذ، أوضحت وزارة الصحة في غزة، أن “57 شهيدًا و137 جريحًا وصلوا مستشفيات قطاع غزة خلال الـ 24 ساعة الماضية.

وأكّـدت ارتقاء “1391 شهيدًا و3434 جريحًا نتيجة العدوان الإسرائيلي منذ 18 مارس الفائت، وارتفاع حصيلة الضحايا إلى “50752 شهيدًا و115457 جريحًا منذ بدء حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية على قطاع غزة.

قد يعجبك ايضا