هل يساهم المليارديرات العرب في تخفيف الأزمة المعيشية عن شعوبهم؟
Share
مرة أخرى، يثير حديث ثروات المليارديرات في العالم بشكل عام، والعالم العربي تحديدا، شجونا لدى فقراء العالم العربي، الذين هم في تزايد، فقائمة مجلة فوربس الأمريكية لأثرياء العالم، للعام 2023 والتي نشرت قبل أيام تتضمنأسماء لعشرة مليارديرات عرب رتبتهم المجلة على أنهم الأكثر ثراء في العالم العربي.
وضمن “القائمة العربية” لأثرياء العالم، يحتفظ أثرياء من مصر والإمارات العربية المتحدة ، بالمراتب الأولى، إضافة إلى المستثمر ورجل الأعمال الجزائري يسعد ربراب، الذي يجيء في المرتبة الثانية، ويحتل المصري ناصف ساويرس، المرتبة الأولى بـ 7.4 مليارات دولار، يليه الجزائري يسعد ربراب بـ 4.6 مليارات دولار، بينما يأتي في المرتبة الثالثة، الإماراتي حسين سجواني، بثروة تصل إلى 4.5 مليار دولار، وفي الرابعة يأتي المصري محمود منصور بـ 3.6 مليار دولار، يليه مصري آخر وهو نجيب ساويرس بـ 3.3 مليار دولار.
في المرتبة السادسة يحل مستثمر إماراتي آخر، هو عبد الله بن أحمد العزير بـ 3 مليارات دولار، يليه اللبناني، ورئيس الحكومة الحالي نجيب ميقاتي بـ 2.8 مليار دولار، أما المرتبة الثامنة، فقد كانت من نصيب لبناني آخر هو طه ميقاتي بـ2.8 مليار دولار. وحل العماني سهيل بهوان، في المرتبة التاسعة بـ2.7 مليار دولار، ليختتم الإماراتي عبد الله الفطيم القائمة، في المرتبة العاشرة بـ2.4 مليار دولار.
حديث ذو شجون
ولأن أحاديث وقضايا الفقر والظلم، والعوز واللامساواة، والقهر المعيشي والاجتماعي، تفتح الشهية دوما لأحاديث الفقراء، في كافة المجتمعات فإن المناسبة جددت الحديث عن التكافل الاجتماعي والتعاطف الانساني، وغير ذلك من الأحاديث، أما مازاد من التناقضات فهو أن القائمة نشرت في وقت، تمر فيه المنطقة العربية كما يمر العالم، بأزمة اقتصادية ومالية، بسبب الحرب في أوكرانيا وارتفاع أسعار المواد االغذائية في الأسواق، بينما تشير فوربس إلى أن ثروات المليارديرات العرب تضاعفت أجمالا خلال العام 2023، واحتل أصحابها مراتب لافتة للأنظار في التصنيف السنوي.
ويفتح الحديث عن تضاعف ثروات المليارديرات العرب مجددا، نقاطا للحوار حول كيف صنع هؤلاء أموالهم؟، وهل كان قربهم من النظام السياسي عاملا رئيسيا في تكوين تلك الثروات؟ أما السؤال الأهم فهو هل يقدم هؤلاء المليارديرات العرب الدعم الكافي لمجتمعاتهم؟ عبر مشاريع غير هادفة للربح تستهدف الفقراء، وتهتم بتحسين التعليم والخدمات الصحية، المنهارة في معظم أنحاء العالم العربي.
ووفقا لعدة تقارير فإن الأثرياء العرب، لايحذون حذو نظرائهم في المجتمعات الغربية، إذ ينفق المليارديرات في المجتمعات الغربية، كثيرا على مشاريع اجتماعية، ويتبرع كثيرون منهم بملايين الدولارات للجامعات، كما يقومون ببناء مدارس والإنفاق عليها، بينما يبدو أثر الأموال التي يمتلكها المليارديرات العرب معدوما في المجتمع الذي يعيشون بين ظهرانيه.
ويعد تقرير منظمة أوكسفام الخيرية البريطانية ،عن اللامساواة في العالم، للعام 2023 كاشفا للغاية في هذا المجال، إذ يشير التقرير الذي نشر متزامنا مع انعقاد قمة دافوس الاقتصادية العالمية الأخيرة إلى أن “كل ملياردير في العالم يمثل فشلاً للسياسات العامة”. ويطالب التقرير بخفض عدد أصحاب الثروات إلى النصف، بحلول عام 2030، وفي معرض حديثه عن الوسائل يطالب التقرير بـ ” فرض الضرائب على كل ملياردير، تمهيداً لإلغاء الثروات المتراكمة على المدى الطويل”.
وكان صادما ما كشفه التقرير من أن “نسبة الواحد بالمئة من البشر، الذين يعتلون قمة الثراء في العالم، استحوذوا على ما يقارب ثلثي جميع الثروات الجديدة، التي تبلغ قيمتها 42 تريليون دولار والتي جُمعت منذ عام 2020، أي ضعف الأموال التي كسبها 7 مليارات شخص يشكلون 99% من سكان العالم”. كما أشار التقرير إلى أنه “من أصل كل 100 دولار جديد تم تحقيقها، ذهب 54.4 دولاراً إلى جيوب أكبر الأغنياء الذين يمثلون 1% من البشر، بينما ذهب 70 سنتاً فقط إلى الفئات الأفقر التي تشكل 50%، كما ذكرت المنظمة غير الحكومية”.
في الوقت نفسه أشار تقرير (أوكسفام) إلى مأساة تضاعف الفقر، في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية إذ قال ” في هذا العام نقف أمام لحظة غير مسبوقة من الأزمات المتعددة. إذ يقاسي عشرات الملايين من الناس الجوع، فيما يواجه مئات الملايين ارتفاعاً غير منطقي في تكلفة السلع الأساسية وتدفئة منازلهم. بينما هناك من يكسب كثيراً من هذه الأزمات . أصبح الأثرياء أكثر ثراء بشكل مبالغ فيه، وبلغت أرباح الشركات مستويات قياسية، وهو ما أدى إلى انفجار اللامساواة”.
الأثرياء العرب
وعلى مستوى العالم العربي، يبدو الأثرياء في وضع مختلف، إذ أنهم ووفقا لكثير من الجمهور العربي الذي تحدث لنقطة حوار، في مناسبات متعددة، غير محكومين بقوانين صارمة، فيما يتعلق بالضرائب وحقوق العمال وكما يقول كثيرون، فإن معظم المليارديرات العرب، يصنعون مليارديراتهم من عرق العمال البسطاء، الذين لا يتمتعون بحقوق عمل كالتي يتمتع بها العمال في أوربا والمجتمعات الغربية على سبيل المثال، لكن هؤلاء المليارديرات يودعون في النهاية معظم ثرواتهم في مصارف وبنوك خارج البلاد ، بينما تبدو إسهاماتهم في تطويرة وتنمية مجتمعاتهم باهتة للغاية.
ويعتبر كثيرون أن انحياز المليارديرات العرب، هو للأنظمة السياسية بالأساس، وليس للشعوب وخاصة الفقراء على المستوى العام، وكما يقول البعض فإن الأنظمة السياسية العربية، في تحالف دائم مع هؤلاء المليارديرات، وأن كل من يخرج عن إرادة النظام السياسي أو توجهاته، لن يتمكن من العمل في البلد الذي يحكمه هذا النظام، وهو مايؤدي في النهاية إلى شبكة من المصالح المتبادلة، التي تهمل اهتمامات وقضايا الناس.