ولادة أول طفل بريطاني مستولد من 3 أحماض نووية وراثية

تحدثت تقارير إخبارية عن ولادة أول طفل في المملكة المتحدة لديه حمض النووي الوراثي الـ”دي أن أي”DNA  [“الحمض النووي الريبوزي منقوص الأوكسجين”] مأخوذ من ثلاثة أشخاص، وذلك باعتماد إحدى العمليات في التلقيح الاصطناعي [اختصاراً، أي في أف IVF].

تحقق استيلاد الطفل من طريق عملية تسمى “علاج التبرع بالميتوكوندريا” [اختصاراً، أم دي تي MDT، أي “زراعة الميتوكوندريا” أو ما يسمى تقنية التخصيب الثلاثية الآباء]. ويشمل هذا الإجراء الطبي أخذ النواة من إحدى بويضات الأم، التي تحتوي على الحمض الوراثي “دي أن أي” الخاص بها، وزرعها في بويضة مأخوذة من امرأة متبرعة بعد التخلص من نواة تلك البويضة الأخيرة، مع الإبقاء على تراكيب الحمض النووي الموجودة في مكونات تسمى “ميتوكوندريا” تكون سليمة في البويضة المتبرع بها.

[حينما تلقح البويضة طبيعياً، يتمازج الحمض النووي الوراثي للأب المحمول في الحيوان المنوي للذكر مع نظيره لدى الأم الذي يتركز أساساً في النواة، لكن قسماً منه يكون في تراكيب موجودة ضمن السائل المحيط بالنواة في البويضة، خصوصاً تلك المسماة ميتوكوندريا، وهي تراكيب متخصصة بالطاقة. وينطبق هذا الوصف على التلقيح الاصطناعي. وتعاني بعض الإناث خللاً في تراكيب الـ”ميتوكوندريا” الموجودة في السائل المحيط بنواة البويضة لديهن. وتلافياً لانتقال تلك التراكيب المختلة، مع ما يرافقها من أمراض، يصار إلى أخذ نواة الأم، وزرعها في بويضة لمتبرعة، بعد إزالة النواة من تلك البويضة. ثم يصار إلى تلقيح البويضة “المشتركة”، لأنها تحتوي تراكيب وراثية من أنثيين. بالتالي، يكون طفل البويضة المشتركة الملقحة، نتيجة خلطة وراثية لثلاثة أطراف].

تمثل [زراعة الميتوكوندريا] وسيلة لتكوين أجنة بشرية باستخدام التلقيح الاصطناعي في المختبر كي تكون سليمة من أية طفرات جينية ضارة تحملها الأمهات، التي من الوارد أن تنتقل إلى الأطفال.

خلافاً للحمض النووي الوراثي العادي الذي يحتوي على المعلومات الوراثية التي تساعد في تشكيلنا على النحو الذي نحن عليه، فإن الحمض النووي “دي أن أي” الذي تحتوي عليه الـ”ميتوكوندريا” يوفر الطاقة للخلية، ولذا فقد جرى تشبيهه بالبطارية.

لهذا السبب، يصر كثير من العلماء في هذا المجال على أن مصطلح “طفل من ثلاثة آباء” غير دقيق، ذلك أن أكثر من 98.8 في المئة من الـ”دي أن أي” لدى الطفل ما زال مصدره من شخصين اثنين [في العادة يحصل الطفل على نصف الحمض النووي الوراثي للأم والنصف الآخر للأب. ويكون القسم الأعظم من الحمض الوراثي، أو الجينوم، للأم مركزاً في النواة، فلا تمثل التراكيب الوراثية للميتوكوندريا سوى قسم صغير من جينوم الأم].

في عام 2015، صوت مجلس العموم البريطاني لمصلحة قانون يسمح بهذا الإجراء الطبي [إنجاب أطفال من ثلاثة آباء]. في المقابل، تنظر الجهة المسؤولة عن تنظيم علاج الخصوبة في المملكة المتحدة، وتسمى “هيئة الإخصاب البشري والأجنة” (HFEA)، في طلبات السماح باستخدامه كي تبت بشأنها.

أبلغ عن ولادة أول “طفل من ثلاثة آباء” في بريطانيا بعد تقديم طلب إلى “هيئة الإخصاب البشري والأجنة” يدعوها إلى الإفراج عن هذه المعلومات. وأفادت العيادة التابعة للهيئة بأن عدداً صغيراً من الأطفال ولدوا الآن في المملكة المتحدة بعد “علاج التبرع بالميتوكوندريا”.

وبطبيعة الحال، لا يكشف الأطباء في العيادة عن أي تفاصيل بشأن الولادات التي ينفذها برنامجها “علاج التبرع بالميتوكوندريا”، خشية أن معلومات محددة يمكن أن تنتهك خصوصية المريض.

تذكيراً، ليست بريطانيا الدولة الأولى التي يولد فيها أطفال بعد اللجوء إلى “علاج التبرع بالميتوكوندريا” أو تقنية التخصيب “الثلاثية الآباء”. في عام 2016، شهدت المكسيك ولادة طفل باستخدام هذا الإجراء الطبي.

في تلك الحالة، كانت والدة الطفل مصابة بـ”متلازمة لي” Leigh syndrome [اعتلال الدماغ والحبل الشوكي الناخر]، علماً أنه اضطراب قاتل يؤثر في تطور الجهاز العصبي، وينتقل في الـ”دي أن أي” الذي تحتوي عليه الـ”ميتوكوندريا”.

واستكمالاً، وصفت البروفيسورة أليسون مردوخ، رئيسة “مركز نيوكاسل للخصوبة” في “المركز الدولي للحياة”، في “جامعة نيوكاسل”، التي كانت في طليعة الباحثين في هذا المجال في المملكة المتحدة، تلك الولادة بـ”الأنباء الرائعة”.

قد يعجبك ايضا