التشاؤم يحاصر آفاق الاقتصادات العربية في2023

حملت تقييمات حديثة حول احتمال تباطؤ أكبر من المتوقع في نمو الاقتصادات العربية أخبارا محبطة لحكومات دول المنطقة، وخاصة البلدان محدودة الدخل، والتي وجدت نفسها تائهة بين مواجهة أزماتها المالية وحماية الناس اجتماعيا.

ومن المتوقع تشهد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تباطؤًا في النمو عام 2023، لاسيّما في الدول المصدّرة للنفط، فيما ستبقى الدول الفقيرة، خصوصًا تلك التي تشهد نزاعات كالسودان، ترزح تحت وطأة تضخّم مرتفع رغم توقّع انخفاضه.

وخفّض صندوق النقد الدولي تقديراته للنمو خلال العام الحالي إلى 3.1 في المئة مقارنةً بنحو 3.6 في المئة في تقريره السابق في أكتوبر الماضي، بعدما حققت المنطقة عام 2022 نموًّا بنسبة 5.3 في المئة.

وعزا الصندوق هذا التباطؤ إلى “السياسات الصارمة المتّبعة لحماية استقرار الاقتصاد الكلّي وخفض إنتاج النفط”.

وقلّص الصندوق تقديراته لنمو الناتج المحلي الإجمالي للدول الخليجية إلى 2.9 في المئة هذا العام من تقديرات سابقة تبلغ 3.6 في المئة.

ويعود ذلك نتيجة هبوط أسعار النفط وارتفاع حدة المخاطر التي قد تؤثر على الطلب العالمي على الطاقة، وبالتالي تأثيرات على دول الخليج المنتجة للخام.

وذكر في تقرير آفاق الاقتصاد الإقليمي أن “معظم البلدان المصدرة للنفط، يُتوقع أن تستمر في تعزيز مواردها المالية العامة، لكن مع ذلك سيظل بعضها معرضاً بشدة لتقلبات أسعار النفط”.

وتلعب الدول النفطية المنضوية تحت تحالف أوبك+ في مقدمتها السعودية دورا من أجل الحفاظ على أسعار الخام مرتفعة عبر تقليص الإمدادات إلى الأسواق العالمية بموازاة الحفاظ على استقرار الطلب.

في المقابل، توقع الصندوق أن تنتقل الدول العربية الفقيرة من انكماش بنسبة 0.6 في المئة سجّلته العام الماضي إلى نمو طفيف بنسبة 1.3 في المئة.

وقال مدير قسم الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد جهاد أزعور لوكالة الصحافة الفرنسية إنّ “تراجع النمو هو نتيجة يُقبل بها في سياق معالجة أصعب مشكلة اقتصادية نعاني منها في عدد كبير من دول العالم” وهي التضخم.

وبحسب التقرير، يُتوقع أن تبقى نسبة التضخم نفسها التي سُجّلت العام الماضي عند 14.8 في المنطقة هذا العام، بدفع من التضخم في البلدان ذات الدخل المتوسط والأسواق الناشئة على غرار مصر وتونس.

ورغم احتمال تسجيل الدول ذات الاقتصادات منخفضة الدخل، بما في ذلك اليمن والسودان وموريتانيا والصومال وجيبوتي تضخمًّا أقل عند 46 في المئة قياسا بنحو 83 في المئة العام الماضي، إلا أنّ هذا “لا يكفي بالمقارنة مع حاجات هذه الدول”، وفق أزعور.

ويشهد السودان منذ منتصف الشهر الماضي نزاعًا داميًا أجبر الآلاف على النزوح داخليًا أو اللجوء إلى الدول المجاورة وتسبب بنقص في الغذاء والمياه والكهرباء والسيولة النقدية، ما قد يؤدي إلى تغيير المعطيات الاقتصادية.

ورأى أزعور أنّه “من الصعب التكهّن خاصة أن هذا الصراع اندلع منذ فترة قصيرة ومن غير الواضح كيف سيتطور”.

وأشار إلى أن انعدام الاستقرار في السودان منذ سنوات “يجعل من الصعب المحافظة على درجة من الاستقرار الاقتصادي نظرًا إلى البنية الاقتصادية الضعيفة أصلًا” و”الأعباء الإضافية التي تسببها الأحداث الداخلية (الأخيرة) على الشعب السوداني”.

وأضاف أن “ما يمكن أن نراه في هذه المرحلة أن هناك عبئًا إضافيًا على الدول المجاورة لاستقبالها لاجئين”.

ويرجع خبراء توقعاتهم بتراجع نمو الاقتصادات العربية إلى العديد من المخاطر الناجمة عن المزيد من الضعف في أوضاع الشركاء التجاريين الرئيسيين وتشديد الأوضاع المالية العالمية، وتفاقم التوترات الاجتماعية، وعدم الاستقرار السياسي.

وتسلط كل تلك العوامل الضوء على احتمال حدوث المزيد من حالات الانكماش الاقتصادي وزيادة معدلات الفقر.

وقد يؤدي المزيد من التدهور بالأوضاع المالية أو الاقتصادية على الصعيدين العالمي والمحلي إلى دخول البلدان التي تعاني اختلالات كبيرة في اقتصادها الكلّي نَفَق الأزمات.

ويحتاج الاقتصاد العربي إلى توليد 10 ملايين فرصة عمل جديدة كل عام حتى يتصدى لمعضلة الفقر والبطالة على أن تتاح الفرص وفقا لسياسات نمو شاملة تعزز مشاركة النساء لتعزيز التنمية.

*العرب أونلاين

قد يعجبك ايضا