نصف إنسان ونصف آلة.. “السايبورغ” يتجول قريبا بين البشر
Share
كثيرة هي الأفكار التي بدت بعيدة عن الواقع في أفلام الخيال العلمي، قبل أن تصبح حقيقة، ومنها “السايبورغ”، ذلك الكائن الأسطوري الذي نصفه إنسان والنصف الآخر آلة. ويرجح مختصون انتشاره بيننا خلال العقدين القادمين.
ويعرض خبيران في تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي لموقع “سكاي نيوز عربية”، مراحل تحول فكرة “سايبورغ” إلى واقع، وما إن كان هذا سيعود بالنفع على البشرية أم سيمثل تهديدا لها.
حلم القدرات الخارقة
مصطلح “سايبورغ” يشير إلى كائن نصفه بشري ونصفه الآخر “آلي”، ويتكون من مزيج من مكونات عضوية، وأخرى حيوية، وثالثة إلكترونية وميكانيكية.
يشير خبير تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي، أنس النجداوي، إلى الشركة الأبرز في صنع هذا المزيج، وهي “نيورالينك” للتكنولوجيا العصبية التي أسسها الملياردير الأميركي، إيلون ماسك.
تعمل الشركة بالفعل على تطوير الواجهات الحوسبية الداعمة للعقل البشري، وربط الإنسان بالآلة، وهدف مشروعاتها زيادة قدرات البشر في الرؤية والإدراك والتعلم لمستويات “خارقة”.
السايبورغ “موجود بيننا”
في تقدير خبير تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي، سلوم الدحداح، فإن التداخل الذي يصل لحد “الاندماج” بين الإنسان والآلة قد حدث بالفعل، وهناك “سايبورغ” عاشوا وما زالوا يعيشون بيننا.
يرجع الدحداح ذلك إلى استخدام العلماء لـ”الروبوتات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي” لتعويض بعض أجزاء من الجسم فقدها البشر، معطيا أمثلة:
استخدام عيون اصطناعية تعويضية لفاقدي البصر تعتمد على برمجيات روبوتات.
استخدام أطراف اصطناعية تشبه الروبوتات لتعويض الأطراف الطبيعية.
أول “سايبورغ في العالم”
أبرز تجسيد لفكرة الـ”سايبورغ”، هو العالم البريطاني، بيتر سكوت مورغان، المتوفي في 2022، عن عمر 64 عاما، بعد معركة استمرت 5 سنوات مع مرض عصبي نادر.
يتتبع الدحداح عملية تحوله، بالقول:
في 2017، أصيب العالم البريطاني المتخصص في الروبوتات، بمرض “العصبون الحركي”، وكان أمامه عامان فقط للعيش.
خضع لسلسلة عمليات معقدة، بما في ذلك إدخال أنبوب تغذية مباشرة في بطنه، وقسطرة في المثانة، وغيرها من الإجراءات التي تساعده على الاستمرار في الحياة دون مضاعفات ناجمة عن مرضه العضال.
أجرى عملية استئصال الحنجرة لفصل المريء والقصبة الهوائية لتقليل خطر إصابته بالتهاب رئوي مميت، ولم يستطع التحدث بعدها.
قبل أن يخضع لعملية جراحية، سجل بيتر عشرات الآلاف من الكلمات والجمل التي يمكن أن يطلقها باستخدام عينيه.
خضع لعملية جراحية في العين بالليزر لتحسين بصره عند 70 سم، وهي المسافة من وجهه إلى شاشة الكمبيوتر، التي أتاحت له التحكم عن بعد بالكمبيوتر باستخدام تقنية تتبع العين.
طور صورة رمزية “أفتار”، تشبه وجهه، وكانت مصممة للرد باستخدام لغة جسد ذكية اصطناعية.
لاحقا، أعلن بيتر أنه أكمل انتقاله بالكامل إلى “أول إنسان آلي كامل في العالم”، مطلقا على نفسه اسم “بيتر 2.0”.
حسبما يوضح الخبيران، فيمكن تحقيق المزيد من التداخل بين الإنسان والآلة لعدة أهداف:
حل مشكلات الإعاقة ودعم المجال الطبي.
تطوير القدرات العقلية والجسدية للبشر.
نظرا لتطورات تقنيات الذكاء الاصطناعي فقد تنتشر بيننا نماذج كثيرة لـ”سايبورغ” خلال الـ20 عاما القادمة، وخلال سنوات قليلة قد تكون هناك حيوانات مندمجة مع الآلات الذكية، وتكون لدينا كائنات هجينة لديها “قدرات خارقة”، حسب النجداوي.
هل تحكم الآلات الذكية العالم؟
يستعبد الدحداح ذلك، ويقول: “لم ولن تستطيع الآلات الذكية أن تحكم العالم، والبشر وحدهم القادرون على التحكم بها”.
لكن لدى النجداوي تخوفات بشأن مستقبل البشرية نتيجة التطور “المخيف” لتقنيات الذكاء الاصطناعي.
“إذا واصلت الآلات الذكية التطور بنفس الوتيرة، فسيصبح الإنسان في خطر، وقد يفقد السيطرة على تلك الأنظمة الذكية القابلة للتعلم والمحاكاة وتفوق قدراتها البشر بمراحل،” وفق النجداوي.