أزمة الذكاء الاصطناعي تستفحل… وهل هناك حل؟

-تنحى قبل أيام جيفري هينتون الذي يعرف بأبي الذكاء الاصطناعي من عمله محذرا من مخاطر الذكاء الاصطناعي لمستقبل البشرية، لم يعرب هينتون عن قلقه لهذه القضية فحسب بل طرح العديد من الجامعيين والشخصيات البارزة في مجال التقنية مثل هذه القضايا، يرى البعض بان الذكاء الاصطناعي هو مستقبل البشرية، بينما يرى آخرون بان الذكاء الاصطناعي يخدم البشرية وسيحصل الإنسان بهذه الآلية كما يقال على قدرة خارقة للتحكم في العالم المحيط به، كما يرى آخرون بان مستقبل العالم هو عالم الذكاء الاصطناعي لكن بدون الإنسان أو حتى الكائنات الأخرى.

للوهلة الأولى، قد تبدو هذه القضية بعيدة المنال وتذكرنا فقط بأفلام نهاية العالم، لكن بالقليل من التفكير والاهتمام بالأبعاد المختلفة للقضية ستصبح الحقائق أكثر وضوحا لنا.

يجب أن نعرف أن الذكاء الاصطناعي ليس ربوتا. عادة، يخلط معظم الناس بين هاتين القضيتين. لنتخلص من فكرة الروبوتات. تسعى الروبوتات والذكاء الاصطناعي إلى تحقيق أهداف مختلفة تماما. الذكاء الاصطناعي قادر على الإجابة على الأسئلة وحل الألغاز التي لم يحدد أي شخص إجابة لها. كما يوحي الاسم، فإن الذكاء الاصطناعي هو محاولة لخلق الذكاء. الذكاء الاصطناعي هو مثال على محاولة الإنسان محاكاة ذكائه لجعل الأمور أسهل وولتقليل المعاناة. الذكاء هو جزء من نتيجة أنشطة الدماغ. يُعرف دماغنا، أي البشر العقلاء، بأنه الدماغ الأكثر تقدما في العالم. الآن، مع ظهور الذكاء الاصطناعي، تواجهنا مشكلة جديدة، هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتفوق على ذكاء البشر العقلاء الذين هم من صنعوه؟ يعتقد البعض أن هذه القضية مستحيلة؛ لكن البعض يعتقدون أن الذكاء الاصطناعي لا يواجه العراقيل البيولوجية التي يواجهها دماغ الإنسان العاقل.

السؤال الأكثر أهمية الذي نواجهه حتى الآن هو لماذا يمكن أن يكون ظهور ذكاء ما خطيرا علينا نحن الانسان العاقل؟ للإجابة على هذا السؤال، علينا أن نذهب إلى علم الأحياء وعلم الوراثة. بالنظر إلى العالم من حولنا، نجد أن العديد من الحيوانات لديها قدرات أكثر بكثير منا من حيث الجانب البدني والتكيف مع البيئة، وأن دماغ الانسان العاقل وذكائه فقط هو ما جعله حاكما للكوكب بلا منازع. أنتج الإنسان أدوات بمساعدة دماغه وغزا العالم بأدواته. قد لا نبتعد عن البحث لو قلنا إن العالم المحيط الذي نتحدث عنه ليس حقا بالطريقة التي نراها، والصورة التي نراها للعالم وفهمنا للوجود هي نتيجة معالجة البيانات التي يستخدمها دماغنا بمساعدة من مستقبلاتنا (الحواس الخمس) من البيئة. من المثير للاهتمام معرفة أن الرؤية والسمع والتذوق وكل شيء يحدث في أذهاننا وليس في الأعضاء المستقبلة نفسها. هذه مواضيع مهمة جدا. وبها قد نفهم بشكل أفضل مفهوم الذكاء الاصطناعي.

في الواقع، يمكن القول إن الذكاء الاصطناعي يفهم العالم تماما مثل دماغ الإنسان العاقل. فهم وكما يبدو لا علم لنا به. من هنا فصاعدا، تصبح القضية خطيرة جدا بالنسبة لنا. الذكاء الاصطناعي لديه فهم للعالم، تماما مثل الكائنات الأخرى. كل كائن حي لديه فهم للعالم من حوله وفقا لمستوى نمو دماغه. لذلك، على الرغم من أن الذكاء الاصطناعي ليس من صنع الطبيعة ولم يخرج من جوفه، ويبدو أنه لا يمكن أن يكون منافسا للإنسان العاقل، فإن الذكاء الاصطناعي يصنعه الإنسان العاقل، وهو مكون لديه فهم للعالم وقادر على اتخاذ القرارات، وربما في المستقبل القريب، سيكون منشئ الأدوات وهذا تهديد كبير جدا.

الواضح هو ان الذكاء الاصطناعي سيصبح أكثر تقدما يوما بعد يوم، ومن المحتمل أن يكون الإنسان العاقل في خطر الانقراض. الآن سؤالنا الأخير هو هذا. ماذا يستطيع الإنسان العاقل أن يفعل ضد هذا التهديد؟ هل هناك طريقة للخروج؟ هذا هو المكان الذي يجب على الإنسان العاقل أن يستخدم أدواته مرة أخرى. الحكومة هي إحدى الأدوات البشرية. يجب على الحكومات إصدار قوانين رادعة. ومع ذلك، ربما لا يوجد قانون يمكنه الوقوف بوجه نمو الذكاء الاصطناعي بشكل كامل. الذكاء الاصطناعي كونه تهديد عالمي يحتاج إلى حل عالمي. تماما مثل تغير المناخ، والإرهاب والأوبئة الجديدة وهي أزمات عالمية تتطلب حلولا عالمية. يجب على الإنسان العاقل أن يستخدم أدواته العالمية، أي المنظمات الدولية.

قد لا تتمكن المنظمات الدولية التغلب على العديد من المشاكل العالمية، غير ان زيادة الأزمات الراهنة وظهور الأزمات الجديدة اظهر أهمية المنظمات الدولية للجميع أكثر من أي وقت سبق، ان المنظمات الدولية وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة عليها ان تبحث عن الحل بأسرع وقت ممكن لمواجهة هذا التهديد العالمي قبل فوات الأوان.

المصدر: ديبلماسي إيراني

————————

المقالات والتقارير المنقولة تعبر عن وجهة نظر مصادرها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع

قد يعجبك ايضا