3000 يوم من جرائم الاحتلال في المحافظات الجنوبية
٣٠٠٠ يوم من عمر العدوان والحصار السعودي الأمريكي أصبحت في عداد الماضي، ولكن تداعياتها الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والأمنية والسياسية في المحافظات الجنوبية المحتلة لا تزال حاضرة على كافة المستويات، ومن الصعب تجاوز هذه التداعيات التي عمدت دول العدوان والاحتلال على تغذيتها بهدف تنفيذ أجنداتها الاستعمارية ومطامعها في المحافظات النفطية والسواحل الشرقية وجزيرة سقطرى خاصة في ظل التحركات الأمريكية والبريطانية لإنشاء قواعد عسكرية في سواحل محافظتي حضرموت وشبوة تحت ذريعة مكافحة الإرهاب ومكافحة القرصنة البحرية، وعلى الرغم من أن المحافظات الجنوبية لم تكن في إطار الصراعات إلا أنها تحولت إلى ساحة حرب مفتوحة تصادمت فيها مصالح وأجندات دول الاحتلال، فأمعن المحتل في تدمير المقدرات الوطنية من موانئ ومصاف ومطارات ومنافذ برية وخدمات كالكهرباء والتعليم والاتصالات والصحة، وحتى الطرقات العامة لم تسلم من أذى المحتلين والغزاة وأدواتهم المحلية العميلة التي تحولت إلى معاول هدم يستخدمها المحتل وفقاً لمخططه الإجرامي.
واليمن اليوم يدخل العام التاسع من الصمود والثبات في وجه الغزاة والمحتلين، ويتجاوز ٣٠٠٠ يوم من العدوان السعودي الأمريكي والحصار، فإن الوقائع التي جرت خلال هذه الفترة التي تمكن الشعب اليمني في المحافظات الحرة إلى جانب القيادة الثورية والسياسية أن يواجه الحرب الكونية التي فرضت عليه، وبفصل الله غير كل المعادلات العسكرية في مختلف جبهات الغزة والشرف والبطولة، إلا أن الوضع الذي فرضه المحتل الأجنبي في المحافظات الجنوبية المحتلة التي يواجه سكانها منذ سنوات ممارسات المحتل الانتهازية ويعاني من غياب الدولة وعبث الغزاة وأدواتهم من المليشيات المتعددة الولاءات، وحكومة العمالة والارتزاق التي تنصلت عن القيام بأي التزامات تجاه المواطنين، وكرست نفسها لخدمة المحتل وتنفيذ أجندته وعملت على توفير الغطاء لتحركات الغزاة وتغطية جرائمهم بحق إخواننا المواطنين في المحافظات الجنوبية، فعلى مدى ٣٠٠٠ يوم ارتكب الغزاة والمحتلون الآلاف من الجرائم والانتهاكات التي يندى لها الجبين، فداهمت منازل الآمنين واختطفت المدنيين واخفت المئات منهم قسرياً، ومارست مختلف أشكال التعذيب النفسي والجسدي بحق المعتقلين في سجون الاحتلال السرية التي تجاوز عددها خلال العام ٢٠١٩، نحو٢٥سجناً ومعتقلاً سرياً منها ١١ سجناً سرياً في مدينة عدن، وتحولت مطارات الريان في حضرموت والغيظة في المهرة وميناء بلحاف النفطي في شبوة إلى سجون سرية تدار من قبل عناصر الاحتلال الإماراتي .
الرصيد الأسود للاحتلال والعدوان في المحافظات الجنوبية لم يتوقف عند ذلك الحد من ارتكاب الجرائم الجسيمة بحق المواطنين العزل في تلك المحافظات، بل عمدت دول الاحتلال السعودي – الإماراتي في الجنوب إلى تصفية كل القيادات التي رفضت الارتماء في أحضان المحتل من قيادات دينية وعسكرية وسياسية وتربوية، فاستعانت بشركات إجرامية صهيونية لتصفية خصومها المفترضين من الدعاة والخطباء ورجال الدين لتغتال أكثر من ٢٥ إماماً وخطيباً في مدينة عدن ومدن أخرى في المحافظات الجنوبية، واختطفت العشرات من الناشطين في مجال حقوق الإنسان، واستخدمت سياسة الرعب والترهيب وتكميم الأفواه في مختلف المحافظات الجنوبية خلال السنوات الماضية، وعمقت الفرقة والانقسام في أوساط المجتمع من خلال تغذية الصراعات السياسية والقبلية والمناطقية والطائفية، فعمدت على ملشنة الجنوب وأنشئت عدد كبير من المليشيات على أسس مناطقية وطائفية، مستغلة الاحتقانات التي خلفتها الحروب والصراعات السياسية قبل إعادة تحقيق الوحدة ووظفت تداعيات حرب صيف ١٩٩٤، لحرف مسار الحراك الجنوبي من مساره السلمي الحقوقي إلى مسار مليشياوي لا علاقة له بدالة القضية الجنوبية، وعملت على توفير غطاء أمن لنشاط التنظيمات الإرهابية في محافظات شبوة وحضرموت وأبين، وقدمت الدعم اللوجيستي والمالي والعسكري لكل التنظيمات الإجرامية ووسعت من نطاق انتشارها كونها أداة استخباراتية أمريكية سعودية تعمل على توفير غطاء للوجود العسكري الأجنبي في المحافظات الجنوبية .
المحتل اتخذ من مركز الفيوش الوهابي في محافظة لحج، منطلق لاستقطاب المليشيات العقائدية، إلا أن العدو عمل على إنشاء عدد من المراكز الوهابية السلفية في عدد من المحافظات في إطار مخطط تفخيخ المحافظات الجنوبية بالآلاف من العناصر الوهابية والتي استخدمها في تنفيذ أعمال إجرامية طائفية ولا يزال يعد المزيد من تلك العناصر في المراكز التي مول إنشاءها في لحج وأبين وحضرموت والضالع وذلك في إطار مخطط العدو لتفجير حرب طائفية مستقبلاً. بعد ٣٠٠٠ يوم من الاحتلال في المحافظات الجنوبية تغير انطباع المواطن عن السعودية والإمارات التي قدمت نفسها بأن دخولها عدن منتصف ٢٠١٥، كدول منقذة ووعدت المواطنين بتحسين الخدمات وتقديم المساعدات وتحويل مدينة عدن إلى دبي أخرى في المنطقة، وبالعكس من ذلك دمرت الإمارات وأدواتها من العملاء والمرتزقة ميناء عدن لصالح موانئها، وأخضعت موانئ بلحاف الغازي في شبوة والضبة والشحر في سواحل حضرموت والمخا في الساحل الغربي وميناء سقطرى لسيطرتها وأتاحت هامشاً ضيقاً للحركة التجارية في موانئ المعلا في عدن وميناء المكلا، فيما سيطرت السعودية على ميناء نشطون في المهرة وحولته إلى ميناء عسكري منتصف العام 2020، ولم ينته مسلسل تدمير تحالف العدوان لمقدرات اليمن هنا، بل استنزاف الثروتين النفطية والسمكية وقام بتجريف 12 قطاعاً نفطياً إنتاجياً بمشاركة حزب الإصلاح وخلال الثماني سنوات الماضية تم مصادرة 190 مليون برميل نفط بقيمة تقدر بنحو 14 مليار دولار، خلافاً لعملية النهب التي قامت بها شركات إماراتية لمعدن الذهب من مناجم وادي حضرموت، وبالمثل تقاسمت دول الاحتلال جريمة استنزاف الثروة السمكية وحولت معظم السواحل اليمنية إلى مناطق عسكرية منعت الصيادين اليمنيين من الاقتراب منها، يضاف إلى قيام سفن سعودية وإماراتية بالاصطياد الآلي وجرف كميات كبيرة من الأسماك من سواحل المخا وباب المندب مروراً بالمضاربة ورأس عمران وسواحل أبين وشبوة وحضرموت والمهرة وحتى سقطرى، وفوق تلك الجريمة تقف دول العدوان في رمي نفايات سامة في السواحل اليمنية أدت خلال السنوات الماضية إلى نفوق كميات ضخمة من الأسماك والأحياء البحرية في سواحل المحافظات الجنوبية المحتلة .
كل تلك الجرائم والانتهاكات أصبحت مرصودة من قبل أحرار المحافظات الجنوبية الذين يقفون اليوم إلى جانب قيادة الثورة لاستكمال معركة التحرر والاستقلال..