أمريكا والبحر الأحمر.. اهتمام كبير يكشف لليمنيين أهمية هذا الممر المائي
عرب جورنال –
قد لا تجد الدعوة الأمريكية إلى تشكيل تحالف عسكري في البحر الأحمر تجاوبا دوليا يلبي تطلعات واشنطن، لكنَّها كشفت لليمنيين أهمية هذه الورقة. تسعى الولايات المتحدة، منذ أيام، إلى تشكيل تحالف بحري لحماية سفن إسرائيل من الهجمات اليمنية، لكنَّ كثيرا من الدول اعتذرت عن المشاركة. يجد المتتبع لما تنشره وسائل الإعلام الأمريكية والبريطانية، أن ملف البحر الأحمر طغى على مواضيعها الرئيسية. هذا الاهتمام المتزايد، لا يعكس الحرص على مصالح إسرائيل الاقتصادية فقط، وإنما أيضا الحرص على عدم امتلاك دولة مستقلة عن الوصاية الأمريكية لهذه الورقة أو لهذا الممر.
صحيح أن حماية إسرائيل أو سفنها من الهجمات اليمنية هو الهدف الرئيسي الآني، إلا أن الهدف على المدى الطويل هو التحكم بهذا الممر والسيطرة عليه. لكن الدعوة إلى تشكيل تحالف بحري لم تحظ بتجاوب كبير، خصوصا من قبل الدول العربية التي كان يتوقع منها المشاركة، مثل مصر والسعودية. يمكن القول إن اعتذار الأخيرة عن المشاركة عائدٌ إلى تجربتها في الحرب على اليمن طوال الأعوام الماضية، وأنها تحاول الخروج من مأزقها وليس الدخول في مأزق جديد أكثر تعقيدا وصعوبة. بدورها رفضت جمهورية مصر العربية المشاركة في هذا التحالف، رغم التعويل الكبير عليها من قبل الولايات المتحدة. وبالنسبة إلى الدول العربية التي كانت مترددة أو قريبة من الموافقة على المشاركة، فقد أجبرتها رسائل صنعاء على العودة إلى الجادة.
ومن هنا يمكن القول إن “أغلبية المشاركين في التحالف من دول غربية، إضافة إلى البحرين التي لها نهج مختلف في التعامل مع احتلال غزة”.
وبالنسبة إلى الخطوة القادمة للولايات المتحدة فيما يتعلق بالبحر الأحمر، يذهب بعض الخبراء في الشأن الإقليمي، إلى أن “واشنطن لم تشارك في صراعات اليمن من قبل، ولن تتجه إلى جبهة مختلفة وغامضة، حيث من المستبعد جدا أن يحظى ذلك بدعم الجهات الإقليمية والدولية الفاعلة”.
حتى وإن حظي التوجه الأمريكي بدعم إقليمي، فلن يكون قادرا على منع العمليات التي تستهدف السفن الإسرائيلية، كما أن المشاركين سيعرضون مصالحهم للخطر. بمعنى أن قدرة التحالف على التدخل في هذا الملف اليمني ومنع صنعاء من تنفيذ هجمات في البحر الأحمر محدودة للغاية.
من كل ما تقدم تظهر أهمية سيادة اليمن على باب المندب في البحر الأحمر، وهو ممر مائي أساسي للاقتصاد العالمي، تمر عبره حوالي ١٥٪ من خطوط التجارة الدولية أو أكثر. تجدر الإشارة إلى أنه لم يسبق أن تم فرض السيادة اليمنية على هذا المرر بهذا الشكل أو بأي شكل قريب.
وكما هو معلوم فإن مضيق باب المندب المرتبة الثالثة عالمياً بعد مضيقي ملقا وهرمز، حيث يمر عبره يومياً (3.3) مليون برميل نفط، وتمثل (4%) من الطلب العالمي على النفط.
إلى جانب ذلك، ترتبط حركة التجارة العالمية ارتباطًا قويًا باستقرار مضيق باب المندب والبحر الأحمر، حيث تمر عبره (21) ألف سفينة سنوياً أي ما يعادل (10%) من الشحنات والبضائع البحرية العالمية ، بما في ذلك معظم أنشطة التبادل التجاري بين آسيا وأوروبا.
علاوة على ذلك، يعبر المضيق شحنات تقدر بنحو (700) مليار دولار أمريكي سنويًا من حجم التجارة في طريقها إلى قناة السويس ومن ثم إلى البحر الأبيض المتوسط. كما يمر (1.5) مليون برميل من النفط الخام يوميًا عبر الممرات المائية الاستراتيجية، حيث يتم تصدير ما يقرب من (10%) من إجمالي النفط الخام السعودي إلى أوروبا عبر هذا الممر المائي.
لهذا، وجدنا الاهتمام الغربي، والأمريكي بشكل أخص، على هذا النحو بالبحر الأحمر.
– الكاتب عبدالرزاق علي