بقلم – د- عبدالعزيز بن حبتور
تابع المهتمون بالشأن السياسي والوطني اليمني المؤتمر الذي نظمه الانفصاليون في جنوب اليمن، وفي مدينة عدن الواقعة تحت الاحتلال السعودي/الإماراتي مُنذ احتلالها في النصف الثاني من تموز/يوليو 2015 وحتى يومنا هذا.
هؤلاء الانفصاليون الذين عقدوا مؤتمرهم التشاوري في مدينة عدن صبيحة يوم الخميس 4 أيار/مايو 2023 هم من عُملاء مشيخة الإمارات العربية المتحدة وأتباعها، وهم ينفذون ما تمليه عليهم حرفياً.
لقد أوعز الإماراتيون إلى عملائهم بتنظيم فعالية سياسية إعلامية بهدف الادعاء أنَّ اليمنيين الجنوبيين يدعمون فكرة الانفصال المشؤوم، ووظفوا لهذا المشروع السيئ الذكر ملايين الدولارات بهدف شراء ذمم السياسيين (الجنوبيين) الذين سيقبلون السير في ركبهم ومشروعهم الانفصالي الرخيص، وسيقبلون فكرة انفصال جنوب الوطن عن شماله.
لكن بعدما ارتحلوا وجابوا الكرة الأرضية من شرقها إلى غربها، ودفعوا المال المدنس لكل من هبّ ودب، كما أشار تقريرهم المعروض في الجلسة الافتتاحية، لم نشاهد سوى هؤلاء الأفراد والأشخاص من قيادات وأعضاء ما يُسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي، وعددٍ آخر يسير من بعض الشخصيات الشابة التي لم تشتغل بالعمل السياسي في تاريخها، وهي غير معروفة على الإطلاق. لنقل إن الشارع السياسي الجنوبي لا يعرفهم، كما يدّعون ويتوهمون.
تخيّلوا معي: بعد 8 سنوات ونيف من العدوان والاحتلال للمحافظات الجنوبية والشرقية، حضر هذا العدد الباهت من فصيل سياسي واحد صنعته الإمارات العربية المتحدة بغباء مفرط، ولم يحضر ذلك اللقاء التشاوري، كما سمّوه، الطيف السياسي الجنوبي المعروف من الأحزاب والتنظيمات والتجمعات والشخصيات، حتى من تلك القوى التي وقفت مع العدوان وناصرت المحتلين!
أليس في ذلك غرابة؟ يتساءل المواطن اليمني من جنوب اليمن إلى شماله: أين ذهبت كل تلك التحضيرات؟ وأين نتائج تلك الزيارات الخارجية والداخلية التي روَّجوا لها؟ وأين تبخَّرت وعود هؤلاء السياسيين الانفصاليين الذين بشّروا المواطنين اليمنيين بأنَّ عهداً انفصالياً جديداً سيهل على جنوب اليمن؟ وأين ذهبت تلك اللقاءات والمناظرات الإعلامية البرّاقة التي أبهروا بها البسطاء على شاشات التلفاز؟ وأين ذهبت كل الوعود الساذجة والكاذبة التي ساقوها لنا بأنهم أقنعوا جُل السياسيين الجنوبيين بالالتحاق بمؤتمرهم؟
كلّ ذلك إجابته سهلة لمن يقرأ الواقع بموضوعية وكياسة، وهو أنَّ المشايخ الإماراتيين، وهم حديثو الخبرة بكواليس السياسة ببعدها الإقليمي والدولي وحديثو النعمة المادية، اعتمدوا في سياستهم وخططهم تجاه اليمن العظيم على مجموعة سياسية مناطقية أنانية مغامرة، اكتوى منها شعبنا، وتعلّم من مغامراتها وتطرفها في المراحل التاريخية إبان حكمها النزق في جنوب اليمن. لذلك، لم ينجحوا في الماضي القريب، ولن ينجحوا في مخطط الانفصال على الإطلاق. نقولها بثقة التاريخ وتضاريس الجغرافيا وعمق أصالة الشعب اليمني العظيم.
ولكي نبرز للقارئ اللبيب عدداً من المعطيات والمؤشرات التي اتكأنا عليها لندلّ على أنهم أتباع وعملاء لمشايخ الإمارات العربية المتحدة، نقدم النقاط السريعة الآتية:
أولاً: يتم تمويل أنشطة المجلس الانتقالي الانفصالي وفعالياته اليومية والشهرية والسنوية من مشيخة أبو ظبي. وقد ظهرت التقارير المالية المعلنة لتؤكّد ذلك، وهذا اللقاء التشاوري الأخير كلّف خزينة المشيخة ملايين الدولارات.
ثانياً: يشاهد المواطن اليمني في المحافظات المحتلة (المحافظات الجنوبية) بحسرة وغبن جميع الأجهزة والأسلحة والطواقم والمصفحات العسكرية والأمنية والتسليح والتموين اللوجستي، وجميعها مرسلة من مشيخة الإمارات العربية المتحدة.
ثالثاً: معظم عائلات وأسر وأبناء القادة الانفصاليين من المجلس الانتقالي الانفصالي يعيشون حياة مُرفّهة ورغيدة في مدن الإمارات العربية المتحدة؛ في كلٍ من أبو ظبي دبي والشارقة وغيرهما.
رابعاً: يتمركز القادة الإماراتيون في معسكراتٍ ومبانٍ في ضواحي مدينة عدن الصغرى (البريقا)، ويصدرون من هناك أوامرهم العسكرية والأمنية إلى القادة العسكريين من المرتزقة، ويشرفون على السجون السرية التي أقامتها الإمارات في مدينة عدن لتعذيب المناضلين والمجاهدين من اليمنيين الأحرار بواسطة محققين أجانب من ضباط “بلاك ووتر” وغيرها من الأجهزة الأمنية الأميركية والغربية. هذا ما أفاد به السجناء اليمنيون الذين تعرضوا لجريمة السجن والتعذيب غير الإنساني.
خامساً: خصَّصت مشيخة الإمارات قنوات تلفزيونية فضائية، مثل “عدن المستقلة” و”الغد المشرق” وغيرهما، يديرها عناصر ما يُسمى بالمجلس الانتقالي، وأسّست صحفاً محلية ومواقع إلكترونية وجيشاً كبيراً من الذباب الإلكتروني والمحللين الإعلاميين من المرتزقة العرب واليمنيين الذين تدر عليهم بمالٍ سخي سائب وسخ ليقوموا بتشويه حقائق الواقع والتاريخ اليمني العظيم.
سادساً: تمت السيطرة على موانئ عدن وبالحاف (ميناء الغاز الطبيعي الشبواني) والنشيمة وحضرموت والمهرة واحتلالها، وأضيف إليها احتلال عدد من المطارات وإغلاقها، لتكون تحت نفوذ القادة العسكريين من مشيخة الإمارات وسيطرتهم.
سابعاً: جلبت مشيخة الإمارات عساكر الجنجويد من السودان الشقيق لكي يقاتل اليمنيين في عدن ولحج والحديدة وصحاري مأرب والجوف وصعدة، ويحاربوا الشعب اليمني وجيشه العظيم، لكي يسلّم بعد ذلك عدد من المرتزقة الانفصاليين عدداً من الجزر والموانئ اليمنية حين يغادر الإماراتي المحتل أرض اليمن العظيم. هؤلاء المرتزقة الانفصاليون سيعتمد عليهم مشايخ الإمارات ليكونوا عملاء لهم بعد الرحيل.
هذه المؤشرات السبعة تثبت للقاصي والداني أن الإماراتيين الأعراب يحتلون جزءاً غالياً من الأراضي اليمنية بشكلٍ صريح، وأنهم صنعوا أزلاماً ومرتزقة وأتباعاً من الانفصاليين، معتقدين أنهم سيغيرون مسار التاريخ ومنطق الحياة والقانون الخاص باليمن العظيم الذي صنع معجزات في التاريخ وأسهم في بناء الحضارات الإنسانية، وآخرها الحضارة الإسلامية العظيمة.
ولمن لا يقرأ التاريخ، اعلموا أنّ جثامين القادة اليمنيين الأطهار مدفونة في ربوع الكرة الأرضية. وحيثما وصل الدين الإسلامي جغرافياً، تجد قائداً يمنياً عظيماً، من الصين وإندونيسيا شرقاً، إلى الأميركيتين غرباً، إلى ربوع سمرقند وبخارى وموسكو شمالاً، وحتى جزر القُمُر ومدغشقر جنوباً، فأين أنتم ذاهبون يا أعراب بترول الصحراء بذلك التاريخ اليمني العظيم!