حضرموت تفاقم الصراع وفضح المطامع السعودية الإماراتية
مما لا شك فيه ان محافظة “حضرموت” تعد كبرى محافظات الجمهورية اليمنية، إذ تمثل أكثر من ثلث مساحة البلاد (36%) تقريبا، وتمتلك شريطا ساحليا طوله 450 كلم، ونصف حدود اليمن مع السعودية بشريط حدود مشترك يصل إلى (700) كم تقريبا، كما تكتنز حضرموت 70% من ثروات اليمن، وترتبط جغرافياً وتاريخيا بمأرب وشبوة والمهرة، وكذا سقطرى وتمتد إلى الحدود الدولية مع سلطنة عمان، وإضافة إلى موقعها الحيوي والهام تمتلك محافظة حضرموت اليمنية مخزوناً استراتيجياً كبيراً من النفط، إضافةً إلى إطلالتها على البحر العربي التي تؤهلها لأن تتمتع بموقع استراتيجي هام.
وتنقسم محافظة حضرموت إداريا إلى ثلاثين مديرية، قسمتها الأراضي الشاسعة بها إلى قسمين (حضرموت الساحل)، و (حضرموت الوادي والصحراء)، ويتكون ساحل وهضبة حضرموت من 12 مديرية تعتبر مسرحا للنفوذ الإماراتي منذ أبريل/نيسان 2016، عقب انسحاب مسلحي تنظيم القاعدة من مدينة المكلا عاصمة المحافظة والمديريات المجاورة لها، بعد أن ظل مسيطرا عليها لمدة عام واحد.
فيما تتكون مديريات حضرموت الوادي والصحراء من 18 مديرية وعاصمتها “سيؤون” التي تعد العاصمة الثانية للمحافظة ويسيطر على معظم مديريات الوادي والصحراء قوات موالية لدول العدوان السعودي وتظهر بهذه المديريات ما بين الحين والاخر عمليات لتنظيم القاعدة الذي يعلن مسؤوليته عنها تحت مبرر رفض القوات الأجنبية الأمريكية التي تنتشر في بعض ما يسمى بألوية حضرموت الوادي في إطار قواعد عسكرية تتبع تحالف دول العدوان السعودي – الإماراتي – الأمريكي على اليمن.
وتحتل محافظة حضرموت أهمية كبيرة، من كافة الجوانب والمجالات التنموية والاستراتيجية، حيث توجد فيها أغلب الشركات النفطية العاملة باليمن، ومطار الريان الدولي ومطار سيؤون الدولي وشريط ساحلي يضم مينائي المكلا والشحر فضلا عن ميناء الضبة النفطي، وشريط حدودي مع السعودية وما يسمى بألوية المنطقة الأولى والثانية
كما تمتلك مديريات المحافظة أيضا أهمية كبيرة زراعية واقتصادية وسياسية واستراتيجية، كل هذه المقومات الطبيعية والجغرافية والجيوسياسية والنفطية تجعل من “حضرموت” محطة يسيل لها لعاب دول العدوان على اليمن، أبرزها السعودية والإمارات، ومن ورائهما أميركا وبريطانيا، وحلفائهما الصهاينة، وهذا ما يفسر الحرب الباردة بين “الإمارات” و”السعودية” عبر خطواتهما المتوالية، وخاصة الزيارة الأخيرة لرشاد العليمي – رئيس ما يسمى بمجلس القيادة وهي الزيارة التي سبقتها – بحسب تقارير خارجية – زيارات لقيادات امريكية وبريطانية في مقدمتها السفير الأمريكي لليمن وقيادات وضباط امريكيين وبريطانيين.
وقريب من ذلك ترمي السعودية إلى تنفيذ مشروعها الكبير وحلمها القديم الجديد المتمثل بمد أنبوب لتصدير النفط عبر حضرموت الى البحر العربي بدلا من التصدير عبر البحر الأحمر وهو الأمر الذي إذا ما تحقق فسيوفر للسعودية مليارات الريالات سنويا، من جانبها تحرص دويلة العدوان الأخرى “الإمارات” لاستمرار وأد موانئ الشحر والمكلا والضبة على غرار وأد موانئ عدن والمخا وشقرة بهدف انعاش ميناء دبي على حساب ركود هذه الموانئ، بالإضافة إلى ذلك ثمة مطامع نشتركة لكلى دويلتي العدوان على اليمن (السعودية، والإمارات).
وعلى ضوء تلك المطامع والأجندات تتقاسم السعودية والإمارات النفوذ في محافظة حضرموت، بعد تكشف حقيقة أهداف التدخل في اليمن والعدوان عليه وما ترتب على هذا العدوان الغاشم من تجويع وحصار لليمنيين تسبب – بحسب تقارير أممية – بحدوث أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
ووفقا لما يتم الإعلان عنه وما كشفته مصادر إعلامية خارجية: فتارة يظهر الخلاف بين دول العدوان السعودية والإمارات على حضرموت وينكشف للعلن كما أعلن في مؤتمر ما يسمى بالانتقالي وقبائل حلف حضرموت وبقية الأدوات التابعة لكلى دويلتي العدوان( السعودية والإمارات)، وتارة يظل الأمر سرا في خلافهما ولكن تحدث تسريبات له كما حدث في الخلاف الأخير الذي اضطر رشاد العليمي – وفق تسريبات إعلامية – للذهاب وزيارة حضرموت بنفسه لمحاولة تقريب وجهات النظر بين دول العدوان في تقاسم كعكة “حضرموت”.
وجدير بالذكر ان الخلاف والسباق السعودي – الإماراتي على تقاسم “الكعكة” في اليمن لم يعد خافياً على المراقبين للمشهد السياسي اليمني، والذي تدرج بوضوحه للملأ بعد شهر واحد من انعقاد ما سُمي “اللقاء التشاوري” في عدن عندما أعلن من الرياض تشكيل ما سُمي “مجلس حضرموت الوطني” بهندسة سعودية واضحة.
وبعيداً من الصراع والسباق مع الإمارات، فإن السعودية وبحسب إعترافات مسؤولين سعوديين لديها نزعة توسعية تاريخية، ليس في اليمن فحسب، بل في كل الدول المحيطة بها أيضاً، وقد تأسست منذ اليوم الأول على هذه النزعة لتتحول من كيان زرعه المحتل البريطاني في نجد إلى أشبه بسرطان يتفشى على حساب إنهاك الاطراف الأخرى.
ويرى مراقبون أن الخصوصية الحدودية والجغرافية والتاريخية التي تربط حضرموت بالسعودية، بالإضافة إلى حسابات ومصالح الدويلتين ( الأمارات والسعودية) في حضرموت يجعل الأمر فيها مختلفا فيها عن المحافظات الأخرى التي احتلتها الامارات وبسطت نفوذها عليها بضوء أخضر من السعودية، على غرار ما حصل في عدن وسقطرى وابين وشبوة، ومن المرجح أن هناك سيناريو جديد قادم بحضرموت ربما يكشف عما تخطط له دويلتي العدوان قريبا.
ويجمع سياسيون وقيادات جنوبية، على وجود خلاف إماراتي سعودي يتنامى يوم بعد آخر في حضرموت شرقي اليمن، كما يجمعون أن تنامي هذا الخلاف بين دويلتي العدوان (السعودية، الإمارات) سيكون الصخرة التي تتكسر عليها مطامع المحتلين والغزاة، ذلك أن ابناء محافظة حضرموت بدأوا – وفق ما يؤكده سياسيون – يفطنون أكثر من اي وقت مضى لأجندات ومطامع دول العدوان التي اتضح مليا لأبناء المحافظات الجنوبية ولابناء حضرموت خاصة انها قدمت إلى اليمن لأجل مطامع وأجندات استعمارية بامتياز وليس كما ادعت دول العدوان تلك انها قدمت لأجل إعادة ما يسمى بالشرعية الزائفة أو لأجل رفاهية أبناء الشعب اليمني الذي بدأت المجاعة تتفشى فيه شيئا فشيئا.
ويرجح مهتمون بالشأن المحلي أن استمرار الصراع السعودي – الإماراتي على محافظة حضرموت وتفاقمه يفضح وبشكل اوضح المطامع السعودية – الإماراتية في اليمن وبالأخص في محافظة حضرموت وهو الأمر الذي إذا ما استمر في ظل تدهور الأوضاع وتدهور الإقتصاد سيعجل بزوال دول العدوان.