50 مليار دولار … الأوطان والمقدسات ليست للبيع !
( ترامب يريد أن يشترينا ويحرمنا من دولتنا المستقلة … وإن هناك عرضا لزيادة الدعم المالي السعودي بثلاثة أضعاف مقابل الموافقة على الصفقة وتصفية القضية ) .
إن المؤتمرات الدولية تحت رعاية قوى خارجية ذات مصالح ومشاريع تسعى إلى الحفاظ على قواعد سيطرتها ليست هي الوسيلة لإيجاد حل لأزمات المنطقة .
ولكنها ستظل جاثمة على صدور الشعوب مثيرة للآمال الزائفة , ولن يتغير السيناريو إلا حين تفرض مقاومة الشعوب إرادتها .
–القضية الأساسية
ظلت القضية الفلسطينية محور اهتمام العرب والمسلمين وقضيتهم الأساسية الجامعة لعقود , وظل الكيان الصهيوني العدو الرئيسي في العقيدة الجمعية العربية والمسلمة منذ احتلاله أرض فلسطين واعتداءاته المتكررة على أراض ومقدرات عربية ومقدسات إسلامية .
مما دفع الشعوب والحكومات إلى اعتبار الدفاع عن تلك المقدرات والمقدسات واجبا وثابتا لا يمكن لحكومة أو نظام حاكم التخلي عنه تحت وطأة أي ضغوط أو أية ميول أو أهواء .
وقد نصت مختلف المؤتمرات والفعاليات العربية والإسلامية وحتي الدولية التي عينت بالقضية , فحتى مؤتمرات السلام الدولية التي شاركت فيها دول عربية وإسلامية لم تتخل عن القضية بالكلية .
فقد كانت كلمة السر هي ( المقاومة ) ودعم حقوق الشعب الفلسطيني ضد المحتل الصهيوني ومن ورائه القوى الدولية الداعمة له .
لكن مع مرور السنوات والتغييرات بالمنطقة تغيرت الثوابت عند البعض وعقيدتهم السياسية الراسخة وبين إمكانيات التحقيق .
فتصدرت لعبة المصالح ومنطق بقاء نظم حاكمة كثابت يحكم إدراك وتصور هذه النظم الحاكمة للعدو نحو عدو آخر غير العدو الصهيوني .
بل سارعت للتطبيع مع الكيان الصهيوني التي كانت بالأمس القريب عدوا , حتى وإن ظل إدراك ووعي الشعوب قائما على ذات الاعتبار بأن الكيان الصهيوني يبقى العدو دون تبديل , وأن القضية الفلسطينية تظل قضية العرب والمسلمين الأولى دون تغيير .
–صعود ترامب
رغم أن القضية الفلسطينية تتعرض منذ عقود قريبة لمحاولات تصفية متكررة , فإن تولى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مقاليد حكم البيت الأبيض مطلع عام 2017م , شكل متغيرا نوعيا ضاغطا بشكل غير مسبوق , في اتجاه تصميم مقاربة أمريكية – عربية – صهيونية جديدة تجاه قضية فلسطين , تحت مسمي ( صفقة القرن ) , مما أدى إلى إعادة صياغة المواقف العربية الرسمية , التي باتت أقرب من ذي قبل إلى تبني الأفكار والمقاربات الامريكية بخصوص قضية فلسطين , باستثناء قليل من الدول العربية التي ربما تعارض هذه المقاربات ولكن ضمن حدود خطابية لفظية , في إطار سياسة الحذر خشية إغضاب واشنطن وحرصا على استمرار العلاقات معها .
بل أن الخطاب الرسمي لأغلب السياسات العربية الذي يضع العلاقات العربية مع واشنطن وربما مع العدو الصهيوني في مقدمة أولوياته بغض النظر عما يلحق بقضية فلسطين من تهميش وتصفية .
–خطوات تصعيدية
بعد تولي الرئيس الأمريكي ترامب الذي اتخذ قرارات شديدة الخطورة في تأثيرها على مسار الصراع العربي – الصهيوني دون أن تجد موقفا عربيا مناسبا سواء على الصعيد العربي الجماعي أو القطري , او حتي التفكير في الدعوة إلى قمة عربية طارئة .
ومن بين هذه الخطوات الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان لصهيوني و نقل السفارة الامريكية من تل أبيب إلى القدس المحتلة منتصف مايو 2018م ,
– بحلول الذكرى ال70 لقيام الكيان الصهيوني الغاصب في فلسطين – وإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن , والتضييق على تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ( الأنروا ) , وتوقيع ترامب في 25 مارس 2019م , أمرا تنفيذيا ينص على اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بالسيادة للكيان الصهيوني على الجولان السوري المحتل .
–بيان مشترك
صدر بيان مشترك من الولايات المتحدة الأمريكية ومملكة البحرين بتاريخ 19 مايو 2019م , عن نيتهما عقد ورشة عمل اقتصادية بعنوان ( من السلام إلى الازدهار) تستضيفها مملكة البحرين بالشراكة مع الولايات المتحدة الأمريكية في المنامة يومي 25 و26 يونيو 2019م .
وعلى إثر ذلك البيان , أجرى روبرت ساتلوف مدير معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى , مقابلة مع جاريد كوشنر حول عملية السلام في الشرق الأوسط .
وفي أعقاب المقابلة نشر ساتلوف مقالا مهما على موقع ( أمريكان إنترست ) حذر فيه من أن ( خطة كوشنر للسلام ربما تكون كارثية على سياسة أمريكا تجاه الشرق الأوسط , وأن حل الدولة الواحدة يعنى نهاية إسرائيل والطريق للصراع الأبدي ) .
–صفقة القرن
عقدت ورشة المنامة أو مؤتمر البحرين الاقتصادي يومي 25 و26 يونيو 2019م , والذي يمثل الخطوة الأولى مما يسمى ( صفقة القرن ) للتطبيع العربي مع العدو الصهيوني وتصفية القضية الفلسطينية , برعاية ودعوة من الإدارة الأمريكية عبرجاريد كوشنر صهر الرئيس ترامب ومستشاره .
في ظل دعم لا محدود من قبل إدارة ترامب للعدو الصهيوني مما تسبب تضيق الخناق على الشعب الفلسطيني إما بإرغامه على مسار صفقة القرن أو إرضاخة لقبول الرشوة الاقتصادية التي وصفتها إدارة ترامب وفي مقدمتها كوشنر بإنها ( فرصة لا صفقة ) .
وأشار مسؤولون أمريكيون إلى أن الخطة ستكون شاملة , وتتجاوز الأطر التي وضعتها الإدارات الأمريكية السابقة , وتتناول كل القضايا الكبرى , بما فيها القدس والحدود وقضية اللاجئين , وتكون مدعومة بأموال من السعودية ودول خليجية أخرى لصالح الفلسطينيين .
في حين لم تتطرق الخطة إلى الجانب السياسي بشكل رسمي , إلا أن الحديث عن تحويل الضفة الغربية وغزة بشكل جذري , كشف عن البعد السياسي الذي سينص في أحد بنوده عن القبول بالقدس بشقيها الغربي والشرقي عاصمة موحدة للعدو الصهيوني , وتصفية القضية الفلسطينية لصالح العدو الصهيوني , وهو ما كشف عنه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بقوله : ( ترامب يريد أن يشترينا ويحرمنا من دولتنا المستقلة ) .
–التآمر العربي
كانت كل من البحرين والسعودية والإمارات ومصر والأردن والمغرب قد شاركوا بمؤتمر المنامة , فيما رفضت فلسطين المشاركة . فيما يخص السعودية فقد أكد محمد بن سلمان ولي العهد السعودي لكوشنر مستشار ترامب ( أنه مستعد لاستثمار كميات ضخمة من رؤوس الأموال في الصفقة , وسيعطي القيادة الفلسطينية الحوافز اللازمة للاستجابة الإيجابية ) , و في 8 نوفمبر 2018م , وخلال زيارة محمود عباس للرياض والتقائه بابن سلمان بال عباس : ( إن هناك عرضا لزيادة الدعم المالي السعودي للسلطة الفلسطينية بثلاثة أضعاف تقريبا مقابل الموافقة على الخطة – تصفية القضية الفلسطينية – ).
وفيما يخص الإمارات فقد أعلنت دعمها لمقترح الرئيس الأمريكي ترامب ورحبت في بان لها بالمشاركة في ورشة العمل الاقتصادية التي تستضيفها مملكة البحرين بالشراكة مع الولايات المتحدة .
فيما أعلنت دولة الكويت وفي موقف مشرف عدم حضورها مؤكدة أنها سوف تقبل بما يقبل به الفلسطينيون , وكان مجلس الأمة الكويتي قد دعا إلى المقاطعة .
كذلك دولة قطر التي لم تتلق دعوة بالمشاركة من البحرين , غير أن وزراء الخارجية القطرية أصدرت بيانا رسميا قالت فيه : ( ينبغي أن يكون الحل وفق إطار يرتضيه الشعب الفلسطيني , يقوم على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي , وإقامة دولة ذات سيادة كاملة على حدود عام 1967م ,وعاصمتها القدس الشرقية , إضافة إلى حق العودة للاجئين وفق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ) .
أما موقف الأردن فمفاده : نشارك لنعرف ما يدور بالغرف المغلقة ! .
وكذلك مصر بد أنها تحاول عدم إغضاب أي طرف , ولذا قررت أن تشارك لمراقبة الموقف .
أما المغرب فجاءت مشاركة اللحظة الأخيرة ومستوى تمثيل يقارب الغياب .
–فرض المخرجات
لقد بدت مبادرة مؤتمر البحرين كمن يريد فرض مخرجاتها على الفلسطينيين , ملوحين بأنها الفرصة الأخيرة للسلام . فبرغم رفض الفلسطينيين الواضح بجميع فصائلهم لعقد القمة ابتداء , ورفضهم المشاركة فيها , إلا أن المشاركين تجاهلوا تلك المواقف التي صرح بها رئيس السلطة وبقية الفصائل الفلسطينية , مما دفع محمود عباس أن يصرح ( بأن القمة بنيت على باطل , وأنه لن يكتب لها النجاح ) , وأضاف : ( نريد الدعم الاقتصادي والمال والمساعدات , ولكن الحل السياسي يجب أن يأتي أولا ) .
وبرغم الخلافات السياسية المحتدمة بين الفصائل الفلسطينية , لاسيما حركتي حماس وفتح , إلا أنهما أجمعت على رفض مؤتمر المنامة , وقالت : ( إنه طعنة في ظهر الشعب الفلسطيني ). وعليه فقد ساد وضع المشاركة العربية في مؤتمر البحرين , ولم يكن اللافت فقط هو انخفاض مستوى الحضور باستثناء السعودية , ولكن ايضا الطابع الاعتذارى الذي صاحب إعلان كثير من الدول عن قرارها بحضور المؤتمر كأن لسان حالها يقول إننا حضرنا لرفع العتب مع الأمريكيين والسعوديين .
في المقابل قال البيت الأبيض إنه قرر عدم دعوة الحكومة الإسرائيلية , نظرا إلى عدم وجود السلطة الفلسطينية في المؤتمر ) , ليشارك بدلا من ذلك وفد صغير من قطاع الأعمال الصهيوني فضلا عن الاستفزاز بمشاركة إعلامية صهيونية واسعة استفزت الشعوب .
–الموقف الدولي
جاء تمثيل الدول الكبرى غير مكتمل بداية برفض الصين وروسيا المؤتمر وإعلانهما مقاطعته ابتداء ,وفقما صرحت الصين ثم حضرت بتمثيل ضعيف , أما روسيا فقد رفضت المشاركة وأصدرت وزارة الخارجية الروسية بيانا جاء فيه نص مخالفة صريحة لخطة كوشنر الذي سبق ورفض حل الدولتين : ( نحن على قناعة بأن أي مبادرة تهدف إلى تحقيق سلام دائم وعادل في الشرق الأوسط يجب أن تحتوى على دعم واضح لمبدأ حل الدولتين لتسوية الخلافات الفلسطينية الإسرائيلية ) .أما القوي الأوروبية , فعلى الرغم من جولة كوشنر الأوروبية قبيل المؤتمر في مطلع يونيو , فزار لندن وبروكسل ليجتمع مع مسؤولي الاتحاد الأوروبي , لاطلاعهم على تفاصيل خطة السلام الأمريكية في الشرق الأوسط ( صفقة القرن ) إلا أنهم لم يشاركوا تعبيرا غن رفضهم للصفقة على الرغم مما تسرب حول استهداف خطة كوشنر مشاركة أوروبا ب20% من تكلفة الصفقة .
في حين صرح كوشنر مستشار الرئيس الأمريكي ترامب بأن ثمة تمثيلا للدول السبع الكبرى والصين وروسيا واليابان .
جاء تصريح المتحدث الرسمي باسم الاتحاد الأوروبي ليقلل من أهمية مؤتمر البحرين , وأوضح الاتحاد الأوروبي أن مشاركته في ورشة العمل بالبحرين جاء من أجل الاطلاع عن كثيب عما تتضمنه خطة الرئيس دونالد ترامب للسلام في الشرق الأوسط دون أي التزام من جانبها بدعمها الخطة أو المشاركة فيها ) , مجددا التأكيد على التزامه ( الراسخ بحل الدولتين عن طريق المفاوضات ).
50 مليار دولار
قبيل انعقاد مؤتمر البحرين صرح كوشنر لوسائل إعلام أن المبادرة العربية والتي دشنها الملك السعودي عبدالله في عام 2002م ,- خلال انعقاد القمة العربية في الأردن -, وتقوم على فكرة حل الدولتين , لم تعد أساسا للحل ) .
وقد سبق وصرح السفير الأمريكي لدى الكيان الصهيوني ( ديفيد فريدمان ) بقوله : ( أنه من حق إسرائيل ضم أجزاء من الضفة الغربية )
. ورفضت الإدارة الأمريكية وقتها بعهد ترامب مرارا وتكرارا حل الدولتين , وقال المبعوث الأمريكي ( جيسون غرينبلات ) إلى الشرق الأوسط إنه : لا حاجة لاستخدام هذا المصطلح فكل طرف ينظر إليه بطريقة مختلفة ).
فإن خطة السلام المزعومة أو صفقة القرن حملت عنوان ( السلام … من السلام إلى الازدهار : رؤيا جديدة للشعب الفلسطيني) , يتضمن الشق الاقتصادي 40 صفحة , مكونة من ثلاثة فصول , وعدد الشق الاقتصادي المدشن في ورشة المنامة للعدد المكاسب الاقتصادية وحجم المنح والتمويلات ورؤوس الأموال التي ستنهال على الضفة الغربية وقطاع غزة وجوارهما في الأردن ولبنان ومصر , حيث وزعت الخطة ال( 50 مليار دولار ) الموعود تجميعها .
وبمراجعة تفصيلية لمضمون الملف نجده يتوجه بخطاب التنمية والتمكين للشعب الفلسطيني متجاهلا وجود احتلال صهيوني ولم يذكر الاستيطان الصهيوني ه من بعيد أو قريب , لا من حيث هو مسبب للأوضاع المتردية ولا كشريك في الصفقة او الفرصة , فالمحتل الصهيوني الغاصب سبب نكبة الشعب الفلسطيني منذ 76 عاما . !
فمؤتمر المنامة هو مزاد علني لبيع القضية الفلسطينية ومقايضات على الأوطان والمقدسات بوعود بوظيفة ومسكن وتمكين . وفيما يبدو أن المقصود من خطة القرن أن ينسى الشعب الفلسطيني والعربي ككل حقيقة وجود الاحتلال والعدو الحقيقي الذى غرس في قلب الأمة وبمقدساتها لنجد من انظمة عربية وعلى رأسها السعودية والامارات والبحرين وغيرها هم الممولين الأكبر لصفقة القرن وتصفيه القضية الفلسطينية برمتها .
ومع انتهاء مؤتمر الخيانة وفشله الأمر الدي دفع غرينبلات في 2 يوليو 2019م , لعرض ملف وتفاصيل الخطة أو الشق الاقتصادي لصفقة القرن والذي جرحت في مؤتمر المنامة عبر موقع تويتر ( اكس )بتاريخ 2 يوليو 2019م , معلقا بالقول : ( في الوقت الذي قاطعت فيه القيادة الفلسطينية , فإن الفلسطينيين والمنطقة مطالبون بإعطاء فرصة للحكم على خطتنا الاقتصادية بأنفسهم ) .
فتغريدته تلك لم تكن في حقيقتها إلا إقرارا منه وبالطبع إقرار إدارة الرئيس الأمريكي ترامب نفسها بفشل مسعاهم الاقتصادي لرشوة المعنيين بالقضية لقبول صفقة القرن المزعومة من خلال مؤتمر البحرين الاقتصادي .
–تظاهرات شعبية
في حين لاقت صفقة القرن معارضة شديد من الشعوب العربية ومن الداخل الفلسطيني عبر مظاهرات مندد بصفقة القرن ففي بغداد اقتحمت سفارة البحرين , وعبر مواقع التواصل الاجتماعي .
لذلك فقد جاءت التظاهرات الشعبية رفضا لصفقة القرن قوية رغم حالة القمع ضد التظاهر في اغلب النظم العربية وكان أبرزها في العراق والمغرب , وبالطبع في الداخل الفلسطيني حتي وصل الأمر إلى استدعاء البحرين سفيرها من العراق للتشاور بعد اقتحام متظاهرين سفارتها في بغداد , لكن حالة الرفض الشعبي للصفقة ومؤتمر الاقتصادي بلغ أودة على منصات التواصل الاجتماعي , فقد تصدرت ( يسقط مؤتمر البحرين , لا لصفقة القرن ولا لورشة البحرين ) ليتصدر موقعي تويتر( اكس) وفيسبوك . وتزامن مع عقد مؤتمر البحرين , عم الأراضي الفلسطينية إضراب شامل ليعلن رفضا فلسطينيا قاطعا له , باعتبار أنه مقدمة لتطبيق صفقة القرن , وأن انعقاده وسط غياب الفلسطينيين يسقط الشرعية عنه .
مؤكدين أن حل القضية الفلسطينية سياسي يتمثل في إنهاء الاحتلال وإنهاء سيطرته على الموارد وبذلك يتم بناء اقتصاد مستقل .
ولم يقتصر على الداخل الفلسطيني بل تعدى إلى جميع الفلسطينيين في دول المهجر وخاصة في اوروبا . فيما قال (منيب المصري ) وهو رجل الاعمال الفلسطيني تعقيبا على مؤتمر البحرين بأن هذا العرض الاقتصادي أو الصفقة لم ولن تُغري الفلسطينيين لأنهم جميعا متفقون مهما اختلفوا وتناحروا , على حقيقة واحدة بأن فلسطين ليست للبيع ولن تكون وأن أساس القضية الوطينة الفلسطينية هو حق تاريخي وقانوني وسياسي وليس اقتصاديا ولن يكون ).
–تصفية وتطبيع
انتهت ورشة المنامة في ظل رفض ومقاطعة فلسطينية رسمية لها , من منطلق أن هذه الورشة خطوة نحو تصفية المشروع الوطني الفلسطيني , ومحاولة للقفز عن حقوقه المشروعة بموافقة رسمية – خيانة – من بعض الأنظمة العربية ودول الاقليم , والتي للأسف آثرت إلا أن تكون في صف الحركة الصهيونية والدخول في تطبيع رسمي علني مع دولة الاحتلال ظنا منها أن هذا قد يحمي وجودها مما تتخيل أن خطر آخر يتهددها , فمؤتمر البحرين كشف اللثام عن هرولة عربية وخليجية تحديدا للتطبيع مع العدو الصهيوني .
كذلك بدت في مؤتمر البحرين النموذج الأكثر تخليا وفجاجة من حيث التخلي عن القضية الفلسطينية تحت ضغط إدارة الرئيس الأمريكي ترامب حماية لنظم خليجية تحتاج لدعم امريكي مقابل استبدال العدو الرئيسي للعرب والمسلمين وهو العدو الصهيوني بالعدو البديل الجديد وفق إدارة ترامب ومسمياته .
–طوفان الأقصى
من الواضح بشأن الموقف العربي من القضية الفلسطينية التي لم تعد في محور اهتمامات جامعة الدول العربية والمعسكر المسيطر عليها , إذ أصبحت ورقة مساومة ومقايضة من أجل ضمان غطاء الحماية الأمريكية في أي أزمة يمكن أن تعصف به وهذا ما يفسر استمرار مسلسل تقويض القضية بأيد عربية , ودعم الخطة الأمريكية صفقة القرن المفصلة وفق تطلعات رئيس الوزراء الكيان الصهيوني نتنياهو وطموحاته السياسة في مقابل الحقوق الفلسطينية .
وقد ساهم هذا الدعم المتلاحق في تصاعد وتيرة التطبيع العلني بين بعض الانظمة العربية والكيان الصهيوني انعكاسا لصفقة القرن بهدف الاسراع في تطبيق مضامينها والتي بدأت فعليا باعتراف الادارة الامريكية بالقدس عاصمة للكيان ومن ثم نقل السفارة وصولا إلى الاعتراف الامريكي بالسيادة الصهيونية على هضبة الجولان السورية المحتلة انتهاك خطير للقرارات الدولية وتهديد للأمن والاستقرار وتقويض لكل آفاق تحقيق السلام في المنطقة .
فمع وصول ترامب لسده الحكم في البيت الأبيض في عام 2017م , والذي يمثل الذكرى المائة لوعد بلفور في الثاني من نوفمبر 1917م , والذي استهل حكمه بتصفية القضية الفلسطينية بالتواطئي مع انظمة عربية , لتأتي معركة الطوفان في السابع من اكتوبر 2023م , لتخلط الأوراق وتنهي صفقة القرن والتطبيع وتعرى الحقائق في إعادة رسم خريطة المنطقة وإعادة بناء نظامها وفق توازنات جديدة تقف على رأسها أقطار غير عربية , ومشروعات غامضة من قبيل صفقة القرن وسط تدخلات ثقيلة من أطراف دولية وإقليمية متعددة , وتكوين ناتو عربي – صهيوني , بل والأهم إن 7 اكتوبر إعادة القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني إلى الواجهة العربية والاقليمية والدولية .