يحذر مختصون من كارثة بيئية تتعرض لها مناطق الأهوار العراقية بسبب استمرار الجفاف، وانحسار مناطق المياه العميقة إلى حد كبير، على الرغم من إعلان الحكومة العراقية وجود خطط للحد من الجفاف الذي تشهده المنطقة، والذي اضطر كثير من السكان إلى هجرتها.
يضم العراق ثلاثة أهوار رئيسية، هي هور “الحويزة” الواقع على الحدود الإيرانية، وهور “الحمّار”، وأهوار الفرات التي تمتد من مناطق شمال وغرب محافظة البصرة وجنوب منطقة العمارة إلى قرب مصب دجلة والفرات في الخليج العربي.
يؤكد الناشط البيئي العراقي، جاسم الأسدي، أن مناطق الأهوار في جنوبي العراق تعاني من جفاف كبير متواصل منذ عام 2021، ما يجعلها تعيش كارثة بيئية حقيقية بسبب تراجع كميات المياه الواردة إليها عبر الحدود العراقية من إيران وتركيا عبر نهري دجلة والفرات، فضلا عن تأثيرات التغير المناخي، وقلة الأمطار، وتراجع المياه المخزنة في السدود العراقية.
ويوضح الأسدي أن “نسبة غمر الأهوار بالمياه لازالت قليلة، ولا تتعدى 12 في المائة من الهدف الذي وضع لاستعادة 5600 كيلومتر مربع من الأهوار، والتي تأثرت أكثر من غيرها بسوء إدارة الموارد المائية. تتقاسم دول الجوار المسؤولية مع الحكومة العراقية عن ما تتعرض له الأهوار من كوارث بيئية، فالمياه تتناقص في بعض السنوات لأسباب متعددة، وبالتالي تنخفض مناسيب المياه في الأهوار، لكن ما حدث خلال السنتين الأخيرتين تجاوز مرحلة الخطر، ويتطلب سرعة تشكيل لجنة لإدارة تداعيات الجفاف من خلال سيناريوهات متخصصة”.
يتابع: “هناك بدائل يمكن العمل عليها لإنعاش الأهوار، ومن بينها الاستفادة من مياه المبازل، وإعادة تنقية مياه الصرف الصحي وضخها في الأهوار، بالإضافة إلى ضرورة التفاوض مع دول الجوار للمساهمة في حماية الأمن المائي العراقي”.
ويوضح الخبير البيئي، حكمت عبد الكريم، أن “الأهوار فقدت قيمتها البيئية والاقتصادية مع فقدانها المياه، وسكانها يفتقرون إلى أبسط مقومات الحياة، وعلى الرغم من كون الأهوار تشكل هوية وطنية، إلا أنها لم تشهد أي مشروع تنمية أو استثمار حقيقي يواجه المخاطر التي تعيشها”.
يؤكد عبد الكريم، أن “أكثر من 1500 عائلة هجروا أهوار الجبايش خلال الأشهر الماضية، بعد تعرض عدد كبير من مواشيهم للنفوق بسبب الجفاف. ما تشهده الأهوار يحتاج إلى تدخل عاجل لإنقاذ ما تبقى منها، وإعادة الحياة إلى المناطق التي شهدت هجرة السكان إلى محافظات أخرى. غالبية مناطق الأهوار حالياً شبه خالية من السكان، بينما كانت الحياة فيها قبل سنوات قليلة مزدهرة، سواء القطاع السياحي، أو صيد الأسماك والطيور، أو تربية المواشي، ومقارنة مع الطبيعة النباتية التي كانت تتمتع بها، تحولت إلى أراض قاحلة”.
وحول مساهمة الأمطار الأخيرة في إنعاش الأهوار، يقول الخبير البيئي العراقي، إن تلك الأمطار ليست بالمستوى المطلوب في بلد لا يستلم سوى 30 في المائة من استحقاقاته المائية من دول الجوار، مشيراً إلى احتمال تعرض العراق إلى موجة جفاف كبيرة خلال السنوات القادمة.
بدوره، يوضح وزير الموارد المائية العراقي، عون ذياب، أن انخفاض مناسيب الأنهار خلال فصل الصيف لا يشكل خطراً على الأمن المائي العراقي، وأن وزارته تعمل على زيادة مستويات التخزين في السدود، مما دفعها إلى إيقاف الإطلاقات المائية التي تغذي الأهوار.
وكشف ذياب في تصريحات صحافية، أن “مناسيب المياه حرجة جداً، وتحديداً في نهر الفرات، لأن عمليات تغذية النهر محدودة، وعمليات تغذية الأهوار تجري بشكل محدود بغرض المحافظة على المناطق العميقة فيها، إذ لا وجود لكميات مياه كافية لإطلاقها في الوقت الحالي. العراق مقبل على فصل صيف حار وجاف، مما يتطلب العمل على توفير مياه الشرب بشكل دائم، خاصة أن سد حديثة على نهر الفرات (غرب) يعاني من شح كبير في المياه بسبب سيطرة أطراف النزاع في سورية على مجرى النهر وعلى سد الطبقة”.
وأكد الوزير العراقي أن هناك مفاوضات متواصلة مع الجانب التركي بهدف حل مشكلة حصص المياه، وتفعيل بنود الاتفاقية المائية التي أقرت في عام 2021، مضيفاً أن الجانب التركي أطلق مياه دجلة لمدة شهر بعد زيارة رئيس الحكومة العراقية محمد السوداني إلى أنقرة، كما أن هناك تفاهم مع الجانب الإيراني لتطبيق وعود إطلاق المياه عبر نهر الكارون، مما يعزز منسوب المياه في شط العرب (جنوب)، وأنه تم خلال لقاء أخير مع الجانب الإيراني الاتفاق على استمرار تدفق المياه خلال فصل الصيف القادم.