خاص – الزراعة المنزليّة تجربة مميّزة تعود بالخير على أصحابها
Share
“من يزرع لا يجوّع” عبارة قالها لي أحد المزارعين منذ عدّة سنوات، في حينها كانت الأزمة لم تشتد بعد، وكان وباء كورونا لا يزال مهيمنا على الحياة في لبنان، واليوم، زال الوباء واشتدّت الأزمة، ولكن حافظ الكثير من اللّبنانيين من أصحاب الهمم على عادة بدأوها مع بداية جائحة الكورونا، وهي عادة الزّراعة المنزلية، بهدف تأمين الحاجة وبيع الفائض.
حسين ضاهر
وفي هذا السّياق كان لوكالة “شفقنا” مقابلة مع “حسين ضاهر” أحد شباب بلدة عربصاليم الجنوبيّة في قضاء النّبطية، الذي يقول إنّ تجربته في الزّراعة المنزليّة جاءت نتيجة للحجر الصحي مع انتشار وباء كورونا، فقرّر في تلك الفترة عدم شراء الشّتل والخضروات بل زراعتها، وكان قد حصل على ” الحاكورة ” وهي عبارة عن مجموعة من الحبوب التي وزّعتها مؤسّسة جهاد البناء، وتزامن اتخاذه لهذا القرار مع صدور توجيهات من الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في نفس العام حول ضرورة تفعيل الجهاد الزّراعي.
وتابع ضاهر: بقي لديّ في نهاية الموسم الأوّل الكثير من الشّتل الذي لا يمكن رميه، فبحثت عن أرض وزرعت ما تبقّى من هذا الشّتل فيها ومن تلك اللحظة تغيّر نمط حياتي، ولكنّ هذه الفكرة كانت بدائيّة فلذلك كان لا بدّ من العمل على تطويرها، فبعد أن كانت الخيمة الأولى التي قمت بإعدادها بنفسي تسع ما يقارب ال 2000 شتلة، اليوم أصبح لدينا خيمة كبيرة تتسع لما يزيد عن ال 40.000 شتلة قمنا بتركيبها عبر شركة بتكلفة تقارب ال 1800 دولار من خلال قرض زراعيّ أيضا من مؤسّسة جهاد البناء، مشيرًا إلى أن الزّراعة في الأراضي خارج الخيمة الزراعيّة بدأها بمساحة دونم واحد، ووصلت اليوم إلى ما يقارب الـ 11 دونما من الأراضي التي يضمنها ويزرعها.
وحول تكلفة الزّراعة المنزليّة يقول ضاهر إنّها أقلّ بكثير بل بآلاف المرّات من شراء المنتوجات الزّراعية من السّوق، فمثلا كيلو البندورة حاليّا سعره حوالي ال 70.000 ل. ل، والخيار 130.000 ل. ل كان سعر الكيلو في أوّل الموسم، لافتا إلى أنّه زرع 4 كيلوات من البازلّاء في دونمين، بتكلفة 4 $ للكيلو الواحد، أي 16 $ للـ 4 كيلوات، وكانت تكلفة الفلاحة 500.000 ل. ل، والسّقاية كانت من الله لأنّ الزّراعة كانت في بداية فصل الشّتاء، وباع بحدود ال 800 كيلو، بسعر 100.00 ل. ل للكيلو الواحد، فكان حصاد الموسم ما يقارب ال 850 $ مقابل تكلفة لا تتجاوز ال 20 $. مؤكّدا أنّ المهم في الزّراعة المنزليّة هو الإنتاج الذي تعود به عليك، فأنت كمزارع تأخذ شتلة نظيفة مرويّة بماء نظيف، ومزروعة بتربة غير ملوّثة ولا يوجد فيها مواد كيماويّة التي للأسف تقتل الزّرع وتقتل الأرض وتضر بالصّحة، وبالتّالي فإنّ طعم هذه المزروعات يكون مختلفا بشكل كبير جدًّا عن تلك المزروعة بمواد كيماويّة. هل تؤمن الزّراعة المنزليّة الاكتفاء الذاتي؟
“طبعا، حكما، وبالتّأكيد تؤمن الاكتفاء الذّاتي لعائلة، فـ 5 شتلات بندورة، و5 شتلات خيار، مسكبة بقدونس، عدد قليل من الملفوف والبروكلي والقرنبيط، هي أمور كافية لسداد حاجة العائلة من المنتوجات الزّراعية وهذا حكما مقرون بالاستمرارية والمتابعة”، يقول ضاهر. ويتابع: هذا النّوع من الزّراعة يؤمن الاكتفاء الذاتيّ بنسبة 70 إلى 80 %، وعلى صعيده الشّخصي يشير ضاهر إلى أنّه لا يشتري مثلاً البندورة للطبخ بل يشتريها للأكل والسّلطة لأنّه يقوم بتثليج المحصول كمّونة للشّتاء، وكذلك الأمر بالنسبة لبقيّة المزروعات كالذّرة والبروكلي واللّوبيا والفاصوليا والبازلّاء.
وأضاف ضاهر أنّ كل ما يقوم به هو بجهد ذاتي، ففريق العمل مؤلّف منه وزوجته وأولادهما حيدر وجواد اللذان يعتبران اليوم من أكبر المزارعين في البلدة رغم صغر سنّهما، فالزوجة مثلا هي معلّمة، تستيقظ فجرا للذهاب إلى المدرسة وعندما تعود تساعده في الأرض، مشيرا إلى أنّها هي من كان له الدّور الكبير بزراعة موسم ال 40.000 شتلة، فيما ضاهر والذي هو أيضا لديه عمل آخر فيخصّص ساعتين إلى 3 ساعات صباحا ومثلهما بعد انتهاء عمله للعمل في الأرض ومتابعة شؤون المزروعات، مؤكّدا أنّه يفتخر بأنه يربي أولاده على حبّ الأرض والزّراعة، ويفرح بأنّ ابنه حيدر (11 عاما) يتحمّل مسؤوليّة بيع المحصول في المشتل ويحفظ كل أنواع الشّتل ولديه القدرة الكافية على شرح نوع الشّتلة وكيفيّة زرعها والتوقيت المناسب لذلك.
ما هي التّحديات التي تواجه المزارع المنزليّ خصوصا لناحية النّظافة والنّاحية الصّحية؟
وعن التّحديات التي تواجه المزارعين قال ضاهر إنّ…