مع استمرار الجهود المصرية الرامية إلى إقرار هدنة ووقف إطلاق النار في غزة، تواصل الطائرات الإسرائيلية قصفها لمناطق عدة في القطاع، مستهدفة قيادات حركة “الجهاد الإسلامي” الفلسطينية، كان آخرهم إياد الحسني.
وأعلنت حركة “الجهاد الإسلامي” مقتل القيادي في سرايا القدس، (الجناح المسلح للحركة) مسؤول العمليات إياد الحسني (أبو أنس)، بعد استهداف منزله في غزة، فيما أعلن الجيش الإسرائيلي قصف 254 هدفا تابعا للحركة خلال العملية التي أطلقها منذ الثلاثاء الماضي والتي يطلق عليها اسم “السهم والدرع”.
وقال الجيش الإسرائيلي، مساء يوم الجمعة، إن الفصائل الفلسطينية المسلحة، أطلقت حتى الآن 970 صاروخا من قطاع غزة تجاه الأراضي الإسرائيلية تم اعتراض 269 منها بواسطة منظومة القبة الحديدية.
وأبلغت إسرائيل مصر، اليوم الجمعة، بتعليق اتصالات وقف إطلاق النار مع قطاع غزة، بعد توسيع الفصائل الفلسطينية دائرة نيران صواريخها لتستهدف لأول مرة منذ جولة التصعيد الحالية بلدات في محيط مدينة القدس.
وقال مراقبون إن الرفض الإسرائيلي لتوقيع على هدنة في غزة يأتي بهدف تحقيق مكاسب لنتنياهو وحكومته، بيد أنهم توقعوا إقرار هدنة خلال اليومين المقبلين، وقبل انطلاق القمة العربية في جدة.
مكاسب إسرائيلية
اعتبر محمد حسن كنعان، رئيس الحزب القومي العربي، وعضو الكنيست الإسرائيلي السابق، أن استمرار نتنياهو في قصف قطاع غزة وعدم الموافقة على إقرار الهدنة يأتي بهدف تحقيق أهداف ومكاسب سياسية من خلف هذه الحرب على القطاع، لا سيما وأن حزب الليكود والائتلاف الحاكم يواجه هبوطًا حادًا ومستمرًا في شعبيته.
وقال: يريد نتنياهو تعزيز مكانته السياسية والأمنية في إسرائيل، وأن يظهر أمام الرأي العام على أنه الشخص الوحيد الذي يمكنه الدفاع عن أمنهم، لذلك هو مستمر في هذه الضربات كلما استمرت صواريخ المقاومة في الانطلاق.
ويرى كنعان أن نتنياهو يرغب في وقف إطلاق النار عبر توقيع الهدنة، لكن في الوقت نفسه يريد أن يخضع “الجهاد الإسلامي” لشروطه، فيما تسعى الحركة الفلسطينية لإظهار قوتها وحزمها وموقفها الراسخ أمام إسرائيل بعد فقد كل هؤلاء القيادات من العسكريين والسياسيين خلال عمليات القصف والاغتيال.
وتابع: “يريد الطرفان تحقيق هدنة تريدها إسرائيل في أن تمنع إطلاق الصواريخ على الجنوب، فيما تريد الجهاد الإسلامي أن تضمن عدم استمرار سياسة الاغتيالات السياسية للقيادات الحركة داخل قطاع غزة وخارجه”.
وتوقع كنعان أن تظل الحرب مستمرة ومستعرة لمدة يومين على الأكثر حتى يتم إقرار هدنة بوساطة مصرية، فيما ستكون قبل انعقاد القمة العربية المقرر انطلاقها بعد أيام في مدينة جدة، فيما تستمر الجهود العربية المكثفة في محاولة لوقف إطلاق النار بين الجانبين.
ساحة مفتوحة
اعتبر الدكتور حسام الدجني، الأكاديمي والمحلل السياسي الفلسطيني، أن عمليات الاغتيال التي تقوم بها إسرائيل هي بمثابة قتل خارج القانون، وجريمة حرب مجرمة في القانون الدولي، واتفاقيات جنيف وميثاق روما.
وقال: تصر المقاومة الفلسطينية على توفير ضمانات وقف سياسة الاغتيال بحق الفلسطينيين، لا سيما في ظل الانتهاكات الإسرائيلية واستهداف قيادات حركة الجهاد والمدنيين.
وأضاف أن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو يرى أن هذه الخطوة بمثابة إعلان هزيمة، وسقوط الائتلاف الحاكم، ما تمثل هذه النقطة المشكلة الرئيسية في استكمال التفاوض بشأن وقف إطلاق النار، مؤكدًا على ضرورة تدخل المجتمع الدولي للبحث عن مقاربة تضمن الوصول إلى التفاهمات المطلوبة.
وأوضح أن هذا التحرك المطلوب من شأنه تمكين جمهورية مصر العربية من استئناف عملية المفاوضات والوصول إلى نتيجة وقف إطلاق النار بشكل سريع، لافتا إلى أنه في حال لم يتحقق هذا الأمر، فإن سيناريو المواجهات المفتوحة سيكون الأكثر ترجيحًا لما يحدث من عدوان إسرائيلي على قطاع غزة.
وقالت مصادر خبرية نقلا عن مسؤول أمني كبير، إن إسرائيل أبلغت مصر أن محادثات وقف إطلاق النار “ليست ذات صلة في الوقت الحالي، وأن الخط مع مصر مفصول حاليا”.
من جانبه، قال مسؤول سياسي إسرائيلي: “تقرر وقف جميع اتصالات وقف إطلاق النار حتى إشعار آخر (..) ليست هناك نية للتوقف – سيكون هناك رد فعل قاس”.
وقادت مصر جهودا للوساطة بين إسرائيل وحركة “الجهاد الإسلامي” الفلسطينية لوقف التصعيد المستمر منذ فجر الثلاثاء الماضي، عندما أقدمت تل أبيب على شن عملية عسكرية تحت اسم “الدرع والسهم” على قطاع غزة، فيما ردت الفصائل بإطلاق مئات الصواريخ تجاه الأراضي الإسرائيلية وصلت إلى محيط القدس وتل أبيب (وسط).
وأسفر القصف الإسرائيلي على القطاع منذ فجر الثلاثاء، عن مقتل 33 فلسطينيا بينهم 6 أطفال و3 نساء و6 من قادة “سرايا القدس” الجناح العسكري لحركة “الجهاد الإسلامي”، فيما أسفر القصف الصاروخي من غزة على إسرائيل عن مقتل إسرائيلي وإصابة آخرين.