تمثل حوادث السير ثالث أكبر أسباب الموت في إيران بعد الأمراض القلبية ومرض السرطان، لكنها الأكثر إثارة للرأي العام بسبب تداعياتها الاجتماعية والاقتصادية، والمشاهد المروعة التي تخلفها في الأذهان. وفقدت مئات من الأسر الإيرانية أفراداً خلال رحلات عطلات النوروز الأخيرة، التي سُجلت فيها 871 وفاة.
وقال نائب قائد شرطة المرور، العميد تيمور حسيني، إن هؤلاء الضحايا فقدوا أرواحهم في 85 ألف حادث مروري رغم تنظيم الشرطة سنوياً “خطة النوروز المرورية” للتقليل من الحوادث، مضيفاً أن شرطة المرور سجلت نحو 513 مليون رحلة خلال فترة النوروز.
وتراجعت أرقام ضحايا حوادث النوروز هذا العام مقارنة مع العام الماضي، الذي سُجلت فيه أكثر من 1100 وفاة، ويعود السبب، حسب سلطات المرور، إلى تحديد نقاط الحوادث، وفرض قيود صارمة فيها على مدار نحو 3 أسابيع.
وحسب البيانات الرسمية، تشهد الشوارع الإيرانية سنوياً 800 ألف حادث مروري، بمعدل حادث كل دقيقة تقريباً، تخلف قرابة 18 ألف وفاة، بمعدل يومي يصل إلى نحو 50 قتيلاً، كما تخلف نحو 370 ألف إصابة سنوياً، بمعدل يومي يصل إلى ألف إصابة، من بينها 60 ألف إعاقة دائمة، بحسب منظمة الإسعاف.
ويعتبر مراقبون أن حوادث المرور أشبه بحرب متواصلة، إذ فاق عدد ضحاياها 250 ألف وفاة في الفترة من 1997 إلى 2005، في حين أن ضحايا الحرب الإيرانية العراقية من الإيرانيين لم يتجاوز 219 ألفاً فقط.
كان الطفل أرشيا (7 سنوات) يسافر برفقة والديه في ثالث أيام عطلة النوروز (23 مارس/آذار) إلى مناطق شمالي البلاد التي يقصدها الإيرانيون في العطلات، وعلى طريق “هراز” الجبلي الوعر، اصطدمت سيارة بسيارتهم، وتسبب الحادث في وفاة والديه، في حين أغمي عليه عدة ساعات، لكنه نجا من موت محقق.
يقول عمه رضا، إن سيارته كانت تبعد عن سيارة شقيقه بنحو خمسين متراً، وكانت تفصل بينهما سيارة واحدة. “انتبهنا فجأة إلى سيارة تنحرف من الاتجاه الآخر باتجاه سيارة شقيقي وتصطدم بها. فقد شقيقي السيطرة على سيارته، فانقلبت عدة مرات بركابها الثلاثة، وراح شقيقي وزوجته ضحية الحادث، ونجا أرشيا. سبب انحراف السيارة من الاتجاه المعاكس يعود لمطالعة سائقها جواله أثناء القيادة، ما تسبّب في هذه الكارثة لأسرتنا”.
وعلى خلفية انتقادات لاستمرار مسلسل الموت على الطرقات، وعد رئيس شرطة المرور الإيرانية، العميد كمال هاديان فر، بالسعي إلى خفض عدد الضحايا، مشيراً إلى أن “مسؤولية الحد من الحوادث لا تقع على عاتق شرطة المرور وحدها، وعلى مختلف الأجهزة والجهات، مثل الهلال الأحمر والإسعاف والمستشفيات وشركات السيارات والإعلام، المساهمة في هذا. شركات التأمين، كمثال، تتحمل خسائر سنوية بسبب الحوادث بقيمة أكثر من 35 ألف مليار تومان (نحو مليار دولار) لكنها غير مستعدة لاستثمار ثلث هذا الرقم في دعم الأجهزة التي تساهم في خفض حوادث المرور”.
وتقع نحو 60 في المائة من حوادث السير في إيران على مقربة من المدن الكبرى، حسب رئيس شرطة المرور، الذي أكد أنه “تقرر أن تتولى السلطات المحلية للمدن إنشاء محطات استراحة بالقرب منها، وذلك سيساهم في خفض عدد الحوادث”.
ورصد تقرير رسمي ثلاثة أسباب رئيسية باعتبارها أبرز أسباب حوادث السير، الأول يدور حول سوء القيادة وارتكاب السائق مخالفات مرورية، وتعزو إليه السلطات 82 في المائة من الحوادث، والثاني هو سوء أوضاع الطرق، وتشير شرطة المرور إلى 5200 نقطة مرورية خطرة، من بينها نحو 1500 نقطة تعتبر من بين الأكثر خطورة، والسبب الثالث هو الجودة المتدنية للسيارات، ويرى خبراء أن زيادة مستوى الأمان في السيارات من شأنه أن يقلل خسائر الحوادث إلى النصف.
وبالتزامن مع التأثيرات السلبية للعقوبات الأميركية على قطاع النقل الإيراني، زادت خلال السنوات الأخيرة شكاوى الإيرانيين من جودة السيارات المصنّعة محلياً، ما جعل مدير شرطة المرور يوجه انتقادات مستمرة لشركات صناعة السيارات المحلية التي ترعاها الحكومة، مؤكداً أن سياراتها لا تراعي معايير السلامة والأمان.
وتحتل إيران المرتبة السابعة في قائمة أكثر الدول بعدد الوفيات في الحوادث المرورية نسبة إلى عدد السكان، بحسب منظمة الصحة العالمية، وتتكبد خسائر تقدر بنحو 3 مليارات دولار أميركي سنوياً، وتراجع عدد الحوادث خلال سنوات ماضية إلى أقل من 16 ألفاً، قبل أن يصل إلى نحو 20 ألف حادث خلال العام الماضي.