الحكومة الشاملة في أفغانستان؛ ماذا تعني بالنسبة لطالبان والمجتمع الدولي؟
Share
إن تشكيل حكومة شاملة ذات قاعدة عريضة في أفغانستان منذ هيمنة مجموعة طالبان عليها، تحول إلى واحد من أهم شروط دول العالم وجيران أفغانستان للاعتراف رسميا بنظام حكم هذه المجموعة.
ويمر قرابة عامان على استيلاء مجموعة طالبان على أفغانستان، غير أن طالبان لم تتخذ لحد الان أي إجراء لتشيكل هكذا حكومة فحسب بل تزعم أن نظام حكمها هو الحكومة الشاملة بعينها. وعلى الرغم من أن عددا من الدول أخذ يتعاطى مع طالبان، لكن أي دول لم تقدم على الاعتراف رسميا بهذه المجموعة كحكومة.
لكن القضية الرئيسية تكمن في تعريف الحكومة الشاملة من وجهة نظر الأسرة الدولية ومجموعة طالبان، بحيث أن النظرة المختلفة إلى هذا الموضوع دفعت بقادة دول العالم للتأكيد على بناء حكومة شاملة في إفغانستان بينما طالبان تزعم في كل مرة أنها هي الحكومة الشاملة المنشودة.
أين يكمن اختلاف الرؤى؟
وكان وزير الخارجية الايراني حسين أمير عبد اللهيان قد قال في الآونة الأخيرة أن ايران “مستاءة” من عدم تشكيل حكومة شاملة في أفغانستان.
مضيفا “أننا لم نعترف بالهيئة الحاكمة الحالية [مجموعة طالبان] في أفغانستان وقلنا صراحة أن شرط ذلك هو تشكيل حكوة شاملة تضم كافة الإثنيات الأفغانية.”
أما رئيس وزراء طالبان بالإنابة مولوي عبد الكبير فقد زعم في اجتماع في كابل أنهم شكلوا “حكومة ذات قاعدة عريضة” أي أن حكومتهم شاملة.
وقال: “انظروا، إن كان عبد الرشيد دوستم في النظام السابق، فهناك عبد السلام حنفي حل محل دوستم في النظام الحالي. وإن كان الحديث يدور حول أن كل إثنية وعرقية يجب أن يكون لديها ممثلا في الحكومة، فعبد السلام حنفي حل محل دوستم… وعندما كان صلاح الدين رباني في الحكومة السابقة من بدخشان، فتلك الحكومة كانت شاملة، لكن الان حيث يوجد قاري فصيح الدين فطرت، فالحكومة غير شاملة. أيهما كان منصبه أرفع، صلاح الدين رباني أم قاري فصيح الدين. أو أن أحمد مسعود أو شخص اخر في الحكومة السابقة كانوا من بنجشير، كانت تلك الحكومة شاملة، لكن أن يكون نور الدين عزيزي من بنجشير وزير تجارتنا فهذه الحكومةغير شاملة؟”
ويرى محللون أن هذه المزاعم تُظهر أن طالبان، تعتبر أعضاءها ممثلين للإثنيات والعرقيات في أفغانستان، في حين أن الشعب الافغاني وبلدان الجوار والأسرة الدولية، لا يعترفون بهم كممثل رسمي للشعب الأفغاني.
ففي الأمثلة التي أوردها رئيس وزراء طالبان بالإنابة، فان عبد السلام حنفي هو من الإثنية الأوزبكية وقاري فصيح الدين فطرت ومولوي نور الدين عزيزي من الإثنية الطاجيكية. وهؤلاء الأشخاص ينتمون لسنوات لمجموعة طالبان ومتهمون بالقيام بأنواع “الأنشطة الإرهابية” ولا يتمتعون بقاعدة اجتماعية بين الجماهير.
تكرار النظرة الرمزية للإثنيات
إن الشعب الأفغاني وبلدان الجوار والمجتمع الدولي، يطالبون بالمشاركة ذات المغزى للإثنيات والعرقيات الأفغانية المختلفة في السلطة. بيد أن ما تصرح به سلطات طالبان يظهر أن هذه المجموعة تنظر بنظرة رمزية إلى مشاركة الإثنيات في نظام الحكم وترى أن حصة كل من هذه الإثنيات يشبه ما كان حصل في النظام السابق والحكام البشتون الذين حكموا البلاد.
إن ما يزيد عن 99 بالمائة من أعضاء حكم طالبان وكبار مسؤوليها، هم من العرقية البشتونية، وأقل من واحد بالمائة من العرقيات الأخرى، منخرطون في نظام الحكم، وهم أشخاص حاربوا إلى جانب هذه المجموعة لسنوات وهم حسب رأي الجماهير “شركاء في جرائم” هذه المجموعة.
ويرى الشعب الأفغاني أن هذا النوع من الرؤية مؤشر على أن طالبان مثلها مثل العديد ممن حكموا أفغانستان فيما مضى، بصدد استمرار استئثارها بالسلطة الإثنية في البلاد والحفاظ على تشبثها بالحكم.
وعبر المواطنون الأفغان مرارا عن اعتقادهم بان طالبان لا تمثل حتى عرقية البشتون بالكامل، ناهيك عن العدد المحدود جدا من أعضائها من العرقيات غير البشتونية، كيف يريدون تمثيل سائر العرقيات الأفغانية.
ويرون أن طالبان هي “مجموعة تعمل بالوكالة” و “إرهابية”، “اغتصبت السلطة” عن طريق صفقة مع أمريكا وقتل الناس، وباتت اليوم مالكة رقاب الجماهير.
إن الحكومة الشاملة في منظور الشعب الأفغاني هي تلك الحكومة المنبثقة عن انتخابات شفافة وعادلة وديمقراطية وشرعية يشارك فيها الناس بحرية ونزاهة، وأن يقوم رئيس الحكومة بتعيين نواب المجلس الوطني والمجالس المحلية.
وإضافة إلى ذلك، فان الشعب يطالب بان تكون للعرقيات حصة ومشاركة ذات مغزى عن طريق الآليات القانونية المقبولة من لدن المجتمع الدولي، لا أن يكون بوسع شخص ما تمثيل عرقية ما لمجرد انتمائه لمجموعة ويقاتل من أجلها.