بعد دخول العام التاسع من بدء حربها على اليمن..السعودية تحاول أن تسمي نفسها وسيطاً في حربها
بعد عدوان وحشي دام لأكثر من ثمانية أعوام على اليمن تحاول السعودية اليوم بكل بساطة أن تلعب دور الوسيط المصلح لإنهاء الحرب التي أطلقتها بنفسها وحشدت لها القوات الغازية وارتكبت فيها الجرائم المروعة بحق أبناء الشعب اليمني ودمرت مقدراته وبنيته التحتية وأطبقت عليه حصارا خانقا أضر بأبنائه اقتصادياً وضاعف من المعاناة الإنسانية والصحية
دور الوسيط الذي تلعبه السعودية لم يأت من فراغ أو من شعورها بالندم والاعتذار للشعب اليمني، بل للوصول إلى مخرج يكفيها شر تبعات جريمة العدوان والحصار، وتنصلا عن التعويض المباشر لأسر ضحايا الشعب اليمني الذين سقطوا جراء غارات طيرانها الحربي وصواريخها ودُمرت مساكنهم وقُطعت أرزاقهم وتسببت في معاناة طويلة عاشها اليمنيون لأكثر من ثمانية أعوام….
انطلاق العدوان
يحاول المعتدي السعودي التنصل عن عدوانه الهمجي بحق أبناء الشعب اليمني إلا ان التاريخ وثّق اللحظات الأولى لانطلاق العدوان الغاشم، ووثّق الدور الرئيسي الذي لعبته مملكة الشر السعودية، حيث تفاجأ أبناء الشعب اليمن مساء الخميس الموافق السادس والعشرين من شهر مارس في العام 2015م بطائرات حربية تقصف القواعد الجوية ومنظومات الدفاع الجوي بالإضافة إلى منازل المدنيين وراح ضحية اليوم الأول من العدوان العشرات من الأبرياء بين شهيد وجريح، يومها تصدرت السعودية المشهد وتبنت هذا العدوان عندما أعلن السفير السعودي لدى الولايات المتحدة، عادل الجبير، في بيان، أن بلاده شنّت عمليات عسكرية على اليمن، ضمن تحالف يضم أكثر من عشر دول، استجابة لطلب مباشر من “الحكومة الشرعية لليمن”.. وأضاف الجبير أن “العملية ستكون محدودة في طبيعتها، وتهدف إلى حماية الشعب اليمني واستعادة شرعيته ووقف التمدد الإيراني في المنطقة، لكن الضربات الأولى كانت تستهدف أهدافاً مدنية ثم أعلنت الولايات المتحدة أيضا أنها تقدم “الدعم اللوجستي والاستخباري” إلى ذلك العدوان الذي تقوده السعودية على اليمن كما نقلت صحيفة “الغارديان” البريطانية عن البيت الأبيض، وتكذيباً لهذا الإعلان الأحمق أعلن المدعو عبدربه منصور هادي – زعيم ما تسمى بـ”الشرعية” المزعومة في لقاء تلفزيوني انه لا يعرف شيئاً عن هذا العدوان وانهم اخبروه بانها انطلقت عاصفة الحزم وهو في طريقة فاراً إلى سلطنة عمان، وبعد هذا كله كيف للسعودية ان تتجرأ وتلعب دور الوسيط، متناسية زعامتها لهذا العدوان الغاشم ومتجاهلة أيضاً أن الوساطة لا تأتي إلا من طرف محايد لا علاقة له بالحرب وتثق فيه جميع الأطراف.
جرائم وحصار
أرقام وإحصائيات مهولة لعدد الضحايا من المدنيين خلال سنوات العدوان بالإضافة إلى الخسائر في الممتلكات العامة والخاصة ولا يمكن للمعتدي السعودي تجاهلها والدخول في مفاوضات سلام باعتباره وسيطاً محايداً لم يشارك فيها لأنه يظل أمام الشعب اليمني وحتى المجتمع الدولي المسؤول الأول عن كل الجرائم المرتكبة والحصار الاقتصادي الخانق.
وتبقى السعودية المسؤول المباشر عن حصيلة 8 أعوام من العدوان، تشير الأرقام بحسب مركز عين الإنسانية للحقوق والحريات إلى أن إجمالي عدد الشهداء والجرحى بلغ 48,349 بينهم 18,140 شهيداً و30,254 جريحاً منهم 4,079 شهيداً 4,790 جريحاً من الأطفال، بينما عدد الشهداء والجرحى من الرجال بلغ 11,603 شهيد و22,476 جريحاً، ومن النساء 2,458 شهيدة و2,988 جريحة، والعدوان السعودي هو المسؤول أيضاً عن استهداف 15 مطاراً و16 ميناءً و346 محطة ومولداً كهربائياً و617 شبكة ومحطة اتصال و3,095 خزاناً ومحطة مياه و2,105 منشآت حكومية و7,293 طريقاً وجسراً ، كما هو المسؤول عن استهداف 409 مصانع و390 ناقلة وقود 12,088 منشأة تجارية واستهداف 466 مزرعة دجاج ومواش و10,279 وسائل نقل و485 قارب صيد ،و1,020 مخزن أغذية و 427 محطة وقود و704 أسواق و1,040 شاحنة غذاء خلال سنوات العدوان، واستهدف العدوان الذي تقوده السعودية خلال 8 سنوات 603,110 منازل و182 منشأة جامعية و1,714 مسجداً و384 منشأة سياحية و417 مستشفى ومرفقاً صحياً واستهدف 1,265 مدرسة ومرفقاً تعليمياً 11,350 حقلاً زراعياً و141 منشأة رياضية و258 موقعاً أثرياً و61 منشأة إعلامية.
دور الوسيط
بدأ المعتدي السعودي بتفصيل ثوب الوسيط للهروب من جرائمه في اليمن شيئاً فشيئاً وكانت البداية في العام 2022م، حيث مثَّلت مشاورات الرياض في أبريل أبرز المؤشرات على رغبة السعودية المُلحة في تكريس دور الوسيط، عبر استضافة الأطراف اليمنية المناهضة لانصار الله ، بعد دعوات مفتوحة وجهها مجلس التعاون الخليجي للأطراف اليمنية للمشاركة في المشاورات التي قاطعها المجلس السياسي الأعلى، ورغم المحادثات المُباشرة المُعلنة التي بدأتها الرياض مع الجانب الوطني قبل أشهر بوساطة من سلطنة عمان، بعيداً عن مجلس القيادة الرئاسي، عادت الرياض لتؤكد بشكل أكثر وضوحًا رغبتها في لعب دور الوسيط على لسان سفيرها محمد آل جابر من صنعاء في 8 أبريل الجاري وقال آل جابر على تويتر: “أزور صنعاء وبحضور وفد من سلطنة عمان الشقيقة بهدف تثبيت الهدنة ووقف إطلاق النار ودعم عملية تبادل الأسرى وبحث سبل الحوار بين المكونات اليمنية للوصول إلى حل سياسي شامل ومستدام في اليمن.
اتفاق الصين
مثَّل اتفاق المصالحة بين السعودية وإيران برعاية الصين، في 10 مارس الماضي، نقطة تحول واضحة في السياسات الخارجية للسعودية نحو تصفير المشاكل الإقليمية للمملكة الصاعدة والطموحة، ويربط مراقبون بين التحولات في السياسة السعودية الخارجية ورغبة الرياض في الخروج من العدوان على اليمن من باب الوسيط الذي سيحرص على ترتيب “الحديقة الخلفية” للمملكة بما يناسب الرياض، قبل إغلاق بابها، وتُفسر الامتيازات التي قد يمنحها دور الوسيط بالنسبة للسعودية كطرف إقليمي ذات نفوذ في اليمن، رغبة الرياض بالحصول على هذا الدور، حيث سيسمح لها دائما بالبقاء قريبًا من تفاعلات ومآلات الوضع في اليمن مع انخراط أقل فيها، وربما مسؤولية أقل أيضاً، كما أنَّ تكلفة إعادة إعمار ما دمرته الحرب في اليمن قد تكون من الأسباب الرئيسية أيضاً لحرص السعودية التي قادت العدوان على اليمن على الهروب من حقيقة كونها “طرفاً” مباشراً بشكل يعادل أو قد يفوق الأطراف المحلية ربما في نشوء وتطور هذه الأزمة.
عدوان مستمر
وبعيداً عن ادعاءات السلام التي ترددها السعودية ومحاولة إظهار نفسها على هيئة الشيخ المحسن الذي اعتاد على الإصلاح بين الناس لا تزال قوات حرس الحدود التابعة لها تقصف المدنيين في محافظة صعدة فخلال الشهر الماضي فقط رصدت شرطة محافظة صعدة، 104 خروق لتحالف العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي، منها 84 عملية خرق تمثّلت بقصف بري سعودي، و20 خرقا بإطلاق نار من حرس الحدود السعودي وبالنسبة لجرائم العدو السعودي على الحدود اليمنية خلال الفترة المذكورة فكانت الحصيلة 124 شهيدا وجريحا فقد نتج عن إطلاق نار حرس حدود العدو السعودي، استشهاد 3 أشخاص، وإصابة 17 آخرين ما بين إصابات جسيمة وغير جسيمة، ونتج عن القصف المدفعي البري للعدو السعودي، استشهاد 15 شخصا، فيما بلغ عدد المصابين 89 مصابا معظمهم إصاباتهم خطيرة.