عادت حرائق حقول القمح في ثلاث مدن عراقية، بعد أسبوع واحد من إعلان وزارة الزراعة حول إمكانية الوصول إلى الاكتفاء الذاتي من هذا المحصول الذي تولي الحكومة العراقية اهتماماً كبيراً به، واحتلاله المرتبة الأولى ضمن أولويات النشاط الزراعي في البلاد.
ورغم التساؤلات عن أسباب عودة الحرائق والجهات التي تقف خلفها، إلا أنها تؤكد وجود أطراف لا تريد الاكتفاء العراقي من الحنطة، واستمرار الحاجة إلى الاستيراد.
ونشبت أمس، الثلاثاء، حرائق في مزارع الحنطة شمالي بلدة “سموم”، في قضاء سامراء بمحافظة صلاح الدين، والتهمت هذه الحرائق نحو 20 دونما مع مرشات الري. ورغم السيطرة على هذه الحرائق إلا أنها فتحت مجالات التساؤل عن الجهات التي تقف خلفها.
والأسبوع الماضي، كشفت وزارة الزراعة عن إمكانية تحقيق الاكتفاء الذاتي من محصول القمح خلال الموسم الحالي، بعد موسم جيد من الامطار شهدته البلاد، فيما تحدثت وزارة الزراعة عن وجود مساع حكومية حقيقية لعدم استيراد الحنطة من الخارج والاعتماد على الإنتاج المحلي.
والتهم حريق في محافظة النجف، الأسبوع الماضي، عشرات الدونمات الخاصة بزراعة الحنطة دون معرفة الأسباب، في حين التهم حريق هائل حقل محصول الحنطة في ناحية العدل بمحافظة ميسان، كما تمكنت فرق الدفاع المدني من إخماد حريق كبير اندلع داخل حقل للحنطة في منطقة الصياحية بمحافظة بابل.
وقالت وزارة الزراعة العراقية إن “الحرائق الأخيرة التي طاولت الحقول والبساتين والمزارع الخاصة بالحنطة لم تكن كبيرة ولم تلتهم مساحات واسعة”، مبينة في تصريحات رسمية أنها “لم تلمس أي خطر تجاه هذه القضية”.
ونقلت وسائل إعلام عراقية عن المتحدث باسم وزارة الزراعة محمد الخزاعي قوله إن “التحقيقات الأولية لم تثبت تورط أي جهة أو شخص بهذه الحرائق، بل قد تكون ناتجة عن طريقة تهيئة الأرض قبل زراعتها من قبل المزارعين”، مبيناً أن “حملات الحصاد مستمرة إلى الآن والعراق مقبل على الوصول إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي من الحنطة، وأنّ هناك أكثر من 8.5 ملايين دونم داخلة ضمن خطة الوزارة الزراعية لهذا العام”.
وأضاف الخزاعي أن “هناك 4 ملايين دونم في الأراضي الصحراوية دخلت إلى خطة الوزارة الخاصة بزراعة الحنطة عبر الاعتماد على مياه الآبار في ظل أزمة الجفاف التي تضرب العراق منذ سنوات ماضية”.
من جهته، أشار الناشط في مجال الزراعة والبيئة، عضو جمعية “حماة دجلة” سلام العراقي، إلى أن “هناك من يتهم تنظيم داعش الإرهابي، باعتباره منفذ الحرائق في سامراء والمدن المحررة، لكن هل تنظيم داعش موجود في بابل والنجف وميسان؟”، مؤكداً أن “هناك أجندة سياسية وأمنية واقتصادية تمنع أي تقدم للعراق في مجال التمكين الزراعي والاكتفاء الذاتي، وليس فقط إيران تعمل على ذلك، بل دول عدة”.
وأضاف العراقي أن “وزارة الزراعة كانت قد أعلنت عام 2019، أنها تمكنت من تحقيق الاكتفاء الذاتي من الحنطة، بعدما كانت تستورد من أميركا وأستراليا، لكن بعد ذلك بأيام اندلعت حرائق كبيرة أدت إلى خسارة نحو 50 ألف دونم كانت مزروعة بمحصول القمح، ما يعني أن هذه الإرادة المخربة تظهر كلما تقدم العراق في هذا المجال”.
وبحسب خبراء، فإن العراق يحتاج إلى نحو 5 ملايين طن سنوياً من الحنطة لسد الحاجة الفعلية للبلاد، في حين يعتمد على الاستيراد لإمداد برنامجه الخاص بمفردات “البطاقة التموينية”، وأن العراق يعد من أكثر البلدان استيراداً للحبوب في الشرق الأوسط، فيما يستورد مادة الطحين من مناشئ عدة.