عادت الحياة بشكل تدريجي إلى طبيعتها في قِطاع غزة، بعد شلل تام أصاب كافة المرافق فيها لمُدة خمسة أيام مُتواصِلة بفعل العدوان الإسرائيلي الذي بدأ الثلاثاء الماضي، حيث طاول القصف مختلف مُحافظات غزة الخمس، مُتسببًا في خسائر بشرية ومادية.
ودبت الحركة في شوارع المدينة ومرافقها العامة وأسواقها ومحالها التجارية مُنذ اللحظة الأولى لبدء دخول التهدئة حيز التنفيذ مساء السبت، لتطوي أياما صعبة مَرّ بها قِطاع غزة المُحاصر إسرائيليا.
وعادت حركة المواطنين والمركبات والمحال والمجمعات التجارية إلى طبيعتها، بينما عادت الدوائر الحكومية الرسمية لدوامها الطبيعي.
وتسبب العدوان الإسرائيلي على مدار أيامه الخمسة بخسائر مُباشرة نتيجة القصف، وغير مُباشرة للقِطاع الاقتصادي، بشقيه التجاري والصِناعي، كذلك الزراعة والصيد، بفعل عدم الاستقرار، وعدم تمكن العمال وأصحاب المِهن من التوجه إلى أماكن عملهم.
في الأثناء، بيّن رئيس المكتب الاعلامي الحكومي في قِطاع غزة سلامة معروف أن الاحتلال الإسرائيلي استهدف خلال أيام العدوان مُختلف مُحافظات القِطاع، وكل قطاعاته الحيوية، وقد منع إدخال البضائع والأدوية، إلى جانب منع خروج الطلبة، والمرضى، وأصحاب التحويلات الطبية، لتلقي علاجهم.
وأوضح معروف أن كافة مكونات العمل الحكومي الخاصة بحصر الأضرار تعمل ميدانيا لحصر الخسائر المادية التي تعرضت لها كافة القِطاعات الحيوية، مُرجِعا سبب عدم تمكن الجهات ذات الاختصاص من تحديد الخسائر بدقة خلال العدوان إلى تصاعد وتيرة القصف، وصعوبة وصول طواقم الحصر الميداني إلى المناطق المُستهدفة.
وأفاد المكتب الإعلامي الحكومي بأن الخسائر المُباشرة، وفقا للتقديرات الأولية، تُقدر بنحو خمسة ملايين دولار، شملت تدمير الاحتلال 20 منزلاً، تضم قرابة 56 وحدة سكنية هدماً كليّاً، بينما تضررت 940 وحدة سكنية، من بينها وحدات سكنية باتت غير صالحة للسكن، وعددها 49 وِحدة، وهي النسب التي قال معروف في حديثه مع “العربي الجديد” إنها “تضاعفت مع تقدم عمليات الحصر الميدانية”.
ولم يسلم القِطاع الزراعي من الأضرار، حيث تجاوزت قيمة الخسائر المُباشِرة للقِطاع الزراعي، جراء العدوان الإسرائيلي على قِطاع غزة، ثلاثة ملايين دولار، وذلك بفعل منع تصدير ما يزيد عن ألف طن من المنتجات الزراعية، في الوقت الذي توقف فيه قطاع الصيد بشكل كامل بفعل إطلاق النار المُباشر من الزوارق الحربية، وعدم تمكن الصيادين من دخول البحر.
في الأثناء، أوضح مدير عام السياسات في وزارة الاقتصاد أسامة نوفل أن الاحتلال الإسرائيلي أغلق معبر كرم أبو سالم خمسة أيام، وهو المعبر التجاري الوحيد مع الاحتلال، ويجرى من خلاله إدخال ما يزيد عن 70% من احتياجات قِطاع غزة اليومية، وتدخل عبره 370 شاحنة يوميا، إضافة إلى شاحنات المُساعدات الخاصة بالوقود اللازم لتشغيل محطة توليد الكهرباء.
وأشار نوفل، إلى أنه على مدار أيام العدوان الخمسة، أمعن الاحتلال في ضرب البنية التحتية لقِطاع غزة، الخاصة بالأراضي الزراعية والمنشآت الاقتصادية، وقد نتجت عن ذلك أضرار مُباشرة، يجرى العمل على تقديرها بشكل دقيق من خِلال الفِرق التابعة للوزارة، كما تعرض القطاع إلى أضرار غير مُباشرة، نتيجة لتعطل العملية الاقتصادية في قِطاع غزة، على مستوى الصِناعة، والتِجارة، والزِراعة، والخدمات، والعَمالة، والاستيراد والتصدير، قُدرت بحوالي 10 ملايين دولار يوميًا، أي بخسائر وصلت إلى 50 مليون دولار مُنذ بدء العدوان.
ونبّه نوفل إلى أن الأضرار تُنذر بتأثير سلبي مُستقبلي، إذ إن عودة الإنتاج إلى ما كان عليه تحتاج إلى وقت، وهو الأمر الذي يعني المزيد من الخسائر الاقتصادية وفق معيار “تكلفة الفُرصة الضائعة”، مُضيفا: “سنُعاني اقتصاديا بفعل آثار العدوان، خاصة أن الأوضاع الاقتصادية في غزة قبل العدوان كانت صعبة ومُتأزمة، بفعل تراجع النشاط الاقتصادي، وعدم إعمار القطاع الاقتصادي”.
في الإطار، بيّن نائب رئيس جمعية رجال الأعمال الفلسطينيين، علي الحايك، أن التُجار الفلسطينيين حرصوا خلال العدوان على توفير كافة البضائع دون أي خلل، إلا أنهم، وكالعادة في أي عدوان، لم يسلموا من الخسائر، نتيجة تعطل دخول بضائعهم بفعل إغلاق المعابر، وتعطل العملية الاقتصادية وتسويق هذه البضائع، وصعوبة توصيل البضائع إلى المحال التجارية وتسويقها، بفعل الأوضاع العامة.
وقال الحايك إن الجمعية بصدد التواصل مع كافة مكونات العمل الخاص، من تُجار ومستوردين، في قِطاع غزة، لحصر الأضرار والخسائر التي لحقت بهم نتيجة العدوان الإسرائيلي على القِطاع خلال أيامه الخمسة.
وأكد الحايك أن أي عدوان إسرائيلي على قِطاع غزة يحمل في طياته خسائر مُباشرة مُتعلقة بقصف المنشآت الاقتصادية، أو غير مُباشرة نتيجة عدم إدخال البضائع، أو إغلاق المنشآت الاقتصادية، والصناعية، علاوة على تعطيل العُمال عن التوجه إلى عملهم، ما يُكبد القِطاع الاقتصادي خسائر إضافية.
وأعادت سُلطات الاحتلال الإسرائيلي، صباح أمس، فتح معبر بيت حانون “إيرز” المخصص لمرور العمال والمرضى والتجار من قطاع غزة إلى الأراضي المحتلة، من الساعة الثامنة صباحًا، ومعبر كرم أبو سالم المخصص للبضائع والوقود، من الساعة الحادية عشر، كما فتحت سواحل القطاع أمام حركة الصيد، وذلك بعد توصل حركة الجهاد الإسلامي إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع الاحتلال الإسرائيلي، بوساطة مصرية، بعد جولة قتال استمرت خمسة أيام.