عطوان يشيد بالموقف اليمني ويهاجم الانظمة العربية المتعاونة مع الكيان
اشاد الكاتب الفلسطيني عبد الباري عطوان بالموقف اليمني الثابت الداعم والمساند لغزة ولمقاومتها الشجاعة واستهجن مسارعة بعض الانظمة العربية في تطوعها خدمة للكيان الصهيوني على حساب غزة وابنائها متجاهلين المأساة والجرائم والمجازر الصهيونية البشعة التي ارتكبت وترتكب كل يوم
وقال عطوان ..في الوقتِ الذي يدفعُ فيه الأشقّاء في اليمن ثمنًا باهظًا ماديًّا وبشريًّا من جرّاء الغارات الجويّة الأمريكيّة والبريطانيّة التي تستهدف العديد من مُدنهم وبُناهم التحتيّة، لإغلاقهم البحر الأحمر وباب المندب في وجْهِ السّفن الإسرائيليّة، تتطوّع دُول عربيّة مِثل الإمارات والأردن والمملكة العربيّة السعوديّة لتعويض الخسائر الإسرائيليّة النّاجمة عن هذا الإغلاق بفتحِ “ممرّ دبيّ حيفا” البرّي لإيصال كُل ما تحتاجه دولة الاحتِلال من أغذيةٍ طازجةٍ وبضائع إلكترونيّة أُخرى، وبأسعارٍ رخيصةٍ أقلّ من رُبعِ تكاليف نقلها عبر باب المندب وقناة السويس أو خليج العقبة.
بينما تلتزم الدّول التي يمرّ هذا الممر عبر أراضيها الصّمت المُطبِق، والبحث عن أعذارٍ وتبريراتٍ لهذه الخطوة التطبيعيّة المُهينة والخَطِرة، خاصّةً بسبب تزامُنها مع حرب الإبادة والتّطهير العِرقي في قطاع غزة، تنشر الصّحف وتبثّ القنوات التلفزيونيّة الإسرائيليّة العديد من التّقارير المُصوّرة التي ترصد مُرور مِئات الشّاحنات عبر هذا الخط، وتَرفُع الغِطاء عمّا يُحاولون إخفاءه عن شعوبهم
واضاف عطوان ..القناة 13 الإسرائيليّة أكّدت قبل عدّة أيّام أن مئات الشّاحنات المُحمّلة بالبضائع والأطعمة الطّازجة، تتوجّه من الإمارات عبر دولتيّ الممر (السعوديّة والأردن) إلى دولة الاحتِلال ومُستَهلكيها، في مُشاركةٍ فِعليّةٍ، مُباشرةٍ أو غير مُباشرة، مع حربِ الإبادة والتّدمير وسَفْكِ الدّماء في القطاع.
وتابع ..المُؤلِم أنّ شركتين، إحداهما إماراتيّة (بيور ترانز) وإسرائيليّة (تراكنت) هُما اللّتان تُشرفان على إدارة هذا الممر، وتوفير الاحتِياجات الطّارئة للعدوّ الإسرائيلي، في تَحَدٍّ واستِهتارٍ لدِماء وأرواح الشّهداء والأطفال والنّساء والمُسنّين في القطاع الذين يُدافعون عن كرامةِ هذه الأمّة وعقيدتها، والحِفاظ على هُويّة مُقدّساتها العربيّة والإسلاميّة في القدس المُحتلّة.
وانتقد الهرولة لتوفير وُصول البضائع والأغذية إلى المُستوطنين الإسرائيليين وجيشهم يُعتبر مُشاركة مُباشرة في حرب الإبادة والتّجويع في قطاع غزة والضفّة الغربيّة، تمامًا مثلما تفعل السّلطات المِصريّة بعدم فتحها معبر رفح بالقُوّة، والسّماح بدُخول المُساعدات الإنسانيّة للقطاع، وفرض ضريبة تصل إلى خمسة آلاف دولار على كُلّ شاحنة، وتُفيد التّقارير الإخباريّة بوجود أكثر من ألفين وخمسمائة شاحنة تقف في طابورٍ طويل يمتدّ من العريش إلى معبر رفح (40 كيلومترًا).
وقال ..كُنّا نتوقّع أن تُعامل الحُكومات العربيّة المُتورّطة في هذه الجريمة دولة الاحتِلال بالمِثل، أي إغلاق كُل المعابر المُؤدّية إليها، أيّ المُقاطعة الكاملة، ناهِيك عن قطع العلاقات، وإغلاق سفارات دولة الاحتِلال على أراضيها، تضامُنًا مع أهلنا في الضفّة والقطاع، وأن يربطوا على الأقل مُرور الشّاحنات عبر هذا الممر (دبي ـ حيفا) بشُروطِ رفع الحِصار وتدفّق المُساعدات لأكثر من مِليونيّ ونِصف المِليون إنسان عربي ومُسلم، ولكنّنا كُنّا مُخطِئين في هذا الاعتِقاد، فإذا كانَ استِشهاد أكثر من 30 ألفًا (ما زال الآلاف منهم تحت الرّكام) وإصابة حواليّ 70 ألفًا آخَرين، ودمار 86 بالمِئة من منازلِ غزة، لا يُحَرّك مشاعر أو ضمائر هذه الحُكومات، فماذا يُحرّكها؟
واختتم ..لا نُطالب الأردن، والإمارات، والسعوديّة، بوقفةِ عِزٍّ على غِرارِ أهلنا في اليمن، والتصدّي للسّفن الحربيّة الأمريكيّة والبريطانيّة التي تُحاول كسْر الحِصار على الكيان الإسرائيلي، وعدم المُطالبة هُنا يعود إلى معرفتنا بأنّها لن تستمع وستُغلِق آذانها، وإنّما نُطالبها بالاستِماع إلى شُعوبها التي تعيش حالةً من الغليان بسبب هذا “العجز” المُصطَنَع، وأن تحذو حذو دُول غير عربيّة، وغير إسلاميّة، مِثل جنوب إفريقيا، وبوليفيا، وتشيلي، وكولومبيا، وتقطع العلاقات كُلِّيًّا مع دولة الاحتِلال لا أن تَمُدّ لها حبْلَ الإنقاذ.