أثار التصعيد الكلامي بين مسؤولي الحكومة الايرانية ومجموعة طالبان بشأن الحصة المائية لايران من نهر هيرمند بافغانستان، سلسلة من ردود الأفعال في البلدين.
ودعت السلطات الايرانية إلى أن يقوم فريق فني ايراني بتفقد سد كجكي المقام على نهر هيرمند في أفغانستان. وتنص المعاهدة المبرمة بين ايران وأفغانستان عام 1972 على أن يقوم البلدان بوضع نتائج مقياس كمية مياه النهر بتصرف البلد الاخر.
ويرى مراقبون أفغان أن مجموعة طالبان هي المستفيد إعلاميا من تصاعد التوتر مع ايران، لانها تقوم بتعبئة الرأي العام الأفغاني لصالحها.
وكان الرئيس الايراني إبراهيم رئيسي قد اتهم خلال زيارته لمحافظة سيستان وبلوجستان الايرانية (جنوبي شرق البلاد) يوم 18 أيار/مايو، مجموعة طالبان بنقض التزاماتها بشأن الحصة المائية لايران من نهر هيرمند. أما طالبان وردا على ذلك دعت المسؤولين الايرانيين لطرح مطالبهم بما أسمته “لغة ملائمة”.
وقد انعكست ردود أفعال وتعقيبات ووجهات نظر الطرفين في وسائل الإعلام الايرانية والأفغانية على نطاق واسع.
ردود أفعال المواطنين والمسؤولين الأفغان السابقين
وقال رحمت الله نبيل الرئيس العام للأمن الوطني بالحكومة الأفغانية السابقة في تغريدة على “تويتر” إن التهديدات الايرانية لأفغانستان تأتي للاستهلاك المحلي” حسب تعبيره موضحا ان ايران لن تدخل في هذه المرحلة في مواجهة مع طالبان. فضلا عن أن طالبان ستكون بصدد الإفادة داخليا من هذا الموضوع.
وقالت ثريا عزيزي وهي دبلوماسية أفغانية سابقة في سويسرا تعقيبا على تصريحات نائب ايراني طالب فيها بطرد المهاجرين الأفغان من ايران: “إن طرد المهاجرين، لن يمارس الضغط على طالبان إطلاقا. لان الشعب لا قيمة له في قاموس طالبان. إن طالبان لا تمثل الشعب ولا أفغانستان. أنتم طرفا مع مجموعة لا أكثر.”
ورأى قباد زارع وهو مواطن أفغاني ناشط على مواقع التواصل الاجتماعي: “مع احتدام النقاش حول الحصة المائية لايران، فان الامريكيين سيزيدون من دعمهم لطالبان. كما أن ايران ستستخدم نفوذها في أفغانستان لممارسة الضغط على طالبان. وسيدخل الوضع العسكري في أفغانستان، مرحلة جديدة. إن استمرار الدعم والمساعدات الأمريكية لطالبان، جسيمة ولا يمكن هضمها. إن طالبان تحولت إلى رمز معقد متداخل مع الدولارات الأمريكية، الدولارات التي ستدفع كل من ايران وروسيا والصين إلى اتخاذ موقف.”
ردود أفعال وسائل الإعلام الايرانية
أما وكالة أنباء “تسنيم” الايرانية فقد حملت شاه ايران السابق “المسؤولية الرئيسية فيما يخص نهر هيرمند.
ودعت صحيفة جمهوري إسلامي “الجمهورية الاسلامية” الايرانية في عددها ليوم 21 أيار/مايو الحكومة الايرانية لاستعادة السفارة الأفغانية في طهران من أيدي طالبان وقالت إن طالبان تريد توريط ايران في الحرب.
وأضافت الصحيفة: “إن زعزعة الأمن في المنطقة لا سيما إقحام الجمهورية الاسلامية الايرانية في مواجهة عسكرية، هي مهمة أخذتها مجموعة طالبان الإرهابية على عاتقها بالنيابة عن أمريكا.”
ردود أفعال المسؤولين الايرانيين
وفي هذا السياق عبر كبار المسؤولين الايرانيين عن مواقفهم من هذا الموضوع. وقال رئيس البرلمان الايراني محمد باقر قاليباف إنه لا يوجد أي “إغماض” بشأن الحصة المائية لايران من نهر هيرمند. وطالب طالبان بتزويد ايران بحصتها المائية من هذا النهر والحد من اندلاع “مشكلة جادة” في علاقات البلدين.
أما مولوي عبد الحميد رجل الدين السني بمدينة زاهدان مركز محافظة سيستان وبلوجستان الايرانية فقد قال في خطبة صلاة الجمعة: “إن أهالي سيستان يعانون من ضائقة. إن لم تكن هناك مياه، فان سيستان ستكون غير قابلة للعيش”. ودعا الى تسوية القضية عن طريق المحادثات.
ودعا محمد سركزي ممثل أهالي زابل بمجلس الشورى الاسلامي (البرلمان) في ايران إلى الضغط على طالبان بشأن مياه نهر هيرمند وقال إنه يجب طرد المهاجرين الأفغان من ايران، موضحا أن أكثر من سبعة ملايين مهاجر أفغاني يعيشون في ايران.
ومن جانبها، اتهمت وزارة الخارجية الايرانية في بيان طالبان بانتهاك الالتزامات ووصفت تصريحات طالبان بهذا الخصوص بانها “متناقضة وغير صحيحة”. ودعت إلى أن يقوم خبراء ايرانيون بتفقد سد كجكي المُقام على هيرمند.
وفي ضوء هذه التوترات والمشاحنات، زار وفد ايران برئاسة بهرام حسيني مطلق مساعد هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الايرانية، كابل والتقى خلالها مسؤولي وزارة دفاع طالبان لبحث “تعزيز التعاون الحدودي بين البلدين.”
ودعت وزارة الخارجية الايرانية في بيانات عديدة لها إلى تطبيق معاهدة مياه نهر هيرمند. واستندت الوزارة إلى المادة الخامسة من المعاهدة المبرمة بين ايران وأفغانستان لتطالب بإجراء فريق فني ايران دراسة لسد كجكي.
وجاء في المادة الخامسة من المعاهدة أن أفغانستان توافق على ألا تتخذ إجراء يحرم ايران من حصتها المائية من هيرمند (هلمند) جزئيا أو كليا وذلك وفقا لما ورد في المواد 2 و 3 و 4 من هذه المعاهدة.
وتتضمن المعاهدة مادة تنص على تسوية الخلافات بين الطرفين عن طريق المحادثات الدبلوماسية أو “المساعي الحميدة”. وتنص المادة التاسعة من المعاهدة على أنه في حالة لم يتمكن الطرفان من تسوية خلافاتهما عن طريق الحوار، فان الخلاف يتم إحالته إلى التحكيم وفقا للبروتوكول رقم 2 الملحق بهذه المعاهدة.